لم يكتب لفيلم "المسطول والقنبلة" أن يرى النور، وظل مشروعاً قائماً لسنوات طويلة، لكنه مر بكواليس ربما لم تشهدها معظم الأعمال التي تم تصويرها.
وروى قصة الفيلم وما حدث له الكاتب الراحل مصطفى محرم، في مذكراته التي حملت اسم "حياتي في السينما" واطلعت عليها "العربية.نت".
إذ بدأت رحلة العمل، حينما أطلعه صديقه المخرج أشرف فهمي على سيناريو فيلم، مأخوذ عن قصة نجيب محفوظ الشهيرة "المسطول والقنبلة"، تلك القصة التي كتبت في ستينات القرن الماضي، وتدور أحداثها في العشرينات، وتحمل رسائل سياسية عميقة.
مرت السنوات، ولم ينفذ المخرج أشرف فهمي ذلك السيناريو، وتلقى مصطفى محرم اتصالا من أحد المنتجين، حيث أخبره المنتج بأنه حصل على حق تحويل القصة إلى فيلم سينمائي، وطلب من محرم كتابة السيناريو.
أخبره محرم أن السيناريو بالفعل لدى المخرج أشرف فهمي، لكن المنتج محمد عمارة أبلغه أن حق فهمي في القصة سقط بمرور أكثر من 5 سنوات، وقام هو بشراء القصة من نجيب محفوظ.
كتب محرم السيناريو الخاص بالفيلم، ورشح المنتج محمد هنيدي كي يقوم بدور البطولة، لكنه لم يرحب بالأمر، وتهرب من الرد على اتصالات المنتج، كما رفض عدد كبير من ممثلي الكوميديا تقديم الفيلم، فيأس المنتج وترك المشروع.
ظل السيناريو حبيسا، حتى تولى المنتج الراحل ممدوح الليثي رئاسة جهاز السينما في مدينة الإنتاج، وطلب من محرم أن يقدم له مشروعا سينمائيا، فعرض عليه سيناريو "المسطول والقنبلة".
اشترى الليثي حقوق القصة من نجيب محفوظ مقابل 200 ألف جنيه مصري، وهو رقم ضخم للغاية، بعد أن كانت القصة قد بيعت لأشرف فهمي مقابل 5 آلاف جنيه ولم يقدمها، وبعدها بيعت لصالح عمارة مقابل 40 ألف جنيه ولم يقدمها أيضا، لتباع للمرة الثالثة.
طلب المنتج الجديد من الكاتب أن يكون السيناريو بأحداث معاصرة، لأن عادل إمام هو من سيقوم بالبطولة، بعدما عبر عن إعجابه بالسيناريو الأول الذي كانت أحداثه تدور في عشرينات القرن الماضي.
وقع اختيار محرم على سعيد مرزوق كي يتولى إخراج الفيلم، لكن مرزوق لم يكن متحمسا للعمل مع عادل إمام، بسبب خلاف بينهما، وأدركا تأثير ذلك حينما اعترض عادل إمام على السيناريو المرسل إليه، وعلموا بعدها أنه لا يريد أن يعمل في الفيلم، فجرى ترشيح أحمد مكي لكنه لم يجب على اتصالات المنتج.
غادر سعيد مرزوق منصبه كمخرج، وطلب منه ممدوح الليثي أن يرد المبلغ الذي حصل عليه لكنه رفض، فتم خصم المبلغ من أجر مصطفى محرم باعتباره صاحب الترشيح.
استعان محرم بالمخرج محمد فاضل، الذي أجرى تعديلات على السيناريو، فأخبرهم المنتج أنه سيحصل على موافقة الرقابة، لكن الرقابة بدورها أرسلت السيناريو إلى جهاز أمن الدولة وجهاز المخابرات العامة.
وجاء الرد صادما، حيث رفض السيناريو من قبل الأجهزة الأمنية، وتم إبلاغ صناع الفيلم، بأنه في حال تم تنفيذ السيناريو سيتم التحفظ على الفيلم.
غادر محمد فاضل منصبه كمخرج، وتم ترشيح محمد خان للقيام بالمهمة، وعقد بالفعل اجتماعات مع مصطفى محرم للاستقرار على سيناريو جديد للفيلم، واختار لبطولته آسر ياسين.
ووقعت بعدها ثورة الخامس والعشرين من يناير، ليغادر ممدوح الليثي منصبه كرئيس لجهاز السينما، ولم يحدث أي جديد تجاه الفيلم الذي ظل مصيره غامضا ولم ينفذ.