منذ منتصف الثمانينيات، كانت بوادر قرب سقوط الاتحاد السوفيتي جلية. فمنذ تولي ميخائيل غورباتشوف القيادة سنة 1985 خلفا لقسطنطين تشيرنينكو (Konstantin Chernenko)، برزت العديد من العيوب بالنظام السوفيتي. فتزامنا مع إرساء غورباتشوف لسياستي البيريسترويكا لإصلاح الاقتصاد والغلاسنوست حول الشفافية والحريات، ظهرت للعالم حقيقة تأخر الاقتصاد والتجارة بالاتحاد السوفيتي. فضلا عن ذلك، برزت للمواطنين السوفييت حقيقة تواجد عدد هام من المسؤولين الفاسدين بالإدارة السوفيتية.
وبهذه الفترة التي تزامنت مع احتضار الاتحاد السوفيتي، استضافت العاصمة الأميركية واشنطن قمة جمعت بين الرئيس الأميركي رونالد ريغن ونظيره السوفيتي ميخائيل غورباتشوف. فبعد النجاح الذي حققته قمة ريكيافيك (Reykjavik) بإيسلندا قبل عامين، اتجه ريغن وغورباتشوف لإجراء لقاء آخر لمناقشة مسائل أخرى تعلقت أساسا بالصواريخ النووية متوسطة المدى والأزمات الداخلية والخارجية التي أثارت بالسابق بعض التوتر بين البلدين.
إلى ذلك، مثلت هذه القمة أمرا مهما بالنسبة للرئيس الأميركي رونالد ريغن حيث احتاج الأخير لها لتحسين صورته بسبب المشاكل الاقتصادية التي أثرت على شعبيته بالشارع الأميركي. من جهة ثانية، كانت سياسات ريغن قد تعرضت، خلال فترته الرئاسية الثانية، لانتقادات من قبل عدد من المحافظين بحزبه من أمثال ريتشارد نيكسون، ووزير الخارجية السابق هنري كيسنجر.
وبنفس السياق، واجه القائد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف العديد من المصاعب على الصعيد الداخلي حيث أثارت البيريسترويكا والغلاسنوست انتقادات واسعة تجاه سياسته وإصلاحاته التي عجزت عن تحقيق أية نتائج تذكر.
وقبل انعقاد القمة، سافر وزير الخارجية الأميركي جورج شولتز (George P. Shultz) لموسكو ليلتقي بالمسؤولين السوفييت بهدف الحديث عن شروط معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى. لاحقا، توجه وزير الخارجية السوفيتي إدوارد شيفرنادزه (Eduard Shevardnadze) نحو واشنطن لوضع اللمسات الأخيرة للمعاهدة قبل اللقاء المرتقب بين ريغن وغورباتشوف.
يوم 8 كانون الأول/ديسمبر 1987، حل القائد السوفيتي غورباتشوف بالعاصمة الأميركية واشنطن ليجتمع في حدود الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة صباحا بنظيره الأميركي بالبيت الأبيض. وبهذا الحوار، ناقش الطرفان مواضيع تعلقت بحقوق الإنسان والهجرة والعلاقات بين الدولتين وسياسة التسلح.
وفي حدود الساعة الثانية والنصف مساء، اجتمع ريغن وغورباتشوف مجددا لمناقشة التحكم بالأسلحة التقليدية والكيمياوية. وقد انتهت هذه المشاورات يومها بتوقيع معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى التي حظرت الصواريخ الباليستية النووية والتقليدية التي تطلق من الأرض والصواريخ المجنحة وقاذفات الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر.
باليوم التالي، التقى ريغن وغورباتشوف بأسطورة البيسبول الأميركي جو ديماجيو (Joe DiMaggio) وقدما له كرة بيسبول موقعة من طرفيهما. لاحقا ناقش الرئيس الأميركي ونظيره السوفيتي مسألة مبادرة الدفاع الإستراتيجي ومعاهدة الصواريخ المضادة للباليستية، كما تطرقا أيضا لمسألة التواجد السوفيتي بأفغانستان والحرب العراقية الإيرانية.
وباليوم الأخير من القمة، ناقش الطرفان عددا من المسائل الأخرى التي تعلقت بفيتنام وكمبوديا وكوريا الشمالية واتفاقيات جنيف.
خلال العام 2019، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية خروجها من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، حيث تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خروقات روسية.
إلى ذلك، شكك العديد من الخبراء في ذلك وتحدثوا في المقابل عن انسحاب الرئيس الأميركي منها لمواجهة سياسة التصنيع العسكري الصينية حيث لم تكن جمهورية الصين الشعبية طرفا موقعا على هذه المعاهدة.