آخر الأخبار

من منصة مغلقة إلى بيئة ابتكار.. ماذا بعد فتح نماذج "آبل"؟

شارك

مع إطلاق "آبل إنتليجنس" (Apple Intelligence) في عام 2024، وتحديثاتها المتتالية في 2025، أصبحت " آبل " لاعبة رئيسية في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على الخصوصية والكفاءة.

وخلال فعاليات مؤتمر المطورين هذا العام، انتقلت الشركة إلى مرحلة جديدة من خلال إعلانها عما تسميه إطار عمل "النماذج الأساسية" (Foundation Models).

ويتيح إطار العمل هذا للمطورين الاستفادة من نماذج الذكاء الاصطناعي المدمجة في الجهاز التي تطورها "آبل" من أجل تحسين التجارب حتى في وضع عدم الاتصال بالإنترنت.

وتقدم هذه النماذج كجزء من "آبل إنتليجنس"، وهي مجموعة نماذج "آبل" التي تشغّل عددا من ميزات وقدرات نظام "آي أو إس" (iOS).

وتعيد هذه الخطوة تشكيل قواعد المنافسة داخل نظام التطبيقات، حيث تقلل تكاليف البنية التحتية للمطورين، وتفتح مسارات جديدة لتسعير المزايا داخل التطبيقات، وتسرّع إطلاق المزايا الذكية المتخصصة، مع رفع سقف المنافسة على الخصوصية والتجربة المدمجة.

مصدر الصورة تختلف الإستراتيجية المعلنة للشركة المصنعة لهواتف "آيفون" جذريا عن نهج السحابة أولا المعتمد في الصناعة (شترستوك)

النماذج المدمجة في الجهاز

تختلف الإستراتيجية المعلنة للشركة المصنعة لهواتف "آيفون" جذريا عن نهج السحابة أولًا المعتمد في الصناعة، حيث راهنت "آبل" على توفير قوة الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على الخصوصية من خلال نهج المعالجة في الجهاز.

ويعني هذا أن البيانات، مثل الرسائل والصور وسجلات الصحة، لا تغادر الجهاز، مما يضمن أن الذكاء يتمتع بالسياق الشخصي العميق اللازم ليكون مفيدا دون جمع بيانات المستخدمين.

ومع إصدار "آي أو إس 26" (iOS 26) و "آيباد أو إس 26″ (iPadOS 26) و"ماك أو إس 26" (macOS 26) هذا الشهر، أصبح من الممكن الاستفادة من النموذج المدمج في الجهاز من أجل بناء ميزات ذكية تعمل دون اتصال بالإنترنت، ومع حماية قوية للخصوصية.

إعلان

وعلى سبيل المثال، إذا كنت تستعد لامتحان، فإن بالإمكان إنشاء اختبار مخصص من الملاحظات لجعل الدراسة مشوقة.

وبفضل استخدام نماذج مدمجة في الجهاز، فإن ذلك يحدث دون الحاجة إلى تكاليف واجهة برمجة التطبيقات السحابية.

وتمتلك "آبل" نموذجين لغويين يشغّلان مميزات "آبل إنتليجنس" عبر أجهزتها وخدماتها، وهما نموذج خادم قابل للتطوير ونموذج مدمج في الجهاز.

ويجمع نموذج الخادم القابل للتطوير بين توازي المسارات والحوسبة المتفرقة لمزيج الخبراء والاهتمام العالمي والمحلي المتداخل لتقديم جودة عالية بتكلفة تنافسية عبر منصة "الحوسبة السحابية الخاصة" (Private Cloud Compute).

في حين أن النموذج المدمج في الجهاز مزود بما يصل إلى 3 مليارات معلمة تقريبا، وهو محسن للعمل عبر شريحة "آبل سيليكون" (Apple Silicon) من خلال ابتكارات تساعد في خفض استهلاك الطاقة وزمن الاستجابة.

ويسمح تصميم النموذج المدمج في الجهاز بتوفير أداء سريع وخصوصية أفضل، ويعمل ضمن حالات استخدام محددة، مثل تلخيص الرسائل، أو إعادة الصياغة، وهو ممتاز لميزات تحسين تجربة المستخدم.

مصدر الصورة دراسة مرتبطة بشركة "آبل" أشارت أن منظومة متجر "آب ستور" سهلت في عام 2024 عمليات بيع بقيمة تقارب 1.3 تريليون دولار حول العالم (غيتي)

تأثير فتح النماذج في اقتصاد التطبيقات

يؤثر فتح النماذج في نمو سوق تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث تشير التقديرات إلى حدوث نمو قوي في هذه السوق بمعدلات نمو سنوية مركبة تتراوح في تقارير مختلفة بين 25% و 30% حتى 2030، مع سيناريوهات تصل إلى مئات المليارات خلال العقد القادم.

وتعزز هذه الأرقام فرضية أن إتاحة "آبل" إمكانية الوصول إلى نماذجها قد تسهم بنسبة كبيرة في إعادة توجيه جزء من هذا النمو نحو منظومة "آي أو إس".

كما يؤثر فتح النماذج في حجم المنظومة الحالي والقاعدة الاقتصادية، حيث أوضحت دراسة مرتبطة بشركة "آبل" أن منظومة متجر "آب ستور" (App Store) سهلت في عام 2024 عمليات مبيعات بقيمة تقارب 1.3 تريليون دولار حول العالم.

وتوضح هذه الأرقام أن أي إضافة تقنية مركزية، مثل الوصول إلى نماذج "آبل"، قد تؤثر في نموذج إيرادات المطورين والاشتراكات داخل التطبيق والمبيعات الرقمية والإعلانات والخدمات المضافة.

وإلى جانب ذلك، هناك مجموعة من الآثار المباشرة، مثل خفض تكاليف التشغيل وتسريع الابتكار المخصص وظهور نماذج تسعير جديدة.

وفي ظل إمكانية تنفيذ الاستدلال محليا، فإن الاعتماد على البنية السحابية المرتفعة التكاليف يقل، الأمر الذي يخفض مصاريف التشغيل ويزيد إمكانية دخول الشركات الناشئة التي لم تعد مجبرة على استثمار كبير في سحابات معالجة نصية. هذا يمكّن من تجريب ميزات ذكية داخل التطبيقات بوتيرة أسرع.

ومن المرجح رؤية نمو في نماذج التسعير الجديدة، ويشمل ذلك ميزات الذكاء الاصطناعي المدفوعة بصفتها حزمة ذكاء اصطناعي، والاشتراكات الذكية، والتراخيص الداخلية للشركات.

وتفتح هذه المقاربات مصادر دخل مباشرة للمطورين وتعيد توزيع القيمة داخل قنوات "آب ستور"، حيث إن أي تحسين تقني محوري قد ينعكس سريعا على مقاييس الإيرادات الإجمالية.

مصدر الصورة فتح نماذج "آبل" ليس مجرد تحديث تقني، بل يعد تحولا اقتصاديا في صناعة التطبيقات وتغييرا هيكليا من ناحية خفض تكاليف، ورفع مستوى الخصوصية (شترستوك)

فرص قابلة للاستثمار

تؤكد "آبل" أن رؤيتها قائمة على جعل الذكاء الاصطناعي خاصا وآمنا وفعالا، حيث إن النموذج الذي أتاحت تشغيله محليا مصمم لمعالجة المهام في الجهاز دون الحاجة إلى إرسال بيانات المستخدم إلى خوادم سحابية، مما يحمي الخصوصية.

إعلان

كما يمنح النموذج المطورين إمكانية الوصول إلى قدرات الذكاء الاصطناعي العالية الأداء دون تكلفة تشغيلية إضافية لكل استدعاء سحابي، حيث إنه متاح دون اتصال بالإنترنت.

ويصبح بإمكان مطوري القطاعات المتخصصة، مثل الصحافة والتعليم والأدوات الانتاجية، توظيف قدرات "آبل إنتليجنس" المدمجة لتحسين الوظائف دون بناء نماذج من الصفر.

ونتيجة لذلك، يعمل المطورون على تحديث التطبيقات لتشمل ميزات مدعومة بنماذج الذكاء الاصطناعي المحلية من "آبل"، حيث تستطيع هذه الميزات المحلية تحسين جودة الحياة بشكل كبير بدلا من إدخال تغييرات كبيرة على طريقة عمل التطبيق.

وقد تظهر العديد من الفرص والإمكانات الملموسة، ويشمل ذلك تطبيقات الإنتاجية المدعومة بالذكاء الاصطناعي والأدوات الذكية لتحرير الصور والفيديو والتطبيقات الصحية والطبية المتخصصة والتجارب المدمجة لجهاز "فيجين برو" (Vision Pro).

مصدر الصورة يبقى للمطورين حرية اختيار المسار المرغوب، إما الخصوصية والتكامل مع "آبل"، أو القوة السحابية مع "غوغل"، أو المرونة والتخصيص مع "ميتا" (شترستوك)

"آبل" مقابل "غوغل" و "ميتا".. من يملك الأفضلية؟

تعتمد إستراتيجية "آبل" على الخصوصية المدمجة والتشغيل الافتراضي عبر الجهاز مع خيار الانتقال إلى منصة "الحوسبة السحابية الخاصة"، الأمر الذي يمنحها ميزة تنافسية في الخصوصية والتكامل، ولكن يحد قدرتها التقنية في بعض مهام النماذج اللغوية الكبيرة.

في حين تعتمد إستراتيجية " غوغل " على مزيج هجين يجمع بين نموذج "جيميناي نانو" (Gemini Nano) في الجهاز والنماذج الأكبر السحابية، مثل "جيميناي برو" (Gemini Pro) و "جيميناي فلاش" (Gemini Flash)، وتركز "غوغل" على قابلية الدمج مع خدماتها السحابية ومنتجاتها، مما يمنحها مرونة وقدرة على تقديم نماذج أقوى بسرعة أكبر، ولكن بمستوى خصوصية مختلف.

بينما تعتمد إستراتيجية "ميتا" على نهج أكثر انفتاحا، حيث تقدم نماذج مرنة ومفتوحة نسبيا بأحجام مختلفة من خلال سلسلة نماذج "لاما" (Llama) وواجهات برمجة التطبيقات، وتناسب هذه النماذج الحوسبة المحلية ومتطلبات التخصيص العالية للمطورين الباحثين عن مرونة التحكم وحرية التخصيص والسيطرة على البيانات.

ويعني هذا التباين وجود خيارات متنوعة للمطورين، ويعتمد الاختيار على موازنة الخصوصية مقابل القدرة الحاسوبية والحرية، حيث تقدم "آبل" منصة آمنة ومتكاملة مع حوافز لتجربة الذكاء الاصطناعي محليا، في حين تقدم "غوغل" القدرة السحابية والتكامل الخدمي، بينما تقدم "ميتا" مرونة النماذج وحرية التخصيص.

ختاما، فإن فتح نماذج "آبل" ليس مجرد تحديث تقني، بل يعد تحولا اقتصاديا في صناعة التطبيقات وتغييرا هيكليا من ناحية خفض تكاليف الاستدلال، ورفع مستوى الخصوصية، وإيجاد سوق ميزات ذكية جديدة، حيث يعيد الذكاء الاصطناعي في الجهاز رسم قواعد اللعبة.

وبينما تسعى "غوغل" إلى تعزيز تفوقها السحابي، و"ميتا" إلى قيادة المشهد المفتوح المصدر، يبقى للمطورين حرية اختيار المسار المرغوب، إما الخصوصية والتكامل مع "آبل"، أو القوة السحابية مع "غوغل"، أو المرونة والتخصيص مع "ميتا".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار