آخر الأخبار

تصفيات كأس العالم: أغرب المواقف في تاريخ المنافسات

شارك
مصدر الصورة

مباراة يخوضها فريق واحد فقط، وقرار رئاسي بتجميد النشاط الرياضي، وحرب اشتعلت بسبب مواجهة كروية مصيرية… مشاهد غير تقليدية في ذاكرة التصفيات المؤهلة لبطولات كأس العالم لكرة القدم الممتدة على مدار نحو 95 عاماً.

بالطبع لم يكن اللعب في كأس العالم حلماً سهل المنال دائماً، فالمنافسات القوية في مرحلة التصفيات حالت دون تأهّل الكثير من المنتخبات للحدث الكروي الأهم.

لكنّ الأمر لم يكن دائماً متعلقاً بالكرة، فقد تسببت عوامل أخرى في حرمان العديد من البلدان من شرف المشاركة في المونديال.

السياسة، ومشقة السفر، وأسباب أخرى غير تقليدية كانت وراء غياب العديد من الفرق عن ملاعب كأس العالم.


*
*

مشقة السفر

أقيمت أول بطولة لكأس العالم عام 1930 في الأوروغواي، التي كان منتخبها وقتها من أقوى الفرق الكروية، إذ فاز بالميدالية الذهبية في دورتي الألعاب الأولمبية عامي 1924 و1928.

المونديال الأول لم يشارك فيه سوى 13 منتخباً، رغم أنّ الاتحاد الدولي لكرة القدم وجّه الدعوة لكل البلدان الأعضاء – وكان عددهم آنذاك أكثر من 40 – للمشاركة في أول بطولة لكأس العالم.

المسافة البعيدة بين أمريكا الجنوبية وقارات أوروبا وآسيا وأفريقيا حالت دون مشاركة عدد من المنتخبات في المونديال الأول، الذي فازت به الأوروغواي.

وبحسب ما جاء في كتاب "أغرب الحكايات في تاريخ المونديال" للكاتب الأرجنتيني لوثيانو بيرنيكي، فإنّ هناك تقارير تحدّثت عن أنّ مصر كانت قد أكدت عزمها المشاركة، لكنّ السلطات المصرية "لم تتمكن من العثور على الطريقة المناسبة للوصول في الموعد المحدد لمونتيفيدو والمشاركة في البطولة".

وفي مونديال 1934، ظهر نظام التصفيات المؤهلة لأوّل مرة. حتى إيطاليا، صاحبة الأرض، لم تُستثنَ من هذا الشرط، واضطرت لمواجهة اليونان لتضمن مكانها في البطولة.

فازت إيطاليا في مباراة الذهاب بأربعة أهداف دون رد، بينما لم تُقم مباراة الإياب، وهو أمر لا يزال يثير التكهنات، من بينها مزاعم عن تلقي المنتخب اليوناني مقابلاً مادياً نظير الانسحاب.

كانت تلك المرة الوحيدة في تاريخ كأس العالم التي اضطرّ فيها البلد المضيف لخوض التصفيات.

إنجلترا، واصلت عزوفها عن المشاركة بسبب خلافها مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، فيما ردت الأوروغواي على مقاطعة الأوروبيين لبطولة 1930 بمقاطعة مماثلة.

أقيمت البطولة في أجواء سياسية مشحونة، مع صعود الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا، وانتهت بفوز أصحاب الأرض باللقب.

مصدر الصورة

وفي مونديال 1938، بدا تأثير السياسة أوضح. فالمنتخب النمساوي، الذي كان قد حجز مقعده، انسحب بعد أن ضمّت ألمانيا النازية بلاده. لم تكتف ألمانيا بضمّ النمسا، بل ضمّت أيضاً عدداً من لاعبي المنتخب النمساوي إلى منتخبها.

أمّا إسبانيا، التي كان يُتوقع أن تنافس بقوة، فغابت بسبب الحرب الأهلية الدامية.

لاعبون حفاة؟

ثمّ جاءت الحرب العالمية الثانية لتتوقف البطولة 12 عاماً كاملة. وعندما عاد المونديال عام 1950، كان الموعد في البرازيل. المسافة البعيدة والتكاليف الباهظة دفعت عدة منتخبات للاعتذار عن المشاركة.

أغرب حكايات ذلك المونديال تتعلق بالهند، فقد راجت رواية تقول إنّ لاعبيها رفضوا ارتداء الأحذية وأصروا على اللعب حفاة كما فعلوا في أولمبياد لندن 1948. غير أنّ كثيراً من المؤرخين يرون أنّ السبب الحقيقي كان أبسط بكثير: السفر الطويل وقلة الإمكانات، لا تفضيل الحفاء.

ألمانيا واليابان، الخاسرتان في الحرب العالمية الثانية، حُرمتا من المشاركة بسبب ما اقترفاه البلدان في الحرب، بينما سُمح لإيطاليا، الضلع الثالث في محور هتلر، بالمشاركة.

في عام 1954 عاد المونديال إلى أوروبا، إذ استضافت سويسرا البطولة. وشهدت تصفيات مونديال سويسرا اللجوء إلى القرعة لتحديد أحد الفرق المتأهلة.

بعد أن فازت إسبانيا على تركيا بأربعة أهداف مقابل هدف، عاد الأتراك في المباراة الثانية ليحققوا نصراً صعباً بهدف دون رد.

وحيث أنّ قاعدة احتساب فارق الأهداف كعامل حسم، لم تكن قد طُبقت بعد، فقد أقيمت مباراة حاسمة في روما انتهت بالتعادل.

وعقب المباراة، كُتب على ورقتين اسم كل منتخب ووُضعتا داخل قبعة، وتمّ الاستعانة بصبي إيطالي في الرابعة عشرة من عمره، كان بصحبة والده العامل في الملعب، ليتمّ تعصيب عينيه قبل أن يسحب القرعة، التي أسفرت عن تأهل تركيا.

مصدر الصورة

إسرائيل والتصفيات

في تصفيات مونديال عام 1958، كان لتبعات الصراع في الشرق الأوسط أثر على التصفيات المؤهلة للبطولة التي أقيمت في السويد.

فبعد أن انسحبت تركيا من التصفيات لرفضها خوض المنافسة مع دول آسيا وأفريقيا، كان على المنتخب الإندونيسي مواجهة نظيره الإسرائيلي، لكنّ الإندونيسيين رفضوا اللعب في مدينة تل أبيب، بينما امتنع منتخبا مصر والسودان عن مواجهة إسرائيل بعد أقل من عامين على العدوان الثلاثي على مصر.

وهكذا بدا أنّ إسرائيل في طريقها للتأهل إلى كأس العالم للمرة الأولى، لكنّ الاتحاد الدولي لكرة القدم قرر عدم جواز تأهل أي منتخب دون خوض مباراة واحدة على الأقل في التصفيات، باستثناء حامل اللقب والبلد المضيف.

وهكذا كان على إسرائيل أن تلعب مباراتين أمام ويلز، فازت بهما الأخيرة لتتأهل للمرة الأولى في تاريخها.

غياب مصر والسودان عن تصفيات كأس العالم تكرر بعد 8 سنوات، ضمن موقف أفريقي رافض لتوزيع مقاعد المنتخبات المتأهلة، إذ لم تشارك منتخبات القارة الأفريقية في تصفيات مونديال 1966 المقام في إنجلترا، مطالبين بمقعد مضمون للقارة، وهو الأمر الذي رفضه الاتحاد الدولي لكرة القدم.

"حرب كرة القدم"

لا يكتمل الحديث عن غرائب تصفيات كأس العالم دون الإشارة إلى الواقعة التي جرت في أمريكا الوسطى عام 1969 وأدت إلى اندلاع حرب راح ضحيتها الآلاف .

خلال تصفيات مونديال 1970 في المكسيك، التقى منتخبا السلفادور وهندوراس، في ظلّ توتر كبير للعلاقات بين البلدين بسبب ترحيل هندوراس لأعداد كبيرة من العمال السلفادوريين.

فازت هندوراس في مباراة الذهاب، بينما انتصرت السلفادور في مباراة العودة، لتقام مباراة فاصلة في المكسيك انتهت بفوز السلفادور وتأهلها إلى كأس العالم.

ووصل العداء بين جماهير المنتخبين إلى حدّ ترديد هتافات تدعو إلى القتل، بحسب ما جاء في كتاب الروائي الأوروغواني إدواردو غاليانو "كرة القدم بين الشمس والظل".

مصدر الصورة

وعقب المباراة، تصاعدت المناوشات وأعمال العنف قبل أن تقوم السلفادور بغزو هندوراس.

تصفيات مونديال 1970 شهدت أيضاً انسحاب كوريا الشمالية لرفضها اللعب مع إسرائيل.

مباراة من دون فريق منافس

شهدت تصفيات كأس العالم 1974 "مباراة" غريبة، إذ لم يكن هناك غير فريق واحد على أرض الملعب، تبادل لاعبوه الكرة بعد ركلة البداية ليحرز أحدهم هدفاً، لتنتهي المواجهة غير التقليدية بتأهل أصحاب الأرض.

كان هذا المشهد العبثي انعكاساً لأجواء الحرب الباردة وتأثيرها على الساحة الرياضية.

فالمواجهة في ملحق التصفيات بين الاتحاد السوفيتي وتشيلي ترافقت مع الانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال أوغستو بينوشيه على الرئيس اليساري المنتخب لتشيلي، سلفادور أليندي، الذي كان يحظى بدعم موسكو.

وعقب مباراة الذهاب التي انتهت بالتعادل السلبي، أعلنت السلطات السوفيتية أنّ منتخبها لن يخوض مباراة العودة في عاصمة تشيلي سانتياغو، مرجعة الأمر إلى أنّ الملعب أصبح مركز اعتقال.

بعث الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بلجنة لاستطلاع ملعب المباراة، قبل أن يقرر أنّ الملعب صالح لاستضافة اللقاء، وهو ما رفضته موسكو.

وبالتالي أُقيمت المباراة في غياب الفريق السوفيتي وانتهت بعد نحو ثلاثين ثانية بفوز تشيلي بهدفين دون رد.

مصدر الصورة

قرار رئاسي

تصفيات مونديال الأرجنتين 1978 شهدت غياب السودان، وهو الأمر المتعلق بقرار الرئيس جعفر النميري في عام 1976 بتجميد أغلب النشاط الرياضي في البلاد عقب أحداث شغب في مباراة الهلال والمرّيخ.

ورغم أنّ النميري تراجع عن قراره في عام 1977، إلا أن الكرة السودانية تأثرت بشدة، إذ هاجر العشرات من اللاعبين إلى عدة دول، بحسب ما قال الصحفي السوداني كمال حامد لبي بي سي عربي.

وأقيم كأس العالم في الأرجنتين في أجواء سياسية متوترة بسبب القمع العسكري للمعارضين اليساريين، فيما عُرف بـ"الحرب القذرة"، لكن ذلك لم يمنع الأرجنتين من الفوز بالبطولة للمرة الأولى في تاريخها.

حرب وإدعاء إصابة

خلال الطريق إلى كأس العالم 1982 بإسبانيا، تسببت الحرب بين إيران والعراق في عدم خوض المنتخب الإيراني للتصفيات، ما أجهض النهضة الكروية التي شهدتها البلاد بعد مونديال 1978.

صراع عسكري آخر كاد أن يزيد من قائمة الغيابات إذ درست الحكومة البريطانية انسحاب منتخبات إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا الشمالية من البطولة نتيجة حرب الفوكلاند، لكنّ رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر رفضت الانسحاب، لتشارك المنتخبات الثلاثة.

الحرب العراقية الإيرانية لم تمنع العراق من المشاركة في تصفيات مونديال 1986، التي تمكن عبرها من التأهل لمونديال المكسيك رغم عدم لعبه أي مباراة على أرضه.

أمّا تصفيات مونديال إيطاليا عام 1990 فقد شهدت واقعة بعيدة كل البعد عن الروح الرياضية والنزاهة، أدت إلى استبعاد منتخب تشيلي من البطولة التالية.

ففي المباراة التي جمعت تشيلي بالمنتخب البرازيلي، توقّف اللعب بعد سقوط حارس تشيلي، روبرت روخاس، على الأرض والدماء تسيل من رأسه، مدّعياً أنه أُصيب بشعلة نارية أطلقها الجمهور.

انسحب على إثر ذلك المنتخب التشيلي من المباراة احتجاجاً. غير أنّ المقاطع المصوَّرة والتحقيقات أثبتت لاحقاً أنّ الحارس تعمّد جرح نفسه بشفرة حادة، وأنّ الشعلة النارية سقطت بعيداً عنه.

ومع تزايد عدد الفرق المشاركة في بطولات كأس العالم وأهمية البطولة، تراجعت الغيابات غير المتعلقة بكرة القدم، وأصبح المونديال حدثاً عالمياً متكاملاً مثار اهتمام المليارات، ما يجعل من الصعب على أي بلد عدم السعي للمشاركة فيه.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا