ورغم التحديات الاقتصادية وظروف الحصار، لا تزال قنوات التواصل بين حكومة صنعاء والقطاع الخاص قائمة وفعّالة. فهناك لجنة تنسيق مشتركة تعمل على حلّ الإشكالات والاختلالات التي قد تظهر في الإجراءات الضريبية والجمركية، وتمتلك صلاحيات واسعة لمعالجة أي خلافات.
كما تلعب الغرفة التجارية الصناعية دوراً محورياً في الدفاع عن مصالح التجار والصناعيين، وتمارس أدوات ضغط قانونية ومؤسسية لضمان حقوقهم. وهذا كله ينفي الادعاءات التي تصوّر العاصمة صنعاء بيئة غير صالحة للاستثمار أو العمل التجاري.
ورغم ما يُبث إعلامياً، إلا أن مؤشراً عملياً لا يمكن تجاهله يكشف حقيقة الوضع، فغالبية المنتجين والمستثمرين من مختلف المحافظات اليمنية، يفضّلون تسويق بضائعهم في أسواق صنعاء والمناطق الواقعة في نطاق سلطتها.
ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها: القاعدة السكانية الكبيرة التي توفّر طلباً مستمراً، وحالة الاستقرار النسبي في النشاط التجاري، إضافة إلى أن هناك بنية تنظيمية وإدارية أكثر اتساقاً مقارنة بالمناطق الأخرى.
هذا الواقع ينقض عملياً ادعاءات أن صنعاء بيئة طاردة، ويعكس حيوية الأسواق في العاصمة.
ومن المهم الإشارة إلى أن حكومة صنعاء تسير بخطوات ثابتة نحو توطين الصناعات المحلية وتعزيز الإنتاج الوطني، رغم شحّ الموارد وتراجع التمويلات، أو بمعنى أدق: انعدامها.
حيث تتبنى حكومة صنعاء مساراً واضحاً يقوم على: تشجيع خطوط الإنتاج الصغيرة والمتوسطة، ودعم بدائل الاستيراد لخفض الاعتماد على الخارج، وبناء قدرة إنتاجية تمهّد تدريجياً للاكتفاء الذاتي.
وبرغم بطء العملية نتيجة الظروف الحاصلة، إلا أنها تسير وفق رؤية اقتصادية تراكمية تعطي نتائج متنامية على المدى المتوسط.
في المقابل، تبدو المفارقة أكثر وضوحاً في مناطق سيطرة حكومة عدن التي تتلقى دعماً وتمويلات خارجية ضخمة، إضافة إلى استحواذها على الجزء الأكبر من الموارد النفطية والموانئ والإيرادات.
لكنها مع ذلك لم تنجح في وقف التدهور الاقتصادي والمعيشي، ولم تتمكن من خلق بيئة استثمارية مستقرة. بل تحولت العديد من مدن الجنوب– وفق تقارير محلية ودولية– إلى بيئات طاردة للمستثمرين بسبب تدهور الخدمات وتعدد مراكز النفوذ والانفلات الأمني، وغياب الإدارة الاقتصادية الفعّالة.
إنّ تصوير العلاقة بين القطاعين العام والخاص في صنعاء على أنها أزمة خانقة لا يتجاوز كونه جزءاً من حملة إعلامية تستثمر في التضخيم لأهداف سياسية. فالعاصمة صنعاء لا تزال مركز النشاط الاقتصادي الأكبر في اليمن، وأسواقها هي الوجهة الأولى للمنتجين المحليين، فيما تستمر الحكومة بخطوات مدروسة لتعزيز الإنتاج الوطني، رغم محدودية الإمكانيات.
وفي المقابل، يقف نموذج عدن أمام اختبار حقيقي يفشل حتى الآن في تحويل موارده الضخمة إلى تحسن معيشي أو بيئة استثمارية جاذبة.
المصدر:
البوابة الإخبارية اليمنية