مشروع القرار 2801 الذي تم اعتماده من قبل مجلس الأمن، يمدد العقوبات المفروضة على اليمن بموجب القرار 2140 الصادر في فبراير 2014. وتشمل هذه العقوبات تدابير مالية وحظر سفر على أفراد من أحد أطراف النزاع، بالإضافة إلى تمديد ولاية فريق الخبراء المعني باليمن لمدة عام آخر. لكن اللافت في هذا التمديد هو التعديلات التي أضافها البريطانيون، والتي توضح نواياهم في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد التدفقات التجارية إلى اليمن.
من أبرز ما جاء في هذا المشروع هو الدعوة إلى تعزيز الرقابة على السفن في المياه الإقليمية اليمنية وأعالي البحار، بحجة الاشتباه في نقل مواد محظورة لقوات صنعاء. كما أشار القرار إلى تشديد القيود على الواردات "ذات الاستخدام المزدوج"، وهي الواردات التي يمكن أن تُستخدم لأغراض عسكرية، حسب تعبير المشروع. هذه الإجراءات تشير إلى محاولات لفرض قيود إضافية على حركة البضائع إلى اليمن، لاسيما عبر الموانئ التي تسيطر عليها حكومة صنعاء.
في حين حظي المشروع بتأييد واسع من قبل الأعضاء الـ13 في مجلس الأمن، رفضت كل من روسيا والصين دعم الصياغة الجديدة، معبرتين عن استيائهما من القرار. الموقف الروسي كان حازماً، حيث اعتبرت نائبة المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، آنا إيفستينييفا، أن القرار يحتوي على فقرات "غير متوازنة ومتحيزة"، وهو ما يعكس الانحياز لأحد أطراف النزاع في اليمن. إيفستينييفا لفتت إلى أن هذا القرار يمكن أن يمهد لتشديد العقوبات في المستقبل، وهو ما قد يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في اليمن.
أما الموقف الأمريكي، فكان أكثر وضوحاً في تأييده للإجراءات التي تعزز من مراقبة التدفقات التجارية إلى اليمن. السفيرة الأمريكية، دوروثي شيا، رحبت بما سمته "توصيات لتقارير حول تدفق البضائع ذات الاستخدام المزدوج"، مشيرة إلى أن هذه التوصيات ستكون "حيوية" في المستقبل. وفيما يبدو، تلمح شيا هنا إلى نية أمريكية واضحة لاستغلال هذا القرار في فرض المزيد من القيود على حركة البضائع عبر موانئ الحديدة.
من خلال لغة القرار والتصريحات الصادرة عن ممثلي الدول الغربية، يمكن استشراف نية واضحة لتوسيع نطاق الحصار على اليمن، خصوصاً على موانئ الحديدة. هذه الخطوة تتماشى مع التوجهات الأمريكية والبريطانية التي تركز بشكل كبير على تقليل تدفق السلع والبضائع إلى المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء. على الرغم من أن القرار لم يتضمن بشكل صريح بنداً يخص عمليات اعتراض السفن، إلا أن الحديث عن ضرورة تحسين تبادل المعلومات بشأن السفن المشتبه بها يفتح المجال لتكثيف التفتيش على السفن التجارية المتجهة إلى اليمن.
هذه الخطوات تأتي في سياق مطالبات أمريكية سابقة لتوسيع نطاق عمل آلية التفتيش التابعة للأمم المتحدة في البحر الأحمر، وهو ما يعني مزيداً من التدقيق في الشحنات القادمة إلى موانئ الحديدة. تزامن هذا مع مطالبات أمريكية بإنهاء عمل البعثة الأممية الخاصة بمراقبة اتفاق الحديدة، الأمر الذي قد يعزز من قدرة التحالف الذي تقوده السعودية على فرض حصار على الموانئ اليمنية.
النوايا الأمريكية والبريطانية في تشديد العقوبات على اليمن تتجاوز المسائل الأمنية العسكرية، حيث ترتبط بشكل مباشر بتوجهات سياسية تساهم في تعميق الأزمة الإنسانية في اليمن. روسيا، في اعتراضها على القرار، أكدت أن هذه العقوبات لن تسهم في تحقيق تسوية سلمية، بل قد تزيد من تعقيد الوضع. ومن وجهة نظر روسية، فإن فرض عقوبات إضافية على اليمن في هذا الوقت لا يعدو أن يكون أداة لفرض ضغط على طرف معين في النزاع، وهو ما يعزز الانقسام ويبعد الأطراف عن الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
إن تمديد نظام العقوبات على اليمن والتعديلات التي أدخلت عليه تشكل خطوة أخرى في مسار التصعيد الدولي ضد اليمن. القرار يعكس رغبة أمريكية وبريطانية واضحة في تضييق الخناق على موانئ الحديدة، وهو ما يمكن أن يُفهم كجزء من استراتيجية أكبر لفرض مزيد من القيود على التجارة والبضائع المتجهة إلى اليمن. ورغم اعتراضات روسيا والصين، يبدو أن القرار سيرتبط بمرحلة جديدة من التصعيد الدولي في اليمن، وهو ما قد يعيق التقدم نحو تسوية سلمية حقيقية، ويزيد من الأعباء الإنسانية على الشعب اليمني.
المصدر:
البوابة الإخبارية اليمنية