هذا السخط ليس مجرد رد فعل محلي منعزل، بل هو جزء من إدراك أوسع لدى قطاعات من الشعب اليمني لوجود نمط إقليمي لتدخلات الإمارات عبر وكلاء مسلحين، وهو ما يهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي والسيادة الوطنية اليمنية.
ربط الأدوار: اليمن، غزة، والسودان:
التحول النوعي في هذا الغضب يكمن في ربط النشطاء والشخصيات الاجتماعية اليمنية بين الانتهاكات التي مارستها الفصائل المدعومة من أبوظبي في اليمن وبين الأدوار التي تلعبها مليشيات مدعومة إماراتيًا في ساحات صراع عربية أخرى، وتحديداً فلسطين والسودان. هذا الربط خلق قناعة متزايدة بأن ما يحدث في اليمن ليس بمعزل عن أجندة إقليمية أوسع.
أصبح السرد الشعبي يركز على أن الإمارات تستخدم هذه الفصائل كـ"أدوات" لتنفيذ سياسات تخدم في النهاية مصالح أمريكية وإسرائيلية في المنطقة. ويُساق لذلك أمثلة محددة:
في غزة: الإشارة إلى "عصابة ياسر أبو الشباب" المدعومة إماراتيًا وتورطها المزعوم في جرائم ضد المدنيين الفلسطينيين.
في السودان: التذكير بدور وقوات الدعم السريع في ارتكاب "الفظائع" ضد الشعب السوداني بدعم إماراتي مباشر، مع الإشارة إلى استخدام هذه القوات نفسها في عدوان سابق على اليمن.
هذا الترابط في الأدوار يكشف، بحسب المراقبين، عن استراتيجية متكاملة تهدف إلى إضعاف الدول وتمزيق نسيجها الوطني عبر الاعتماد على قوى غير نظامية تخدم مصالح خارجية. بالنسبة لليمنيين الذين عانوا من سنوات من الصراع والانتهاكات على يد هذه الفصائل، فإن هذه الأمثلة الخارجية تؤكد المخاوف المحلية.
ـ المطالب الشعبية: حماية السيادة ومنع التكرار:
الغضب المتصاعد يترجم إلى دعوات شعبية وحملات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي تطالب بالعمل الفوري والجاد لإنهاء نفوذ هذه الفصائل بالكامل ومنع تواجدها على الأراضي اليمنية. الدافع الأساسي لهذه الدعوات هو حماية السيادة الوطنية ودرء خطر تكرار السيناريوهات المأساوية والمميتة التي تشهدها حالياً دول مثل غزة والسودان.
يرى اليمنيون في ما يسمى "النموذج السوداني" خطراً داهماً، حيث يؤدي دعم المليشيات غير النظامية إلى حرب أهلية واسعة وفوضى مدمرة. الدعوة لـ"رفض أي وجود" لهذه القوى هي محاولة استباقية لمنع اليمن من الانزلاق إلى مستنقع التقسيم والصراع الداخلي الممول خارجياً.
ـ الكشف عن التحالفات: إسرائيل والإمارات كدليل:
مما زاد من حدة السخط الشعبي هو تكشف الحقائق بشأن التعاون بين الإمارات و"إسرائيل"، وخصوصاً في سياق العدوان على غزة. يرى النشطاء في هذا التعاون "دليلاً واضحاً" على توجهات أبوظبي السياسية التي تتعارض مع المصالح والقضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. هذا الكشف يُعمّق الشعور بأن الفصائل المدعومة إماراتياً في اليمن هي مجرد أدوات لتنفيذ أجندة معادية للمصالح اليمنية والعربية الأوسع. إن ربط ممارسات الفصائل المحلية بالتحالفات الإقليمية المشبوهة يعطي الغضب الشعبي بعداً قومياً وأخلاقياً أعمق.
ـ الخلاصة والتحدي المستقبلي:
يُظهر تصاعد السخط الشعبي في اليمن تحولاً من مجرد رفض لوجود فصائل محلية إلى إدانة شاملة لنموذج التدخل الإقليمي الإماراتي عبر الوكلاء المسلحين. هذا الوعي المتزايد، الذي يربط بين الصراعات في اليمن والسودان وغزة، يمثل دافعاً قوياً للشارع اليمني للضغط نحو إنهاء سيطرة ونفوذ هذه الكيانات. التحدي المستقبلي أمام القوى الوطنية اليمنية هو تحويل هذا الغضب والتعبئة الشعبية إلى عمل موحد ومؤثر يضمن استعادة السيادة الوطنية الكاملة ويحول دون تكرار النموذج المأساوي لتدمير الدولة الذي يجري تنفيذه عبر الوكلاء في مناطق عربية أخرى.
- نقلا عن عرب جورنال
المصدر:
البوابة الإخبارية اليمنية