وبالنظر إلى أن السعودية هي الطرف الفاعل في الحرب على اليمن والتي استمرت لأكثر من 8 سنوات، وهي المتحكم الفعلي- إلى جانب الإمارات- في قرار الأطراف المحلية المناوئة لصنعاء، وهي إلى جانب ذلك من تظهر نفسها بأنها حريصة على دعم مسار السلام وإنهاء الأزمة اليمنية، فإن توجيه صنعاء التهديد نحوها يعد رسالة قوية لبقية الأطراف التي تسعى لعرقلة التوصل إلى حل يضمن عودة السلام إلى اليمن، لاسما وأن السعودية هي من استجابت للرغبة الأمريكية في عرقلة مسار السلام كورقة ضغط لثني صنعاء عن موقفها المناصر والمساند لغزة خلال العدوان الإسرائيلي الذي استمر على مدى عامين، وهو ما يجعلها اليوم معنية أكثر من أي طرف في استئناف مسار السلام، تجنبا للتحول إلى مسار التصعيد، خاصة وأن أي ضغوط أمريكية عليها لم تعدد مبررة اليوم بعد توقف التصعيد في المنطقة ووقف صنعاء لعملياتها العسكرية المساندة لغزة.
ووفقا لتلك الاعتبارات، فإن المملكة العربية السعودية تجد نفسها اليوم أمام تحد جدي، يضعها أمام خيارين "إما السلام وإما الحرب"، وعليها أن تختار أقلهما كلفة عليها، خاصة إذا ما أخذت في الاعتبار ما شهدته موازين القوى من تغيرات خلال السنتين الأخيرتين، حيث صارت تميل لصالح صنعاء التي تضاعفت قوتها مرات عديدة، وشهدت ترسانتها العسكرية تطورا نوعيا كبيرا على جميع المستويات، بدلالة ما أسفرت عنه العمليات العسكرية التي نفذتها ضد الكيان الإسرائيلي وحلفائه خلال فترة العدوان الإسرائيلي على غزة، وكذلك المواجهات التي دارت بين قوات صنعاء والقوات البحرية الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر.
وجاءت تلك التهديدات بعد أن بدا أن السعودية والأطراف المحلية الموالية لها غير عازمين على العودة إلى طاولة الحوار، والبدء في تنفيذ المرحلة الأولى من خارطة الطريق الأممية المتفق عليها منذ العام 2022، رغم حالة الهدوء التي شهدتها المنطقة بعد وقف العدوان على غزة، وانخفاض التوتر الذي عاشته المنطقة على مدى عامين، منذ 7 أكتوبر 2023، وهو ما دفع صنعاء إلى إطلاق هذه التهديدات التي تمثل رسالة تحمل في مضامينها المزيد من الضغط باتجاه إنها حالة اللا سلم واللا حرب التي تعيشها اليمن منذ أبريل من العام 2022، وما ترتب على هذه الحالة من تداعيات على حياة ومعيشة الشعب اليمني في ظل استمرار الحصار والحرمان من استغلال الثروات والموارد في تخفيف معاناة الشعب اليمني.
وتوقف مسار السلام في أعقاب انخراط صنعاء في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة، بعد ضغوط أمريكية على السعودية، حيث حاولت أمريكا ثني صنعاء عن موقفها في دعم وإسناد غزة، من خلال مقايضة إتمام عملية السلام في اليمن، بعدول صنعاء عن موقفها المناصر لغزة، ووقف عملياتها العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي في البر والبحر، وهو ما رفضته صنعاء وأكدت لمرات عديدة أن مناصرتها وإسنادها لغزة، مسألة منفصلة تماما عن عملية السلام في اليمن، غير أن كلا من واشنطن والرياض عملتا على تجميد ملف مفاوضات السلام في اليمن، في إصرار على المقايضة به واستخدامه كورقة ضغط على صنعاء التي ظلت متمسكة بموقفها المساند لغزة حتى وقف العدوان الإسرائيلي عليها.
المصدر:
البوابة الإخبارية اليمنية