في خطوة تكشف عن تصعيدٍ عسكري منسق بين واشنطن ولندن وتل أبيب والرياض، يهدف إلى إحكام القبضة على واحدة من أهم المحافظات اليمنية المطلة على بحر العرب. التحركات الأخيرة، بحسب مصادر محلية، جاءت في إطار ترتيباتٍ مشتركة تهدف إلى إعداد خططٍ لمواجهة حالة الرفض الشعبي الواسع لأي وجودٍ أجنبي في المهرة، بعد تزايد الاحتجاجات الشعبية الرافضة للمشاريع الاستعمارية تحت عناوين "التعاون الأمني" و"مكافحة التهريب".
وتشير المعطيات إلى أن التنسيق الأمريكي–الإسرائيلي–البريطاني–السعودي تجاوز الطابع الاستخباراتي إلى ترتيبات ميدانية فعلية، إذ تؤكد المصادر أن الضباط الذين وصلوا ضمن الدفعة الأخيرة يحملون أجهزة اتصالات متقدمة وأدوات مراقبة واستطلاع جوي وبحري، وسط معلومات عن نية لإنشاء غرف عمليات مشتركة في المحافظة.
هذه التحركات تأتي بالتزامن مع سعي سعودي محموم لشراء الولاءات داخل الأوساط القبلية والسياسية، بهدف تهيئة غطاء محلي يُسهّل تمرير الوجود الأجنبي، في وقتٍ تتزايد فيه الأصوات الشعبية الداعية إلى طرد أي قوات أجنبية وإفشال المشاريع التوسعية.
ويحذر ناشطون من أن الخطوات المتسارعة في المهرة ليست سوى محاولة جديدة لإعادة إنتاج الوصاية الأجنبية على اليمن، بعد أن فشل العدوان العسكري في تحقيق أهدافه طيلة السنوات الماضية. فالمهرة، التي حافظت على استقلالها النسبي رغم محاولات الهيمنة المتكررة، تبدو اليوم في مواجهة مباشرة مع مشروع استعماري متعدد الجنسيات تقوده واشنطن وتنفذه الرياض وأبوظبي بأدوات مالية وعسكرية.
وفيما تحاول السعودية، بحسب المصادر، إضفاء غطاء "تنموي" على هذه الأنشطة عبر مشاريع ظاهرها إنساني وباطنها عسكري واستخباراتي، يواصل أبناء المهرة مواقفهم الثابتة الرافضة للتواجد الأجنبي، مؤكدين أن المحافظة لن تكون بوابة لأي احتلال جديد، وأن السيادة اليمنية خطٌ أحمر لا يمكن المساومة عليه مهما كانت الإغراءات أو الضغوط.
ويرى مراقبون أن ما يجري في المهرة هو امتدادٌ لمخططٍ أوسع يستهدف السيطرة على الممرات البحرية والموارد الطبيعية، ضمن استراتيجية استعمارية قديمة تتجدد اليوم بأدوات جديدة.
تأتي هذه التطورات في وقتٍ تشهد فيه محافظة المهرة تحركاتٍ واسعة يقودها الشيخ علي سالم الحريزي، أحد أبرز الرموز الوطنية المناهضة للوجود الأجنبي في الشرق اليمني، رفضًا لمحاولات السعودية الدفع بقوات ما يسمى “درع الوطن” إلى داخل المحافظة تحت ذرائع واهية.
الشيخ الحريزي شدّد في تصريحات متكررة على أن ما يجري في المهرة لم يعد يقتصر على تدخلٍ محدود أو تعاونٍ أمني، بل تحوّل إلى مشروع احتلال طويل المدى، تنفّذه السعودية بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني، بهدف السيطرة الكاملة على الموانئ والمنافذ البرية والبحرية وتنفيذ مشاريع استراتيجية تخدم أجندات استعمارية لا علاقة لها بمصالح اليمنيين.
وأكد الحريزي أن أبناء المهرة لن يقبلوا بأي وجود أجنبي على أرضهم، وأن محاولات الرياض لنشر “درع الوطن” ليست سوى غطاء لإحلال قواتها وأجهزتها في مفاصل المحافظة، محذرًا من فخ الصراعات الداخلية التي تُرسم بعناية لتمزيق النسيج الاجتماعي وتمرير الأجندات الخارجية.
وأشار إلى أن التحالف يسعى لاستغلال بعض الشخصيات المحلية عبر المال والوعود السياسية لتبرير وجوده، في حين أن الهدف الحقيقي هو إحكام السيطرة على الجغرافيا الاستراتيجية للمهرة الممتدة على بحر العرب، واستخدامها كورقة ضغط في الصراع الإقليمي والدولي على الممرات البحرية والطاقة.
وحذر الشيخ الحريزي من خطورة انتشار القوات الأجنبية في المحافظة، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام مرحلةٍ خطيرة من الصراع والفوضى، داعيًا أبناء المهرة إلى التكاتف والتمسك بموقفهم الرافض للاحتلال، ومواصلة التحرك السلمي والشعبي لحماية الأرض والسيادة الوطنية.
المصدر:
البوابة الإخبارية اليمنية