ووفقاً للصحيفة، فقد رصدت الأجهزة الإسرائيلية توسعًا في إنتاج الطائرات المسيّرة والصواريخ بعيدة المدى داخل اليمن، إلى جانب إنشاء مواقع محصّنة وأنفاق لتصنيع وتخزين الأسلحة في مناطق نائية. هذا النموذج الجديد للدفاع الذاتي ـ كما تصفه يديعوت ـ يعكس توجهًا نحو الاعتماد على قدرات محلية لبناء منظومات تسليحية أكثر استقلالية وأطول أمدًا.
التقرير أشار إلى أنّ شعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل أنشأت وحدتين متخصصتين للتعامل مع ما تراه تحديًا متصاعدًا من قبل حركة أنصار الله. وتشمل الخطط الجديدة دراسات وتدريبات على التعامل مع سيناريوهات هجمات واسعة النطاق قد تُشن من أكثر من اتجاه في آن واحد، وليس فقط من جبهة واحدة كما في السابق.
كما أوضحت الصحيفة أنّ التهديد لم يعد يقتصر على الهجمات الصاروخية أو الطائرات المسيّرة، بل يشمل أيضًا البنية التصنيعية نفسها، والتي تتيح إمكانية شن هجمات أكثر انتظامًا وتنسيقًا. هذه المعطيات دفعت الجيش الإسرائيلي إلى تحذير صانعي القرار من أنّ بلوغ أنصار الله مستوى امتلاك مخزون كبير من الصواريخ الدقيقة سيشكّل خطرًا وجوديًا يستدعي إعادة تقييم عاجلة لمنظومات الرصد والاعتراض.
المسؤولون العسكريون الذين نقلت الصحيفة تصريحاتهم شدّدوا على أنّ التعامل مع هذا التحدي يتطلب تحضيرًا طويل الأمد، وتوسيعًا لقدرات الاستخبارات والرصد، وإعدادًا لسيناريوهات متعددة الأبعاد.
ويرى محللون إسرائيليون أنّ التحدي الجديد يتمثّل في مواجهة منظومة تسليح محلية متطورة متوزعة في مواقع سرية، لا في شحنات سلاح تقليدية يمكن رصدها أو اعتراضها بسهولة.
في هذا السياق، تحذّر المؤسسة الأمنية في تل أبيب من أنّ أي تأخّر في التعامل مع هذا التطور قد يؤدي إلى تغيّر قواعد الاشتباك في المنطقة، مشيرةً إلى أنّ امتلاك قدرات هجومية دقيقة بمدى أبعد وبوتيرة أعلى سيقيد حرية الحركة العسكرية الإسرائيلية ويضاعف الضغوط على جبهاتها الداخلية.
ردود فعل يمنية وعربية:
التقرير العبري أثار موجة تعليقات في الأوساط اليمنية والعربية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره كثيرون تأكيداً على أنّ التحولات العسكرية في اليمن باتت تفرض حضورها في معادلات الأمن الإقليمي.
مغرّدون يمنيون رأوا في اعتراف الصحيفة العبرية دليلاً على انتقال اليمن من موقع الدفاع إلى موقع التأثير الاستراتيجي، بينما ركّز محللون عرب على أن الخطاب الإسرائيلي يعكس حالة ارتباك ورغبة في تهيئة الرأي العام لمواجهة محتملة.
صحفيون وناشطون أشاروا إلى أنّ التركيز الإسرائيلي على «طوفان الأقصى – نسخة صنعاء» يعبّر عن خشية حقيقية من مفاجآت مستقبلية، خصوصاً في ظل تجارب سابقة أظهرت أن التحولات الميدانية يمكن أن تسبق التقديرات الاستخباراتية.
وفي المقابل، دعا بعض المعلقين إلى قراءة هادئة للتقرير، معتبرين أنّ الصحافة العبرية قد تبالغ في تصوير التهديد لتبرير سياسات أمنية وعسكرية جديدة.
خلاصة:
إسرائيل، بعد صدمة هجوم أكتوبر/2023، تسعى اليوم إلى عدم تكرار المفاجآت نفسها. لذا تعكف حاليًا على تحديث خططها الدفاعية والهجومية، وبناء تصورات جديدة تستبق تطورات قد تجعل من اليمن لاعبًا فاعلاً في معادلة التوازنات الإقليمية، خصوصًا في ظل الاعتماد على قدرات إنتاج محلية سرّية يصفها الخبراء بأنها “تغيير في قواعد اللعبة” بالنسبة لتل أبيب.
- نقلا عن عرب جورنال