آخر الأخبار

بين غزة ولبنان واليمن.. الأمة تتآكل من الداخل وعواصم التطبيع تهندس السلام على مقاس الاحتلال

شارك

ما يحدث في غزة ليس مجرد حرب، بل مشروعٌ ممنهج لتجريد شعبٍ من مقومات الحياة، أمام سمع وبصر العالم، وبتواطؤ واضح ممن يدعون الدفاع عن الحقوق والعدالة، لكن موازينهم مختلّة حين يتعلق الأمر بفلسطين.

في بلاد المسلمين، تغيب المبادئ ويقدم الدين على أنه مجموعة طقوس ظاهرية، فتعاليمه تتحول من رسائل للعدل والنصرة، إلى شعائر موسمية لا علاقة لها بالواقع الجريح للأمة، فالصمت عن المجازر والدماء المسفوكة في غزة، ليس إلا إفلاساً روحياً وقيمياً لا يمكن تجميله، فالأمة مشتتة مسلوبة، لا تملك قراراً مستقلاً، بل تسبح في فلك عدوها، وتخدم مشاريعه باسم السلام والانفتاح.

في وقت تشتد جرائم الاحتلال الصهيوني، وتنقلب الموازين الأخلاقية، نجد أنظمة عربية كبرى، لا تكتفي بالتخلي عن القضية، بل تخندقت مع العدو، واختارت الاصطفاف مع من يقتل ويجوع ويهدم.

نشاطٌ محموم اليوم خلف الكواليس لتجريد المقاومة من سلاحها، وتسويق ذلك باعتباره مشروع سلام، هذا السيناريو يدور الآن في لبنان، بعدما أعلنت الحكومة نيتها المضيّ في مشروع نزع سلاح المقاومة– القرار الذي وصفه حزب الله بأنه الخطيئة الكبرى، لأنه ببساطة يُجرد البلاد من الحصن الوحيد الذي ردع العدو الإسرائيلي لعقود، ويفتح الباب على مصراعيه أمام عدوانية إسرائيلية لا تخفى على أحد.

القرار اللبناني الأخير لم يأتِ من فراغ، بل من ضغوط أمريكية، تتناغم مع المصالح الصهيونية، والهدف خلق نموذج ثانٍ لغزة في جنوب لبنان: تجويع، حصار، وتهديد دائم بالاجتياح.

لكن الأشد ألماً في ذلك، هو التصفيق العربي الذي رافق هذا القرار، عبر وسائل إعلام دول التطبيع، التي لا تخجل من الاصطفاف مع الاحتلال، ولا ترى في المقاومة إلا خطراً يجب استئصاله، وهي الرؤية نفسها للاحتلال، هذه الدول غابت تماماً عن مشهد الدم الفلسطيني، لكنها حاضرة بقوة في مشهد خيانة القضية، وتقديم الدعم للعدو.

وفي مشهد موازٍ، لا تقل خطورته، تتكثف الجهود لكسر الحظر البحري الذي تفرضه القوات اليمنية على سفن العدو، لكن هذه الجهود لا تأتي فقط من إسرائيل، بل عبر التفاف تُستخدم فيه دولٌ ذات هوية عربية، لكن هواها بالمطلق ليس عربياً، وهذا الالتفاف ليس فقط خرقاً لحظر مشروع أو بالأحرى واجب، بل هو تعبير عن ارتهان سياسي عميق، وتماهٍ كاملٍ مع المشروع الصهيوني في المنطقة.

في ظل هذه المتغيرات، يبقى السؤال: ما الذي تبقى من شرف هذه الأمة، حين تُترك غزة وحيدة، ويُحاصر اليمن، ويُجرد لبنان من مقاومته، وتُكافأ إسرائيل بالمزيد من التطبيع والدعم؟

لن يكون هناك سلام مع كيانٍ لا يعرف إلا منطق القوة، ولا يفهم إلا لغة الإذلال. وسيندم الذين ارتكبوا "الخطيئة الكبرى"، حين يكتشفون أن سلاح المقاومة لم يكن خطراً عليهم، بل هو صمام الأمان الأخير قبل أن يبتلعهم الاحتلال الصهيوني.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا