وهو الموقف الذي تفردت به اليمن عن بقية الدول العربية التي تمثل أقصى ما يمكن أن تقدمه أو تقوم به تجاه الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، هو إصدار بيان إدانة لا أكثر، حيث حملت تلك التحذيرات مؤشرات على أن صنعاء لن تتسامح مع أي تحرك داخلي أو إقليمي بهدف ضربها من الداخل وثنيها عن مواصلة عملياتها الإسنادية لغزة.
وجاء التحذير على لسان قائد حركة أنصار الله "الحوثيين" عبد الملك الحوثي، في كلمته الأسبوعية بشأن المستجدات في قطاع غزة، والتطورات الدولية والإقليمية، حيث قال: "نحذر كل من تسوّل له نفسه الوقوف مع العدو الإسرائيلي من أدوات الخيانة والغدر والإجرام".. مؤكدًا أن "موقف الشعب سيكون حازمًا وحاسمًا مع تلك الأدوات".
وأضاف في تحذيره: "على أدوات العدو الإسرائيلي أن يدركوا بأن الوضع في هذا البلد هو بهذا المستوى من العظمة والتماسك والوعي الشعبي الواسع والثبات العظيم، موقف صُلب يستند إلى هذا الوعي والإيمان والحضور". معتبرا الاستعداد والتفاعل الشعبي الواسع والحضور، يؤكد ثبات الموقف والحركة في التعبئة العسكرية والجهوزية الكبيرة التي قال إنها "ذات أهمية كبيرة جداً لمواجهة مؤامرات الأعداء على بلدنا ومساعيهم لإيقافه عن موقفه العظيم، سواء كانت مؤامرات عبر أذرع أو أدوات الخيانة في الأمة التي تناصر العدو الصهيوني وتقف معه، أو بشكل مشترك مع الأمريكي والإسرائيلي".
ودفعت صنعاء أثمانا باهظة لموقفها المساند لغزة والمناصر لشعبها المظلوم، حيث تعددت تلك الأثمان وتنوعت ابتداء من الاستهداف المباشر للأراضي اليمنية، من قبل ا العدو لإسرائيلي وأمريكا وبريطانيا، وقصف البنى التحتية والمنشآت المدنية والاقتصادية، أو من خلال الحصار بعد ضرب مطار صنعاء وموانئ الحديدة أو العقوبات والضغوط الأمريكية المختلفة، وفي مقدمتها عرقلة عملية السلام، ومنع أي تقدم في الحل السياسي في اليمن، والسعي لتفجير الوضع مجددا وعودة المواجهات العسكرية، بما يطيل أمد معاناة الشعب اليمني جراء الحرب والحصار وتداعياتهما على كافة المستويات، وهي أثمان كانت مستعدة لها منذ الإعلان عن موقفها المساند للمقاومة الفلسطينية والمناصر للشعب الفلسطيني في غزة.
غير أن أي تحرك داخلي مناهض لصنعاء بدعم من الخارج، بهدف ثنيها عن ذلك الموقف الذي قدمت في سبيله الكثير من التضحيات ودفع الشعب اليمني الأثمان الباهظة التي ترتبت عليه، سيمثل خدمة للكيان الإسرائيلي، وطعنة لغزة ولقضيتها العادلة ومقاومتها الباسلة، وهو أمر لن تتساهل أمامه ولن تسمح به وستكون له تبعات خطيرة على أي طرف يتبناه أو يشارك فيه، بحسب ما تشير إليه تصريحات قيادات عسكرية وسياسية في صنعاء.
واتخذت صنعاء المتقدم في مناصرة غزة وإسناد مقاومتها منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، فيما ساد الصمت من قبل الأنظمة العربية طوال قرابة عامين من الجرائم والإبادة الجماعية والحصار والتجويع بحق الشعب الفلسطيني في غزة، حيث انخرطت صنعاء في المواجهة منذ الأيام الأولى لها، إسنادا للمقاومة الفلسطينية وانتصارا للمظلومية الواقعة على أكثر من مليوني فلسطيني هم سكان قطاع غزة، ونفذت مئات العمليات العسكرية التي طالت عمق الكيان الإسرائيلي ولاتزال، مشكلة مصدر قلق وضغط على العدو، ناهيك عن الحظر البحري، ومنع الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي ومنطقة باب المندب، والذي كان له الأثر الكبير على الاقتصاد الإسرائيلي ولا تزال تأثيراته تتفاقم يوما بعد آخر، منذرة بخسائر كبيرة.
وأعلنت قوات صنعاء مطلع الأسبوع تصعيد عملياتها العسكرية الإسنادية ضد إسرائيل وبدء تنفيذ المرحلة الرابعة من الحصار البحري على الملاحة الإسرائيلية، والتي تشمل كافة السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية بغض النظر عن جنسية هده الشركة، وفي أي مكان تطاله أيديها، مؤكدة أن هذا التصعيد يأتي كرد على استمرار المجازر الإسرائيلية الوحشية والمروعة في غزة، والحصار والتجويع الذي يمارسه الكيان الإسرائيلي ضد سكان القطاع.