آخر الأخبار

تعافي الريال في عدن بدون إصلاحات .. فخ اقتصادي أم مؤامرة سوق ؟

شارك

المؤشرات الاقتصادية في عدن وجميع مناطق الشرعية لا تشي بأي تحول جذري يمكن أن يبرر هذا التحسن المفاجئ للعملة. فالإيرادات العامة لا تزال تستنزف ولا تورد إلى الخزينة العامة، وملف تصدير النفط– المورد الرئيسي للعملة الصعبة– لا يزال مغلقاً، ولا توجد ميزانية للدولة، كما أن البنك المركزي بعدن لا يمارس أي دور رقابي أو تدخل حقيقي في السوق.

المنطق الاقتصادي يقتضي أن تحسن قيمة العملة يجب أن يكون ناتجاً عن زيادة في الاحتياطات الأجنبية، أو تحسن في الميزان التجاري، أو على الأقل إجراءات رقابية وشفافية مالية، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وحتى الآن يبدو الأمر كتحرك ناتج عن مضاربات مالية بحتة، أو عن توجيهات عليا مرتبطة بتوازنات سياسية مؤقتة لا علاقة لها بالواقع المعيشي أو المالي للمواطن.

ما يُعزز الشكوك هو الغياب التام لأي توضيح رسمي مهني من حكومة الشرعية أو البنك المركزي في عدن، بشأن أسباب هذا التعافي.

غياب الشفافية في ملف بهذه الخطورة، يفتح الباب أمام الشارع للتكهنات، بأن ما يجري هو تلاعب متعمد بأسعار الصرف، هدفه الأساسي امتصاص مدخرات الناس أو خلق بيئة وهمية للاستقرار، تُستخدم لاحقاً في تمرير قرارات سياسية أو اقتصادية معينة.

ويرى مراقبون أن من يدفع الثمن في هذا التعافي غير المفهوم هم أصحاب الديون والمقترضون بالريال اليمني، حيث يجدون أنفسهم ملزمين بسداد ديونهم بسعر صرف أقل من وقت الاقتراض، ما يضاعف قيمة الدين فعلياً ويحول المديونية إلى عبء أكبر.

وكذلك المواطن البسيط الذي يسحب من مدخراته ويكتشف أن السوق انقلب فجأة لصالح الريال، ما يعني خسارة فادحة لقيمة ما صرفه من عملة صعبة، كما يدفع الثمن الاقتصاد ككل، كونه يفتقر إلى الاستقرار، وبالتالي فإن تعافي العملة بدون بنية تحتية مالية مستقرة هو بمثابة انفجار مؤجل، سيأتي على شكل قفزة صاروخية جديدة في أسعار الصرف بمجرد أن تنضب مفاعيل هذا التلاعب المؤقت.

ما لم تُقدِم الحكومة والبنك المركزي على كشف تفاصيل ما يجري، فإن استمرار الغموض يعني استمرار العبث بحياة الناس ومدخراتهم. على الشرعية- بكل مؤسساتها- أن تكون شجاعة وتكشف للرأي العام: هل ما يجري نتاج خطة اقتصادية، أم هناك دعم خارجي مشروط، ومن يضخ العملة الصعبة في السوق وما أهدافه، وما مصير الإيرادات العامة ولماذا تستمر في التآكل بدون محاسبة؟

وفي حال ثبت أن ما يجري هو مجرد تلاعب مؤقت بسعر الصرف، فإن على المجلس الرئاسي والحكومة أن يتحملوا المسؤولية، فالبلاد لا تحتاج إلى معجزات، بل إلى مسؤولين يحترمون عقول الناس ويستشعرون وضعهم المعيشي المتردي إلى أدنى المستويات، لكن ما يجري اليوم في ملف العملة ليس إلا انعكاساً لتعطيل المؤسسات الرسمية، وتحويل الاقتصاد إلى سوق سوداء تتحكم فيها مراكز نفوذ داخلي وإقليمي، ولا علاقة لها بمصلحة الشعب، وكما يقول مراقبون فإن التعافي الحقيقي لا يأتي من صفقات تتم خلف أبواب مغلقة، بل من الشفافية والسيادة على القرار الاقتصادي، واستعادة الإيرادات العامة لخدمة الناس لا جيوب وبطون الفاسدين.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا