آخر الأخبار

محاولة بائسة لإثبات سيطرة شكلية .. ماذا وراء نقل مؤسسة ضمان الودائع من صنعاء إلى عدن ؟

شارك

القرار الذي صدر يوم الأحد 20 يوليو، جاء متزامناً مع تدهور غير مسبوق للريال اليمني في المناطق المحررة، حيث تجاوز الدولار الواحد حاجز 2900 ريال، إلى جانب انهيار الخدمات العامة وتراجع الثقة بالمؤسسات المالية.

الخطوة التي اتخذها مركزي عدن لم تُفسَّر في الأوساط الاقتصادية إلا كإجراء شكلي يهدف لتقوية موقع البنك نظرياً، بدون أن يقدم حلولاً عملية لمعالجة الانهيار الاقتصادي المتسارع.

ويرى خبراء أن نقل مؤسسة ضمان الودائع ليس سوى محاولة لتقوية حضور عدن كمركز مالي، لكن بدون امتلاك أدوات فاعلة على الأرض، فالقرار لا يصاحبه أي ترتيبات تنفيذية واضحة أو رؤية عملية تضمن استمرارية عمل المؤسسة، التي تم إنشاؤها عام 2008 لتأمين ودائع صغار المودعين وتشجيع الثقة بالجهاز المصرفي.

مراقبون وخبراء اقتصاديون اعتبروا الإعلان الأخير مجرد محاولة فاشلة لتغطية الغياب الكامل لدور مركزي عدن في الملف المصرفي، خصوصاً حماية حقوق المودعين، الذين تتآكل مدخراتهم يومياً بسبب انهيار سعر الصرف في مناطق سيطرة الشرعية.

القرار يأتي بعد أيام من إعلان البنك المركزي بصنعاء إصدار عملة معدنية جديدة فئة 50 ريالاً، والإصدار الثاني من الأوراق النقدية فئة 200 ريال، في خطوة هدفت لمعالجة مشكلة النقد التالف في السوق، وهي خطوة عكست استجابة عملية لمعالجة مشكلات الأوراق النقدية التالفة التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، في مناطق حكومة صنعاء، ولم تشكل إضافة للكتلة النقدية كونها بديلة عن التالف، ويتضح ذلك في استقرار أسعار الصرف.

في المقابل، لم يقدم البنك المركزي في عدن أي حلول عملية سوى تحذيرات متكررة وبيانات سياسية، وسط عجز عن كبح انهيار العملة أو تأمين انتظام رواتب موظفي القطاع العام، أو حماية صغار المودعين من الخسارة الفادحة في القيمة الشرائية لمدخراتهم.

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي رشيد الحداد أن قرار مركزي عدن "غير قانوني"، مشيراً إلى أن القانون رقم (40) لسنة 2008 ينص بوضوح على أن مقر مؤسسة ضمان الودائع هو مدينة صنعاء، ولا يمكن تغييره إلا بقرار من مجلس إدارتها، لا بإجراء أحادي من محافظ البنك. وأضاف الحداد أن هناك مخاوف من أن الغرض من النقل هو السطو على ودائع البنوك العاملة في صنعاء، التي تتجاوز قيمتها– بحسب سعر صرف صنعاء– 3 مليارات دولار، بينما تتدنى قيمتها إلى خمس هذا الرقم إذا احتُسبت بسعر الصرف في عدن، موضحاً أن 1.7 تريليون ريال تمثل إجمالي الإيداعات في البنوك بسعر الصرف في عدن تساوي أقل خمس مرات من قيمتها في صنعاء.

ما بين انهيار العملة، وتصاعد الانقسام المالي، وفقدان السيطرة على السوق المصرفية، يبدو أن نقل مؤسسة ضمان الودائع إلى عدن ليس سوى محاولة لإظهار سلطة شكلية لمركزي عدن، في وقت يتفوق البنك المركزي بصنعاء ميدانياً وعملياً، حيث يمضي بخطوات محسوبة لتأمين العملة وتنظيم السوق المصرفية في نطاق سيطرته.

ومع غياب أي آلية تنفيذية واضحة لمؤسسة ضمان الودائع بعد نقلها، وتراجع الثقة بالمصارف في الجنوب، تتصاعد المخاوف من أن تكون الخطوة تمهيداً لتصفية حقوق المودعين لا لضمانها، وهو ما يهدد بمزيد من الانقسام المالي، ويعزز شعور المواطنين بعدم جدوى التعامل مع الجهاز المصرفي الرسمي في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الشرعية الموالية للتحالف.


الأكثر تداولا اسرائيل سوريا أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا