آخر الأخبار

لماذا يرفض بنك عدن إجراءات مركزي صنعاء النقدية المنقذة ؟

شارك

منذ نقل البنك المركزي إلى عدن في 2016، شهدت البلاد واحدة من أسوأ الفترات الاقتصادية في تاريخها الحديث، فالريال فقد أكثر من ثلاثة أرباع قيمته، ورواتب الموظفين انقطعت، بينما كانت شاحنات الحاويات المحمّلة بالأوراق النقدية المطبوعة بدون غطاء قانوني، تغرق السوق، وفي الوقت نفسه تتعرض للنهب بدون أن يتخذ بنك عدن أي إجراء رادع.

كانت وسائل الإعلام تنشر أخباراً في أوقات متقاربة عن اختفاء ملايين الريالات الجديدة المطبوعة في الخارج، في ظروف غامضة، بحيث يتحول الموقف إلى مادة للتندر الشعبي، فالعملة تفقد قيمتها حتى قبل أن يتم ضخها في السوق.

على الطرف الآخر، وفي ظل الحصار الاقتصادي وانقطاع الموارد، تعامل البنك المركزي في صنعاء مع الواقع بإجراءات محسوبة، ولعل أبرزها في الآونة الأخيرة عملية طباعة عملة نقدية جديدة، من الفئات السابقة نفسها، بهدف استبدال التالف منها، بعد أن أصبح التداول اليومي مهدداً بانعدام الأوراق الصالحة للتعامل.

في هذا الإطار، طرح البنك المركزي اليمني بصنعاء الإصدار الثاني من الورقة النقدية فئة 200 ريال، كبديل للفئات التالفة المنتشرة في السوق، وليس كإضافة إلى الكتلة النقدية. وقبلها كان قد قام بسك عملة معدنية من فئة 50 ريالاً للغرض نفسه: استبدال الفئات المهترئة والمتآكلة، التي أصبحت في كثير من الأحيان غير قابلة للتداول، ما يعرقل أبسط المعاملات اليومية.

الطباعة في صنعاء لم تكن "مليارية" ولا تهدف إلى إغراق السوق، بل تمّت ضمن خطة إحلال واستبدال محسوبة بدقة. وصلت العملة الجديدة إلى خزائن البنك بدون أن تتعرض للاختطاف على الطرقات، بل وُجّهت لتغذية السوق وتحسين القوة الشرائية، وتسهيل معاملات الناس.

ما يثير السخرية هو أن البنك المركزي في عدن، الذي فشل في حماية حتى شاحناته، خرج ببيان "استنكار" ضد طباعة صنعاء، واصفاً العملية بأنها "تدمير للاقتصاد الوطني"، لكن عن أي اقتصاد يتحدث؟ أهو الاقتصاد الذي طبعت عملته بدون غطاء قانوني، وفوق ذلك نُهبت حاوياته المحملة بالمليارات المطبوعة من الميناء جهاراً نهاراً؟ أم ذلك الذي تديره مافيات الصرف ومضاربو السوق السوداء تحت سمع البنك وبصره؟

الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن البنك في صنعاء، رغم قلة الإمكانيات وانعدام الدعم الدولي، تمكن من اتخاذ خطوة إنقاذية جريئة لمعالجة أزمة يومية للمواطن، بينما لا يزال بنك عدن يراوح مكانه بين اللجان والاجتماعات، ويصدر بيانات أشبه بالنحيب السياسي منها بالتحليل المالي، وينتظر أي منحة أو وديعة من السعودية تحت عناوين إنقاذ العملة من الانهيار وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.

لا أحد يدعي أن الأوضاع الاقتصادية في صنعاء مثالية، ولا أن المعاناة اليومية قد انتهت، لكن الفرق الجوهري هو وجود حد أدنى من الرغبة في أداء حقيقي يخفف معاناة الناس، أما في عدن، فقد تحولت المؤسسة المالية الأهم إلى منصة لتصريحات سياسية فارغة، بينما يحمي المعنيون مافيا السوق السوداء إما شراكةً أو سعياً خلف نسب من الأرباح مقابل الحماية، ورمي كل الفشل على كاهل صنعاء.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا