آخر الأخبار

المهرة إلى أين ؟ ..  معركة السيادة تبدأ من القبائل وتنذر بانفجار شعبي

شارك

في خضم هذا التوتر المتصاعد، وجّه رئيس المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى، محمد عبدالله آل عفرار، دعوة واضحة وصريحة إلى أبناء المهرة للوقوف صفًا واحدًا ضد ما وصفه بـ"المؤامرات والمخططات الأجنبية".

وفي اجتماع عقدته أمانة المجلس، شدّد آل عفرار على ضرورة إنهاء التواجد العسكري الأجنبي واستعادة القرار الوطني المغيّب، مؤكدًا أن المهرة لن تكون ساحة لأجندات خارجية.

ـ مشروع عسكرة مرفوض:

بحسب بن عفرار، فإن التحركات السعودية في المهرة، التي تتذرع بأسباب أمنية، لا تخرج عن إطار "مشروع استعماري" يسعى للهيمنة على الموقع الجيوسياسي للمحافظة، والسيطرة على مقدراتها ومواردها الطبيعية، في إشارة إلى أطماع تتعلق بميناء نشطون وخطوط أنابيب النفط المفترضة. وأضاف أن أبناء المهرة يرفضون بشكل قاطع عسكرة محافظتهم، مؤكدًا أن هذه المساعي مرفوضة شعبيًا ولن تمر.

وتُعد المهرة ثاني أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة، وتتمتع بموقع استراتيجي مهم يربطها بسلطنة عُمان وتطل على سواحل بحر العرب، ما يجعلها هدفًا جذابًا للمشاريع الجيوسياسية المرتبطة بالمصالح النفطية والعسكرية.

ـ سياسة التجويع.. وفرض الأمر الواقع:

آل عفرار أشار أيضًا إلى أن أبناء المهرة يعانون من ظروف معيشية صعبة وصفها بـ"المفتعلة"، مؤكدًا أن التحالف ينتهج سياسة تجويع ممنهجة، وحرب خدمات شاملة، بهدف خلق بيئة ضاغطة تدفع السكان للقبول بالأمر الواقع والانخراط في مشاريع لا تخدم سوى أطراف أجنبية. واعتبر أن هذا النوع من الضغط الاقتصادي والمعيشي يُستخدم كأداة لفرض الهيمنة دون إطلاق رصاصة واحدة.

ـ استنزاف الثروات ورفض شعبي متصاعد:

ويرى مراقبون أن ما يحدث في المهرة ليس معزولاً، بل يتكامل مع تحركات مماثلة شهدتها محافظات شرقية أخرى، كحضرموت وسقطرى، التي تعيش وضعًا مشابهًا من حيث الحضور الأجنبي والاستغلال الاقتصادي.

هؤلاء المراقبون يحذرون من مخطط أوسع يسعى لتكريس السيطرة طويلة الأمد على هذه المناطق الغنية بالثروات، في ظل غياب الدولة المركزية وتفكك مؤسساتها.

ووفقًا لمصادر قبلية، فقد شهدت مناطق متفرقة من المهرة اجتماعات مكثفة بين زعماء القبائل، خرجت بتوصيات ترفض عسكرة المحافظة، وتطالب بإنهاء التواجد العسكري السعودي والإماراتي، والعمل على بلورة موقف موحّد يعبّر عن الإرادة الشعبية لأبناء المهرة.

ـ بين الذريعة الأمنية والطموح الاقتصادي:

في السنوات الأخيرة، عمد التحالف بقيادة السعودية إلى إنشاء قواعد عسكرية في عدد من المناطق الاستراتيجية في المهرة، وتبرير ذلك بأنه يهدف لمكافحة التهريب وتأمين الحدود.

غير أن ناشطين ومحللين يرون في ذلك غطاءً لمشروع أوسع يهدف لتأمين ممر بري يمتد من المملكة إلى بحر العرب عبر الأراضي اليمنية، لتجاوز مضيق هرمز في حال أي توتر إقليمي.

ويرى الناشط المهرّي، سالم بلحاف، أن أبناء المهرة "لم يعودوا يثقون في الرواية الرسمية"، وأن التجارب السابقة أثبتت أن الأهداف الحقيقية لهذا التواجد ترتبط بـ"التحكم في الجغرافيا ونهب الموارد"، مشيرًا إلى أن الوجود العسكري الأجنبي أصبح "مبعث قلق حقيقي وليس مصدر أمان".

ـ تحذيرات من الانفجار:

وتحذر شخصيات قبلية بارزة من أن استمرار تجاهل المطالب الشعبية في المهرة قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع، خصوصًا في ظل ما يُوصف بالاستفزاز المستمر من قبل القوات الأجنبية، وغياب أي أفق لحلول سياسية ترضي أبناء المحافظة.

وبحسب هذه الشخصيات، فإن أبناء المهرة يمتلكون القدرة على الدفاع عن أرضهم، وأن أي رهان على الوقت أو الإنهاك الاقتصادي "سيبوء بالفشل".

ـ المهرة بين التهديد والفرصة:

وتبقى المهرة اليوم في قلب معادلة شديدة الحساسية، بين مشروع محلي يحاول الحفاظ على هوية المحافظة واستقلالية قرارها، ومشروع خارجي يحاول فرض نفوذه بالقوة أو بالتحايل.

ومع تصاعد الوعي الشعبي في المحافظة، يبدو أن محاولات فرض السيطرة لم تعد تلقى ذات القبول الذي كانت تلاقيه في البداية.

وفي ظل هذا المشهد، تتجه الأنظار إلى ما ستؤول إليه تطورات الحراك الشعبي في المهرة، وسط مؤشرات على أن المحافظة تدخل مرحلة جديدة من المواجهة السلمية، ولكن الحازمة، لاستعادة القرار والسيادة، ورفض أن تكون ورقة بيد أطراف إقليمية أو دولية.


* نقلا عن عرب جورنال


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا