آخر الأخبار

من وحي مشاهد إغراق السفينة ماجيك سيز: كيف أعادت صنعاء رسم خرائط الملاحة العالمية ؟

شارك





هذه العملية الدقيقة تؤكد جدية صنعاء في تنفيذ تهديداتها وتثبيت معادلة بحرية جديدة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، مفادها: لا عبور للسفن المرتبطة بإسرائيل ما دامت الحرب مستمرة على غزة.

المشاهد التي بثها الإعلام الحربي أظهرت عدة جوانب فنية مهمة، منها: التحذيرات الصوتية والنداءات الموجهة للقبطان والتي كانت جزءاً من استراتيجية "الردع الأخلاقي"، حيث أُعطي القبطان فرصة للاستجابة، وهو ما يوثق أن العملية لم تكن هجوماً مفاجئاً بل جزء من سياسة مدروسة ذات طابع قانوني وأخلاقي.

استخدام الزوارق البحرية المسيّرة يؤكد امتلاك قوات صنعاء منظومة تكنولوجية متقدمة تمكّنها من إصابة أهداف بحرية متحركة بدقة عالية، وهو تطور نوعي في قدرات السلاح البحري غير التقليدي.

أما الصعود على متن السفينة وتمشيطها، ثم تفجيرها، فهو يوضح القدرة على تنفيذ عمليات معقدة في عمق المياه الدولية تحت الضغط، بدون ترك أثر يمكن توظيفه ضدها قانونياً.

الأبعاد الأخلاقية والدينية للموقف، بحسب تصريح نصر الدين عامر، رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء سبأ في صنعاء، فإن عمليات قوات صنعاء تأتي من منطلق "إيماني وإنساني وأخلاقي"، دفاعاً عن الشعب الفلسطيني في غزة، ورفضاً للإبادة الجماعية وفرض الحصار الخانق. هذه اللغة الأخلاقية والدينية تعد مبرراً منطقياً للعمليات، عسكرياً وسياسياً، وتشكّل جزءاً من استراتيجية توضيح مسببات الفعل العسكري، أمام الجمهور المحلي والدولي، خصوصاً في ظل الصمت الدولي عن المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، وهو ما يقوله جميع مسؤولي حكومة صنعاء.

العملية الأخيرة وما سبقها من هجمات بحرية وجوية بطائرات مسيّرة وصواريخ كروز توضح أن نقل المعركة إلى البحر يشير إلى اتساع ساحة الاشتباك وقدرة صنعاء على إدارة حرب طويلة المدى خارج حدودها الجغرافية، بالإضافة إلى التكيف مع الضربات الأمريكية والإسرائيلية من خلال تطوير تكتيكات التمويه والتشويش والتحرك غير النمطي، وكذلك التصنيع المحلي والتصميم ذكي للمسيّرات والزوارق، كل ذلك يعكس قدرة قوات صنعاء على الابتكار رغم الحصار والعقوبات.

على الرغم من تصعيد الغارات الجوية الأمريكية والإسرائيلية على اليمن، إلا أن عمليات قوات صنعاء استمرت بدون انقطاع، وازدادت دقةً وتأثيراً، وهذا يجعل من الردع التقليدي غير فعال أمام نمط حرب الاستنزاف الجديدة التي تتبعها قوات صنعاء.

تمكّنت قوات صنعاء من فرض معادلة بحرية واضحة: لا مرور لأي سفينة نحو إسرائيل بدون المخاطرة بالتعرض للهجوم، في مشهد أعاد تشكيل الجغرافيا السياسية للملاحة الدولية، وفي ظل استمرار المجازر في غزة، يبدو أن قوات صنعاء ستواصل عملياتها بوتيرة متصاعدة، ما لم يتم التوصل إلى وقف شامل للحرب ورفع الحصار عن القطاع.

ومما سبق يبدو أن على القوى الدولية التي ترغب في حماية الملاحة أن تلتفت إلى جذور الأزمة في غزة، بدلاً من محاولة عزل ردود الفعل التي تمثلها صنعاء، لأن وقف المساندة العسكرية لغزة لن يتحقق بالقصف بل بوقف المجازر التي دفعت باليمنيين إلى حمل السلاح وتوجيهه دفاعاً عن إخوتهم الفلسطينيين.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا