آخر الأخبار

قواعد أمريكية جديدة في السعودية .. رهان خاسر في زمن الحسابات المتغيرة

شارك

وفقاً للتقرير، فإن القاعدة الأمريكية الجديدة، المعروفة باسم "منطقة الدعم اللوجستي جينكينز"، شهدت منذ 2022 توسعاً ملحوظاً، لتتحول إلى مركز لوجستي رئيسي يخدم أهدافاً أمريكية صرفة تتعلق بالتموضع بعيداً عن مدى الصواريخ والطائرات الإيرانية، وتجهيز جبهات خلفية لدعم عمليات قد تشمل أيضاً المواجهة مع الحوثيين في اليمن، ويبدو واضحاً من تحليل طبيعة القاعدة وبنيتها أنها تخدم مصالح النقل والتخزين والاستعداد اللوجستي الأمريكي أكثر مما تُعنى بحماية الأراضي السعودية نفسها.

التجربة السعودية الطويلة مع الحليف الأمريكي أثبتت أن واشنطن تتدخل فقط عندما تتطابق مصالحها الاستراتيجية مع مصالح حلفائها، وهو ما برز في مواقفها المترددة خلال الهجمات اليمنية على "أرامكو" في 2018 و2020، حين تجنبت الدخول في أي مواجهة مباشرة مع قوات صنعاء رغم الضربة النوعية التي أصابت العمق الصناعي للمملكة.

اليوم، مع توسع القواعد العسكرية الجديدة، تبدو السعودية وكأنها تعيد تكرار الرهان نفسه، لكنها تتجاهل التطور اللافت في القدرات العسكرية لقوات صنعاء، التي أثبتت خلال الأشهر الأخيرة قدرتها على تنفيذ عمليات دقيقة، والوصول إلى عمق البحر الأحمر، بل ومهاجمة قطع البحرية الأمريكية نفسها، ما يعكس تحولاً نوعياً في موازين القوة.

القوات اليمنية التابعة لصنعاء لم تعد مجرد جماعة مسلحة محدودة الإمكانات، فهي اليوم تمتلك ترسانة متقدمة من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيّرة، وتتمتع بخبرة ميدانية عالية في حرب غير متماثلة، وإذا اندلعت الحرب مجدداً، فإن القواعد الأمريكية الجديدة- خصوصاً تلك القريبة من البحر الأحمر- ستكون ضمن دائرة الاستهداف المباشر، بل وربما لن تُحدث فارقاً في ميزان الردع، بل ستزيد من تعقيد المشهد.

إن ما يجب أن تدركه السعودية، هو أن الأمن الحقيقي لا يُشترى بقواعد أجنبية أو تعاقدات لوجستية، بل ببناء قدرات دفاعية وطنية فاعلة، وبتحقيق توازن سياسي وعسكري إقليمي، خصوصاً مع الأطراف المؤثرة كقوات صنعاء التي فرضت واقعاً عسكرياً جديداً في البحر الأحمر.

وحتى إذا نجحت هذه القواعد في تأخير الهجمات أو تقليل أضرارها جزئياً، فإنها لن تكون حاجزاً مانعاً أمام استهداف العمق السعودي، ولا ضمانة لحماية المملكة من ردود فعل قد تشتعل في أي لحظة، ضمن بيئة إقليمية مرشحة للانفجار.

التحليل الواقعي لما يجري يُظهر أن الولايات المتحدة لا تبني قواعد لحماية السعودية، بل تجهّز مسارح عملياتها المستقبلية، مستخدمة أراضي المملكة كمنصة خلفية، وهذا يعيد إلى الواجهة سؤالاً استراتيجياً يجب أن يُطرح داخل دوائر القرار السعودي: إلى متى سنظل نراهن على حليف لا يرى فينا إلا مصدراً للمال؟ وهل نحن مستعدون لمواجهة قادمة تُدار بأدوات مختلفة؟

إن أمن السعودية لن يُحمى من قاعدة جينكينز ولا من عقود البنتاغون، بل من مراجعة شاملة لتحالفاتها، ورؤية أعمق لواقع الصراع في المنطقة.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا