آخر الأخبار

"بشائر الفتح" : تحوّل استراتيجي إيراني.. هل بدأت نهاية وهم الردع الأمريكي في الخليج ؟

شارك

هذا التحرك لا يُقرأ كمجرد تصعيد، بل كمناورة عسكرية - نفسية تهدف إلى إعادة صياغة قواعد الاشتباك في المنطقة، يقول مراقبون.

التوقيت والسياق.. ما بعد تل أبيب، نحو الخليج

العملية تأتي في أعقاب تصعيدات مستمرة بين إيران وإسرائيل، لكن الملفت أن هذه الضربة لم تُوجَّه لتل أبيب، بل إلى البنية التحتية العسكرية الأمريكية في الخليج. الرسالة واضحة، مفادها: الرد على أي استهداف إيراني لن يكون محصوراً في إسرائيل، بل سيمتد ليشمل كل قواعد النفوذ الأمريكي في المنطقة، وهو ما يُعتبر توسيعاً للمعركة نحو قلب المنظومة اللوجستية الأمريكية في المنطقة العربية، وليس مجرد رد فعل تقليدي.

الاستراتيجية الإيرانية.. متعدد الاتجاهات

لم تعمد إيران إلى هجوم شامل أو هجوم صاروخي مدمّر، بل اعتمدت على استراتيجية الضغط الذكي والمنسق، والهدف من ذلك هو استنزاف الردع الأمريكي عبر خلق نقاط اشتعال متعددة في مناطق ذات أهمية حيوية (مثل البحرين حيث مقر الأسطول الخامس، وقطر حيث قاعدة العديد).

كما يهدف إلى تحريك الجبهة النفسية داخل مراكز القرار في واشنطن والمنطقة عبر إرسال إشارات مفادها أن إيران "قادرة على الضرب متى شاءت وأينما شاءت"، بالإضافة إلى اعتماد نهج الضربة الرمزية ذات الرسالة السياسية، الذي يتجنب التصعيد الشامل لكنه يُربك ميزان القوى.

التصريح الأخير من نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيدف، حول احتمال تسليح إيران برؤوس نووية عبر دول أخرى ليس تفصيلاً عابراً، بل تطور خطير يرفع سقف الردع إلى مستوى غير مسبوق، وإذا كانت واشنطن تعتمد على تحقيق السلام من خلال القوة، فإن المعسكر المعادي يرد بـ"توازن رعب من خلال التهديد بالغموض النووي".

الانعكاسات على الاستراتيجية الأمريكية في الخليج

العملية الإيرانية ضد القاعدة الأمريكية في قطر تُعيد إحياء أسئلة قديمة بأجوبة جديدة تفرضها معطيات الواقع، منها: هل لا تزال القواعد الأمريكية في الخليج آمنة؟ وهل الاستقرار في الخليج حقيقي أم هو وهمٌ محروس بقوة زائلة؟ وهل يمكن مواصلة احتواء إيران بدون دفع ثمن استراتيجي باهظ؟

ومما سبق يصبح ما يحدث الآن أشبه بانقلاب في المفهوم التقليدي القديم للردع الأمريكي، فالقواعد الأمريكية أصبحت نقاط ضعف ولم تعد مراكز نفوذ، وفكرة ضرب إيران بدون ردٍ لم تعد قابلة للتصديق، أي أن هناك الآن توازن ردع جديداً قائماً على المرونة التكتيكية والدقة وليس فقط على الصواريخ والبارجات.

عملية بشائر الفتح، ربما ليست مجرد عملية عسكرية، بل إعلان تغيّر المعادلات الجيوستراتيجية في المنطقة العربية، فطهران كلما طال أمد الضغط عليها، كلما ازدادت قوة وتحصيناً، والولايات المتحدة أمام خيارين: إما الانسحاب التدريجي مع الحفاظ على ماء الوجه، أو المجازفة بمواجهة متعددة الجبهات في منطقة لم تعد تهاب السلاح الأمريكي، حيث لم تعد فكرة بناء النفوذ قائمة على قاعدة أن "لا أحد يجرؤ"، فما تفعله إيران وما فعله ويفعله اليمن يثبت جرأة لم تكن في حسبان عقلية الهيمنة الأمريكية.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا