وكان سعر صرف الريال اليمني سجل مؤخراً مستويات تاريخية من الانخفاض، متجاوزاً حاجز 2,500 ريال للدولار الأمريكي، مقارنة بـ 220 ريالاً للدولار في بداية حرب التحالف على اليمن بقيادة السعودية عام 2015، وهذا التدهور البالغة نسبته أكثر من 1000% يعكس عمق الانهيار النقدي وسط ضعف أدوات السياسة النقدية وانقسام المؤسسات المالية.
وسبق لحكومة صنعاء أن حذّرت مراراً من تداعيات طباعة العملة بدون غطاء، معتبرة أنها السبب الرئيس وراء تدهور سعر صرف الريال في مناطق حكومة الشرعية، ومؤكدة أن هذه السياسة "غير مسؤولة" وستؤدي إلى: موجات تضخمية مدمرة، انهيار ما تبقى من الثقة في النظام المصرفي، تآكل القوة الشرائية لدى المواطنين، تفاقم الأزمات المعيشية والاحتجاجات الخدمية.
وحذر ناشطون ومواقع اقتصادية متخصصة بشكل واسع من الإقدام على هذه الخطوة والتداعيات الكارثية التي ستنتج عنها وتنعكس أولاً على معيشة المواطنين الذين يعانون أصلاً تدهوراً معيشياً غير مسبوق نتيجة خطوات سابقة مماثلة أقدمت عليها حكومة الشرعية الموالية للتحالف، مؤكدين أن "كل ورقة نقدية جديدة بلا غطاء تزيد من معاناة الشعب ولا تُسهم إلا في توسيع فجوة الفقر".
ويأتي هذا الانهيار النقدي ضمن واقع اقتصادي أكثر تعقيداً يتمثل في: انقطاع صادرات النفط (المصدر الرئيسي للعملة الصعبة والإيرادات العامة)، بعد ما حظرته حكومة صنعاء واشترطت لعودته أن تورد عائداته إلى بند صرف المرتبات في البنك المركزي بإشراف طرف ثالث، وتراجع المساعدات الإنسانية إلى أقل من 10% من التمويل المطلوب حتى مايو 2025، وانقسام المؤسسات الاقتصادية وغياب أي إطار موحد للإيرادات، وعجز الخدمات العامة وتفكك الهيكل الإداري في مناطق حكومة الشرعية، التي تعاني أيضاً أزمة سيولة، وتضخماً مرتفعاً، وغياب أدوات التدخل المالي.
وحسب مراقبين اقتصاديين، في حال أقدمت حكومة عدن على طباعة العملة بدون غطاء، فإن الاقتصاد اليمني سيواجه السيناريوهات التالية: ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قد تتجاوز 300% سنوياً، تفكك إضافي في الثقة المصرفية وهروب المزيد من المدخرات إلى العملات الأجنبية، وتوسع السوق السوداء وزيادة تشوهات سعر الصرف، وتفاقم الفقر المدقع، إذ أن الرواتب تفقد قيمتها الشرائية بالكامل.
وتبدو الأزمة الاقتصادية في مناطق حكومة الشرعية مرشحة للمزيد من التعقيد في ظل التوجه نحو طباعة العملة، ما لم يُتخذ مسار إصلاحي واضح وشجاع يُعيد الثقة ويكبح الانهيار، ويظل التحذير الأبرز، كما صدر في أوقات سابقة عن حكومة صنعاء، هو أن الطباعة بدون غطاء "قنبلة موقوتة" ستنفجر في وجه الجميع، ولن ينجو من شظاياها أي طرف .