وبحسب ما أوردته وكالة "أسوشيتد برس"، فقد تجاوزت الخسائر الأميركية في العتاد حاجز الـ200 مليون دولار، في وقت لا تزال فيه العمليات العسكرية مستمرة، دون مؤشرات حقيقية على تحقيق أهداف استراتيجية.
أرقام تكشف حجم الفشل:
أشار المسؤولون – الذين طلبوا عدم كشف هويتهم – إلى أن ثلاث طائرات مسيرة تم إسقاطها خلال الأسبوع الماضي وحده، أثناء تنفيذها مهمات هجومية واستطلاعية فوق أراضٍ يسيطر عليها الحوثيون. وقد تحطّمت بعض هذه الطائرات في البحر، فيما سقطت أخرى داخل الأراضي اليمنية.
وتُعد طائرة MQ-9 ريبر من الطائرات المسيرة الهجومية الأهم في الترسانة الجوية الأميركية، وتبلغ كلفة الواحدة منها حوالي 30 مليون دولار، ما يجعل خسارة سبع منها في فترة قصيرة أمرًا غير مسبوق في تاريخ العمليات الجوية الحديثة للجيش الأميركي.
مأزق البنتاغون: تكاليف باهظة ونتائج محدودة:
رغم بدء حملة جوية أميركية مكثفة ضد اليمن منذ 15 مارس بأمر من الرئيس دونالد ترامب، والتي تجاوزت 750 غارة جوية خلال ما يزيد قليلاً عن خمسة أسابيع، إلا أن النتائج على الأرض لا تعكس حجم القوة المستخدمة.
الهدف المعلن للعملية الأميركية هو "ضمان أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب"، أحد أهم الممرات التجارية في العالم، بعد أن صعّد أنصار الله من هجماتهم على السفن الدولية، دعما لغزة ومناهضة "الوجود الأميركي في المنطقة".
لكن، وبينما كانت واشنطن تسعى لتأكيد سيطرتها الجوية والردع القوي، جاء إسقاط سبع من أهم طائراتها دون طيار ليكشف عن ثغرات لوجستية واستخباراتية فادحة، وهو ما وصفه محللون عسكريون بأنه "فشل مزدوج" في التقدير والاستجابة.
قلق في واشنطن وتكتم رسمي:
في الوقت الذي حاولت فيه وزارة الدفاع الأميركية التقليل من شأن هذه الخسائر إعلاميًا، فإن المصادر داخل البنتاغون تشير إلى حالة من الاستياء والقلق المتصاعد، خاصة وأن الحرب الجوية تُعتبر أحد أبرز نقاط القوة الأميركية، مقارنة بالحروب البرية أو المعارك التقليدية.
خسارة هذا التفوق الجوي، ولو جزئيًا، أمام ما يعتبرونها جماعة غير نظامية، يمثل ضربة مؤلمة لصورة الردع العسكري الأميركي.
تساؤلات حول الاستراتيجية الأميركية في اليمن:
يأتي هذا التطور في وقت تواجه فيه إدارة ترامب ضغوطًا داخلية وخارجية بشأن استمرار الانخراط العسكري في الشرق الأوسط، دون نتائج ملموسة.
فمن جهة، تكبّدت واشنطن خسائر مالية جسيمة، ليس فقط في الطائرات بل في تكاليف العمليات والصيانة واللوجستيات، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأميركي من تبعات الإنفاق الدفاعي الضخم. ومن جهة أخرى، يبدو أن الوجود الأميركي في البحر الأحمر لم يمنع تصاعد هجمات أنصار الله، بل دفعهم لمزيد من الاستهداف المباشر للطائرات والمنشآت المرتبطة بالقوات الأميركية.
المستقبل: تصعيد أم تراجع؟:
لا توجد مؤشرات واضحة حتى الآن حول تعديل في الاستراتيجية الأميركية في اليمن، لكنّ استمرار إسقاط الطائرات قد يدفع واشنطن إلى مراجعة تكتيكاتها، أو حتى تقليص تواجدها في المنطقة، لتفادي مزيد من الإحراج السياسي والعسكري.
في المقابل، يعتبر أنصار الله أن هذه التطورات تمثل "نصرًا معنويًا كبيرًا"، ويحرصون على بث مشاهد إسقاط الطائرات لتكريس صورة "القدرة على الردع".
خلاصة المشهد:
في ظل تعقّد الميدان اليمني وتطور قدرات قوات صنعاء، يبدو أن الحملة العسكرية الأميركية تواجه تحديات أكبر مما كانت تقدّر.
إن إسقاط سبع طائرات ريبر ليس مجرد خسارة مادية، بل رسالة واضحة بأن الهيمنة العسكرية وحدها لم تعد كافية لفرض إرادة سياسية، خاصة في حروب العصر الجديد، حيث تتفوّق الجماعات المسلحة بالمرونة، والتكتيك، والدعم غير المباشر.
- نقلا عن عرب جورنال