وخلال أكثر من شهر من الجولة الثانية من الهجمات الأمريكية على اليمن، والتي انطلقت منتصف مارس الماضي، لم تتمكن أمريكا من تحقيق أي هدف لها على المستويين الاستراتيجي والعسكري، وفقا للأهداف التي أعلنتها، في إطار دعمها للعدوان الإسرائيلي على غزة، وتمثلت تلك الأهداف في تدمير قدرات قوات صنعاء، والقضاء على قياداتها، فخلال هذه المدة التي شنت فيها القوات الأمريكية مئات الهجمات الجوية والصاروخية على مساحة واسعة من الجغرافيا اليمنية، شملت 11 محافظة، عجزت القوات الأمريكية عن إعلان أي انتصار مرحلي مؤكد، وكل ما تعلن عنه هو هجمات لا دليل يثبت نجاحها في تحقيق أهدافها ضمن الأهداف العامة للهجمات التي تنفذها في اليمن.
ورغم تكرار المجازر التي ترتكبها أمريكا بحق المدنيين في اليمن، يختفي أي صوت دولي وأممي تجاه تلك المجازر الوحشية التي تعد جرائم حرب، وهو أمر لا يستغرب من الأمم المتحدة التي لطالما تواطأت مع جرائم أمريكا، وساهمت في وأد تلك الجرائم، دون أدنى اعتبار لما تأسست عليه من قيم العدالة وحقوق الإنسان وعدم الانحياز وغيرها من المبادئ والقيم التي دأبت أمريكا على سحقها والدهس عليها، وهي مطمئنة من أن هذه الهيئة الأممية لن تصدر تجاهها حتى بيان أدانة، ولن تشعر بأي قلق حتى.
وفيما تواصل الإدارة الأمريكية الحديث عن إنجازات لها في الهجمات على اليمن، في محاولة لمداراة فشلها الذي تكشفه المعطيات على الواقع، وتفضحه وسائل الإعلام المستقلة حتى الأمريكية، خرج رئيس المجلس الساسي الأعلى بصنعاء، والقائد الأعلى لقواتها المسلحة، ليؤكد، في كلمة له خلال ترؤسه مجلس الدفاع الوطني، الفشل الأمريكي في هذه الحرب، مشيرا إلى أن الهجمات الأمريكية لم تطال ما نسبته 1% من القدرات العسكرية لقوات صنعاء، وهو تصريح يحمل في طياته دلالة كبيرة، تؤكد ما بات في حكم المؤكد سلفا، من أن إطالة أمد هذه الهجمات الأمريكية لن يضيف لواشنطن إلا المزيد من نزف الأموال والسمعة وإسقاط الهيبة العسكرية التي بنتها على مدى عقود.
وتحدث المشاط عن قدرة قوات صنعاء على كسر الأسطورة التي صنعتها الولايات المتحدة، حول أسلحتها وقدراتها العسكرية التي أرعبت بها خصومها على مدى عقود، مؤكدا أنها ليست سوى دعاية انكشفت حقيقتها في اليمن، وبات على أمريكا أن تتحسب لتبعات هذا الانكشاف للحقيقة التي لطالما أحاطتها بالدعاية، وحقيقة سلاحها الذي لطالما هددت به خصومها، معتبرا هجماتها على اليمن إحراقا لتلك الأوراق التي كان يخشاها جميع خصومها.
ومع ما يؤكده الواقع من استمرار هجمات قوات صنعاء، سواء تلك التي تضرب عمق الكيان الإسرائيلي، أو التي تستهدف البوارج وحاملة الطائرات الأمريكية في البحر، رغم تكثيف أمريكا من هجماتها خلال الفترة الماضية، وبالنظر إلى طبيعة تلك الأهداف التي تنال منها الهجمات الأمريكية، فإن أقرب توصيف لما تقوم بها الولايات المتحدة في اليمن، هو أنها حرب عبثية، وهو ما يجعل نتيجتها محسومة لغير صالح أمريكا، حيث أن الدروس والشواهد في تاريخ الحروب كله، تؤكد أن أي حرب عبثية لن تحقق أي انتصار، وأن الطرف الذي يشن حربا عبثية، لن يجني منها حتما سوى الهزيمة.