آخر الأخبار

لماذا يغامر ترامب بما تبقى من سمعة البحرية الأمريكية ؟

شارك


فبعد أن تلقت الولايات المتحدة ضربة موجعة لسمعتها العسكرية البحرية في عهد الرئيس السابق جو بايدن، حين استطاع الحوثيون في اليمن تحدي القوة الأمريكية بضربات متتالية أظهرت هشاشة غير متوقعة في الردع البحري، يأتي قرار ترامب بشن هجمات واسعة النطاق ضد اليمن ليثير تساؤلات عميقة حول الدوافع والمخاطر الكامنة وراء هذه الخطوة.
لكن السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه هو لماذا يصر ترامب على هذا الرهان الخطير، رغم التقارير العسكرية الأمريكية التي كشفت عن تحديات لوجستية وعملياتية تعصف بالبحرية، من نفاد مخزون الصواريخ الدفاعية إلى نقص سفن الإمداد، فضلاً عن تعقيدات الحرب المتكافئة التي باتت تفرض نفسها كواقع جديد؟

للإجابة عن هذا السؤال، يتعين علينا أن ننظر إلى السياق السياسي والعسكري بعين فاحصة. ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض محملاً بشعار "أمريكا أولاً"، يرى في هذه المواجهة فرصة ذهبية لاستعادة صورة القوة الأمريكية التي تضررت بشدة خلال السنوات الأخيرة. ففي عهد بايدن، فقد نجح الحوثيون في فرض حصار بحري على الكيان والدول المعتدية في البحر الأحمر، أحد أهم الممرات التجارية في العالم، باستخدام أسلحة دقيقة وطائرات مسيرة رخيصة التكلفة.
ان هذا التحدي كشف عن ثغرات استراتيجية في المنظومة البحرية الأمريكية، التي وجدت نفسها عاجزة عن الرد بفعالية تامة، لا سيما مع استنزاف مخزون الصواريخ الدفاعية المتطورة مثل "SM-2" و"SM-6" التي تُستخدم لصد الهجمات الحوثية. ومع تزايد التقارير عن نقص سفن الإمداد، التي باتت غير قادرة على مواكبة الطلب المتزايد في ظل عمليات ممتدة، أصبح واضحاً أن البحرية الأمريكية تواجه أزمة حقيقية في الاستدامة العملياتية.

ما يزيد من سخرية الموقف هو أن الحوثيين، بتكتيكاتهم الذكية، فرضوا حربًا متكافئة كشفت عن هشاشة الآلة العسكرية الأمريكية. ففي حين تنفق واشنطن ملايين الدولارات لإسقاط طائرة مسيرة قد لا تكلف أكثر من بضعة آلاف، يواصل الحوثيون استنزاف خصمهم دون أن يفقدوا توازنهم.
مثل هذا النوع من الحروب يكشف عن مفارقة صارخة..فبينما تنفق الولايات المتحدة ملايين الدولارات لإسقاط طائرة مسيرة قد لا تتجاوز تكلفتها بضعة آلاف، يواصل الحوثيون استنزاف الموارد الأمريكية دون أن يتحملوا خسائر موازية. هذا الواقع يضع ترامب أمام خيارين إما الانسحاب أو المضي قدماً في مغامرة عسكرية قد تكلفه ما تبقى من هيبة البحرية الأمريكية إذا فشلت.
لكن ترامب، بطباعه الاستعراضية ورهاناته الكبيرة، يبدو أنه اختار الخيار الثاني، مدفوعاً برغبة في إثبات أن إدارته قادرة على تحقيق ما عجزت عنه إدارة بايدن.
سياسياً، يبدو ترامب كمن يحاول تعويض فشل سلفه باستعراض عضلي لا يخفي هشاشته. الهجمات الأخيرة على صنعاء وصعدة، التي استخدمت فيها واشنطن قوة نارية مفرطة، لم تكن سوى محاولة لإرسال رسالة ردع، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن خواء الاستراتيجية الأمريكية. فكلما زادت وتيرة القصف، كلما أثبت الحوثيون قدرتهم على الصمود والرد بشكل فوري ، مما يضع ترامب في مأزق فقد جاء رد الحوثيين سريعا بهجومين على حاملة الطائرات ترومان
بالمحصلة يبدو أن الولايات المتحدة، وان تغيرت إدارة البيت الابيض قد اختارت أن تضع نفسها في موقف لا تحسد عليه، حيث لا تمانع في خسارة كل شيء من مواردها العسكرية والاقتصادية إلى هيبتها الدولية طالما أن ذلك يخدم مصالح إسرائيل
فالولاء المطلق لإسرائيل ليس جديدا ، لكنه بلغ ذروته في ظل ترامب، الذي يبدو مستعداً للمخاطرة بمستقبل القوة الأمريكية من أجل تعزيز مكانة حليفه الاستراتيجي.
ففي مواجهة الحوثيين مثلاً، لا يمكن فصل التصعيد الأمريكي عن رغبتها في تأمين مصالح إسرائيل في المنطقة، حتى لو كان ذلك يعني استنزاف الموارد وتعريض السمعة العسكرية لمزيد من الاهتزاز. إسرائيل، التي باتت تتحكم في مفاصل القرار الأمريكي، لا تكتفي بدور الشريك، بل أصبحت القوة الخفية التي توجه البوصلة، غير آبهة بالتكلفة التي تدفعها واشنطن.

- نقلا عن عرب جورنال


أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا