وبعيدا عن الموقف العربي الهش الذي تمخضت عنه القمة العربية التي احتضنتها العاصمة المصرية القاهرة الأسبوع الماضي، حيث لم تخرج مقررات هذه القمة عن عادة القمم العربية التي تتوقف في أحسن الأحوال عند الإدانة والشجب والتنديد، يأتي التصريح بعودة عمليات صنعاء العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي، ليؤكد أن المواقف الحازمة والمؤثرة هي التي تجد صداها لدى الاحتلال الإسرائيلي، فيما تظل المواقف الرخوة والهشة مجرد كلام في الهواء، فلا يمكن لمجرد الكلمات أن تردع الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه في حق الشعب الفلسطيني أو غيره من الشعوب العربية، وهو ما أثبتته أكثر من سبعة عقود من الزمن.
ووصف قائد حركة أنصار الله، عبدالملك الحوثي في كلمة متلفزة له، أمس الجمعة الحصار الإسرائيلي الذي تفرضه إسرائيل على غزة وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات من غذاء ودواء ومواد أساسية بأنه يمثل عدوانا شاملا، وجريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، مشيرا إلى تنصل إسرائيل عن الوفاء بالتزاماتها في ما يتعلق بالملف الإنساني، في مسار تنفيذ اتفاق غزة، في حين أن حماس حرصت على التزاماتها بشكل كامل في الاتفاق.
وقال الحوثي في كلمته: نعلن للعالم أجمع أننا سنعطي مهلة أربعة أيام، هذه مهلة للوسطاء فيما يبذلونه من جهود، وإذا استمر العدو الإسرائيلي بعد الأربعة أيام في منع دخول المساعدات إلى قطاع غزَّة، واستمر في الإغلاق التام للمعابر، ومنع دخول الغذاء والدواء إلى قطاع غزَّة؛ فإننا سنعود لاستئناف عملياتنا البحرية ضد العدو الإسرائيلي، ضد العدو الإسرائيلي، ونقابل الحصار بالحصار"، مضيفا: "لا يمكننا أن نتفرج على التَّوجُّه العدواني للعدو الإسرائيلي، في التجويع للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة".
وبدا تصريح الحوثي والمهلة التي حددها لفتح المعابر ودخول الغذاء إلى قطاع غزة المحاصر، مفاجئا لبعض الجهات والدول، خاصة وأن اتفاق وقف العدوان على غزة لم يسقط بشكل رسمي، لكن الأمر يبدو منطقيا، إذا ما عدنا إلى إعلان صنعاء وقف عملياتها ضد إسرائيل وكذلك عملياتها في البحرين الأحمر والعربي، والذي جاء بناء على توقيع الاتفاق بين حركة حماس وإسرائيل الشهر الماضي، والذي نص على أن عودة هذه العمليات مرهون بتنفيذ كامل بنود ومراحل الاتفاق، وهو ما يعني أنه في حال تعثر الاتفاق فإن ذلك سيكون مبررا أمام قوات صنعاء لاستئناف عملياتها التي تعتبرها صنعاء انتصارا لمظلومية الشعب الفلسطيني في غزة.
وبالعودة إلى حيثيات تدخل قوات صنعاء وانخراطها في المواجهة المباشرة مع إسرائيل، فإن قوات صنعاء ظلت تؤكد عقب كل عملية تنفذها ضد إسرائيل برا وبحرا، أن عملياتها لن تتوقف إلا بتوقف العدوان على غزة ورفع الحصار المفروض على سكان القطاع، وبذلك فإن عودة الحصار الإسرائيلي على غزة، يبدو مبررا منطقيا أمام صنعاء لاستئناف عملياتها ضد إسرائيل، وهو ما صرح به الحوثي، وأعطى مهلة الأربعة الأيام لرفع هذا الحصار.