وتعد قضيتا رواتب الموظفين الحكوميين، وكذا الديون الداخلية للمودعين لدى البنوك الحكومية والتجارية من أهم القضايا التي ظلت عالقة منذ نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، في سبتمبر 2016، وتعهد الحكومة الموالية للتحالف في حينه بمسؤوليتها عن كامل الاستحقاقات للبنوك والأفراد لدي البنك المركزي وفي مقدمة ذلك رواتب الموظفين والودائع والديون الداخلية، وهو ما لم تلتزم بالوفاء به منذ ذلك التاريخ.
ومع بداية السنة الجديدة بدأت حكومة صنعاء فعلا في تنفيذ ذلك القانون، الذي يهدف إلى تخفيف المعاناة الاقتصادية والمعيشية لملايين اليمنيين، حيث بدأت عملية سداد ديون صغار المودعين فيما تستعد خلال الأسبوع القادم لصرف نصف راتب للموظفين الحكوميين وفقا لتلك الألية، وهو ما اعتبره مسئولون وخبراء اقتصاديون إنجازا مهما في ظل الظروف التي تعيشها البلاد.
وبحسب وزير المالية في الحكومة التي يطلق عليها "حكومة التغيير والبناء" عبد الجبار محمد أحمد، فقد بدأت الخطوات العملية فعلا لتنفيذ هذا القانون، حيث قال في توضيح له على منصة "X" إنه "تم فعليا خلال اليومين الماضيين تسديد نحو ٤٦٧ ألف مودع من صغار المودعين في البنوك التجارية والحكومية (لمن يبلغ دينه ٢٠٠ ألف ريال فأقل) يشكلون نحو ٩٠ % من إجمالي عدد الافراد المودعين الدائنين للحكومة، وقدتم تغذية حساباتهم فعليا في البنوك الحكومية والتجارية المودع لديها وذلك تم وفقا لقانون الآلية الاستثنائية المذكور".
وأضاف أنه "سوف يستمر التسديد في الفترة القادمة للمتبقين من صغار المودعين على دفعات شهريا"، منوها إلى أن "هذه الودائع هي ديون على الدولة منذ ما قبل العام ٢٠١٤م تخلى عنها من تسبب بنقل البنك المركزي إلى عدن المحتلة والمفترض عليه تسديدها بموجب اعتراف ووعد المرتزقة في بنك عدن رسميا بذلك، ونظرا لاستمرار معاناتهم كان لابد على حكومة التغيير والبناء بصنعاء وضع حلول عاجلة لهم إلى حين استيفاء حقوق الدولة والشعب من الدول المشاركة في العدوان على بلدنا طوعا أو كرها".
وتابع قائلا: "يمكن القول إنه تم تسديد نحو ٩٠% من إجمالي الأفراد الدائنين للحكومة في أول شهر لتنفيذ القانون المذكور- بل في أول يوم للتنفيذ إن صح التعبير - وهذا بحد ذاته يعتبر إنجازا تاريخيا لحكومة التغيير والبناء في ظل هذه الظروف التي تعيشه ابلادنا"، موضحا أنه "سيتم تسديد كبار المودعين من الأفراد والشركات والمؤسسات بعد استكمال تسديد صغار المودعين أو بالتوازي مع ذلك إذا توفرت موارد أكثر من المتوقع في حساب الآلية الاستثنائية".
واعتبر وزير مالية صنعاء أن "معالجة حكومة التغيير والبناء لمشكلة صغار المودعين في النصف الأول من العام الأول لتشكيلها يعد من التوفيق الإلهي الكبير لهذه الحكومة التي عقدت عليها الجماهير آمالها، مشيرا إلى أن الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لهذه الخطوة كبيرة جدا ومتعددة، وسوف نتحدث عنها بإذن الله لاحقا مع التدشين الرسمي للبرنامج خلال الأيام القليلة القادمة".
وفي ما يخص الرواتب حيث تستعد حكومة صنعاء خلال الأسبوع القادم لتدشين صرف نصف راتب شهريا للموظفين الحكوميين الموقوفة رواتبهم منذ سبتمبر ٢٠١٦، بعد قيام الحكومة الموالية للتحالف بنقل البنك المركزي إلى عدن، فقد أوضح الوزير أنه "تم تجميع وتوريد المبالغ اللازمة إلى حساب الآلية الاستثنائية وفقا للقانون وأصبحت فاتورة مرتبات موظفي الدولة لقائمة الصرف الشهرية جاهزة وتتضمن تلك الوحدات الحكومية الأكثر حرمانا من الدعم والموارد الذاتية ، وننتظر فقط صدور الكشوفات من وزارة الخدمة المدنية والتطوير الإداري لصرفها حسب الخطة والآلية المعتمدة وفقا للقانون والقرارات المنظمة للتنفيذ وعلى كل حال سيبدأ الصرف خلال الأسبوع القادم".
وأضاف أن "ما تم اتخاذه من إجراءات منظمة وفقا لقانون الآلية الاستثنائية الصادر من مجلس النواب الموقر في عاصمة الصمود صنعاء وندرك جيدا أن هناك الكثير من التساؤلات لدى الجمهور حول آليات الصرف والقوائم الشهرية والربعية والمعايير" مؤكدا أنه "سيتم الإجابة عليها كاملة أثناء التدشين الرسمي لبرامج قانون الآلية الاستثنائية والذي سيكون خلال الأيام القليلة القادمة في شهر رجب/ الموافق يناير الجاري وقد رأينا تأجيل التدشين الرسمي إلى ما بعد الصرف الفعلي للموظفين أو صغار المودعين تعزيزا لمصداقية الحكومة أمام الشعب وذلك اعتقد قمة المصداقية عندما ندع الأفعال تسبق الأقوال".
ومع تعثر الاتفاق بشأن صرف مرتبات الموظفين الحكوميين وكذا سداد الديون الداخلية للمودعين من الأفراد والشركات والمؤسسات طيلة السنوات الماضية، بعد تخلف الحكومة الموالية للتحالف عن الوفاء بالتزاماتها في هذا الجانب، فإن هذه الخطوات المتمثلة في البدء بسداد الديون الداخلية للمودعين، وكذا صرف نصف راتب بصورة شهرية، يمثل إنجازا مهما، ويؤكد- بحسب محليين- التزاما من حكومة صنعاء تجاه المواطنين، ومؤشرا على الجهود التي تبذلها في التخفيف من المعاناة المعيشية لليمنيين، جراء ظروف الحرب والحصار على مدى أكثر من 9 سنوات، والتي لا تزال تداعياتها قائمة حتى اليوم.
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن تأثير هذه الخطوة المتمثلة في سداد جزء من الدين الداخلي للمودعين وكذا صرف نصف راتب لكافة الموظفين الحكوميين لن تقتصر على الفئة المستفيدة فقط، بل سيكون أثرها ملموسا على الاقتصاد بشكل عام، حيث أن المبالغ التي ستصرف للمستحقين من مودعين وموظفين ستعمل على تحريك الركود الحاصل في السوق المحلية جراء الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، الأمر الذي سيعود بالفائدة على كافة شرائح المجتمع.