في المقابل استمرت قوات صنعاء في تطوير أسلحتها وقدراتها، وبالتالي كثفت عملياتها لكن بدقة أكثر، لتسفر في كل مرة عن وجع إسرائيلي أكبر، خصوصاً بعد ما أصبح في العمق الإسرائيلي هدفاً للصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة التي تشق طريقها فوق مستوى قدرات الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية على حدٍ سواء.
قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي، في خطاباته الأخيرة كان أكثر تحدياً، وسمع العالم كله على لسانه وعلى وقع عمليات قوات صنعاء في العمق الإسرائيلي أن اليمن لن يتراجع عن إسناد غزة أو مواجهة أي عدوان عليه، حيث أكد الحوثي مراراً أن العدوان الإسرائيلي على اليمن لن يثنيه أبداً عن موقفه الداعم للشعب الفلسطيني، وأنه سوف يستمر في التصعيد، معلناً أن اليمن في حالة حرب وصراع مفتوح مع العدو الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني.
فشلت الضربات الإسرائيلية على اليمن في إسكات مقاومته أو الحد من قدراته، وفي كل مرة وعقب كل ضربة يرد اليمن بصوت أعلى، بل وأسرع من الصوت، ومهما تكتمت إسرائيل على نتائج الضربات اليمنية في عمقها وفي أكثر الأماكن التي كانت تعتبرها آمنة، فهي تعلم يقيناً أن الأهداف يتم قصفها بدقة، والأهم من ذلك أصبحت على يقين من أن ما يقوله اليمنيون ليس مجرد كلام، بل أفعال ناصعة كالشمس، ويوماً بعد يوم تزداد إدراكاً أن مجال تجاوزاتها الإجرامية يتقلص تدريجياً وملاذاتها في الإفلات من العقاب تنحسر شيئاً فشيئاً.
الضربات اليمنية الأخيرة إلى تل أبيب، في سياق الرد على الهجمات الإسرائيلية في اليمن، كانت أشبه بانتقام أسرع من الصوت، فقد قصفت قوات صنعاء منشآت عسكرية إسرائيلية بدقة عالية أثارت رعباً غير مسبوق في أوساط الإسرائيليين على كل المستويات.
ويظهر من مشاهد إطلاق الصاروخين الفرط صوتيين التي بثها الإعلام الحربي التابع لقوات صنعاء، باتجاه مواقع عسكرية إسرائيلية أن إسناد ودعم الفلسطينيين لن يتوقف، ولن يتم التجاوز عن أي اعتداء إسرائيلي على اليمن، بالإضافة إلى تأكيد تصاعد القدرات العسكرية بالتوازي مع تصاعد العزم على مواجهة العدوان الإسرائيلي، وفي كل مرة تكون المفاجآت أكبر، والوجع الإسرائيلي أعظم وأشد.
وما لم يكن العالم يتوقعه أن تفضح الصواريخ اليمنية كذبة الدفاعات الجوية الإسرائيلية الحديدية، التي ظلت لعقود تشكل تهديداً لكل الأنظمة والجيوش في المنطقة، فقد وضعتها في اختبار صعب ومهين كشفت نتائجه عن هشاشة وكذبة كبيرة، فصواريخ صنعاء التي طالما استخف بها الغرب والشرق المتواطئ لفترة طويلة، تدخل الآن إلى الساحة أسرع من الصوت، أمام سمع وبصر العالم الذي ظل يروج للدفاعات التي لا يمكن اختراقها.
والنتيجة كما أصبح العالم يراها هي أن حصانة إسرائيل بدفاعاتها الحديدية تعطلت، الأمر الذي يوجب على تل أبيب التنبّه إلى أنها لن تفلت من العقاب بعد الآن، فقد تفكك وهمها بالقوة المفرطة أمام دقة الضربات اليمنية وعزيمة المقاتلين اليمنيين التي لا تلين ولا تعرف الانكسار، لا بحسابات سياسية ولا بتكتلات عالمية، والواقع يثبت هذا يوماً بعد يوم، وكما يقول الحوثيون دائماً إن "القادم أعظم".