يرى مراقبون أن ما حدث من التوغل الإسرائيلي في سوريا وضرب قدراتها الدفاعية يعد نتيجة طبيعية لما أسموه الإرث الخاطئ الذي خلفته خطوات نظام الأسد، والتي تسببت في تحويل سوريا إلى دولة محطمة بعد ما كانت محوراً رئيساً للمقاومة، حيث عجز الأسد عن التعامل مع الضغوط الأمريكية واعتمد على دبلوماسية التطبيع الإماراتية والسعودية بدلاً من التشاور الحاسم مع إيران وروسيا.
لقد مكّن انسحاب الأسد إسرائيل من تحييد المقاومة، من خلال الضربات المتواصلة وتعزيز الهيمنة، الأمر الذي يجعل حتى إيران وحزب الله روسيا أيضاً عاجزين عن فعل أي شيء، إذ أن فاعليتهم تتطلب جبهة سورية موحدة، وهو ما يحتم على المقاومة الاستفادة من هذه الإخفاقات، خصوصاً أن الأمر لا يتعلق بسوريا وحدها، بل يرتبط ببقاء المقاومة كفكر، وبالتالي يتعين عليها إدراك هذه المخاطر الوجودية.
بعد توغل جيش الاحتلال في سوريا تعلن إسرائيل الآن خططاً لتوسعة مستوطنات يهودية في الجولان السوري المحتل، حيث قال رئيس وزراء الكيان نتنياهو "سنستمر في التمسك بها، ونجعلها تزدهر، ونستقر فيها".
وفي هذا الشأن أبدت تركيا- التي تقضم الأراضي السورية من جهة الشمال وهي أحد أهم داعمي الجماعات المسلحة التي تسيطر على البلاد- قلقها من توسيع التوغل الإسرائيلي في سوريا، إلا أن مراقبين لا يعتبرونه موقفاً حقيقياً، حيث قال الكاتب الأمريكي جيري نولان، في مقال نشره موقع "ذا أيسلندر"، بعنوان: "إسرائيل تشدد قبضتها على مرتفعات الجولان في حين تتظاهر تركيا بالغضب"، إن وزارة الخارجية التركية، أبدت قلقاً وصفه بـ"التمثيلي"، فبينما تتخذ إسرائيل هذه الخطوة كمرحلة جديدة تتمثل في توسيع حدودها من خلال الاحتلال، تندب تركيا انتهاكات إسرائيل لاتفاقية فك الارتباط لعام 1974، وفق نولان.
وأشار نولان إلى أن غضب تركيا الذي وصفه بالمصطنع سيكون مثيراً للسخرية، إذا لم يكن غريباً جداً، مؤكداً أن "إردوغان، الذي عمل جنباً إلى جنب مع إسرائيل للإطاحة بالأسد، يذرف الآن دموع التماسيح على الاستقرار، بينما يتجول الإرهابيون الذين يدعمهم بحرية في سوريا"، لافتاً إلى أن "الشراكة بالوكالة بين إسرائيل وتركيا لتمكين هيئة تحرير الشام (تنظيم القاعدة) هي التي مهدت الطريق لهذا الاحتلال"، معتبراً ذلك مفارقة مأساوية في تمزيق سوريا، مضيفاً: "النسور الإمبريالية تتشاجر الآن على الغنائم".
وبالنسبة لتوسيع احتلال الجولان السوري، قال نولان إن "الأمر لا يتعلق بالأمن- كما يحاول إردوغان إظهاره- بل بالنفط والأرض وخطوط الأنابيب، كل ذلك تحت ستار المستوطنات"، مؤكداً أن "قناع إردوغان يسقط، بينما يمضي مشروع نتنياهو الاستعماري قدماً، بدون اعتذار".