آخر الأخبار

بين فكي كماشة.. معضلة الفنزويليين الأميركيين

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

واشنطن- مع تصعيد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغوط على حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو سياسيا وعسكريا وماليا، ازدادت صعوبة موقف مئات الآلاف من أبناء فنزويلا ممن انتقلوا للولايات المتحدة خلال العقدين الأخيرين تحت وطأة التدهور الاقتصادي الحاد.

فمن ناحية يرغب كثير منهم في تغيير النظام في كراكاس بآخر أكثر ديمقراطية، ومن ناحية أخرى لا يريدون أن تقصف القوات الأميركية بلادهم وتدمر بنيتها التحتية.

ومن جانبه، لا يكترث ترامب بمعاناة الفنزويليين الساعين لحياة أفضل على الأراضي الأميركية، وقرر -بعد أن نال دعم المحكمة العليا – إلغاء حالة "الوضع المحمي المؤقت" لمئات الآلاف من المهاجرين الفنزويليين، بما يحتم عليهم مغادرة الولايات المتحدة.

وجهة مهمة

أصبحت الولايات المتحدة وجهة مهمة للمهاجرين الفنزويليين على خلفية تدهور الأوضاع المعيشية داخل بلادهم، مع تشديد واشنطن عقوباتها السياسية والمالية والاقتصادية والتجارية، خاصة بعد وصول الرئيس السابق هوغو شافيز للحكم سنة 2000 عن طريق انتخابات حرة، وتبنيه سياسات يسارية أضرت بكثير من الشركات الأميركية في كراكاس.

وتزايد أعداد مواطني فنزويلا المغادرين بلادهم منذ عام 2014 بعد وصول مادورو للحكم، وبسبب انخفاض أسعار النفط وارتفاع نسب التضخم ونقص السلع الأساسية وعدم الاستقرار السياسي تحت قيادته.

وتشير بعض التقديرات المحايدة إلى وصول عدد من غادر كراكاس إلى 8 ملايين شخص أي نحو 20% من إجمالي سكان البلاد، ووصل منهم قرابة 600 ألف للولايات المتحدة، في حين انتشر الآخرون في دول مجاورة لفنزويلا، على رأسها كولومبيا والبرازيل.

وتفيد تقديرات معهد سياسات الهجرة بواشنطن بأن نحو 770 ألف فنزويلي يعيشون حاليا في الولايات المتحدة، في حين تقول أخرى إن العدد قد يكون أعلى من ذلك نظرا للتحديات في تتبع المهاجرين، خاصة غير النظاميين منهم.

إعلان

ويتركز أغلبهم في مناطق جنوب ولاية فلوريدا، وتحديدا منطقة ميامي، ووسط ولاية تكساس في مدن دالاس وهيوستن، ونيويورك، وبعض مناطق ولاية كاليفورنيا. وأصبح يطلق على بعض أحياء هذه المدن "كراكاس الصغيرة" بسبب تمركز الفنزويليين فيها.

ودخل أغلبهم إلى الولايات المتحدة بحثا عن فرص اقتصادية أفضل، وعبر كثير منهم الحدود الجنوبية مع المكسيك بوصفهم لاجئين أو طالبي لجوء.

جالية متنوعة

ووفقا لوزارة الأمن الداخلي الأميركية، أصبح الفنزويليون من أسرع مجموعات طالبي اللجوء نموا في البلاد. وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، منحتهم الحكومة الأميركية "الوضع المحمي المؤقت"، وهي سياسة سمحت لعديد من المهاجرين الفنزويليين غير النظاميين بالبقاء في البلاد والعمل قانونيا. وأبقى الرئيس السابق جو بايدن على هذه السياسية، غير أن ترامب عاد وألغاها.

وتُعد الجالية الفنزويلية في الولايات المتحدة من بين الأكثر تنوعا عمريا ومهنيا وتعليميا بين الفئات حديثة الهجرة. ويُعتبر كثير منهم من أبناء الطبقة المتوسطة المتعلمين جيدا، وشغلوا مناصب في قطاعات النفط والتجارة في كراكاس قبل تدهور الاقتصاد في البلاد.

وقبل أسابيع، منحت المحكمة العليا ترامب الحق في إلغاء حالة "الوضع المحمي المؤقت" الخاص بالمهاجرين واللاجئين من عدة دول، من بينها فنزويلا. وعليه، سيفقد نحو 600 ألف فنزويلي تصاريح عملهم ويواجهون الترحيل إذا لم يتمكنوا من الحصول على وضع قانوني آخر.

وبإلغاء هذا الوضع وبرامج الإفراج المشروط الإنسانية، تدير واشنطن ظهرها للمهاجرين الفنزويليين الفارين من دولة أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو -الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي بالوزارة- أن "الأبرياء والمعارضين يُسجنون ويُعذبون فيها".

وحذرت جماعات حقوق المهاجرين من أن نهاية "الوضع المحمي المؤقت" تمثل تصعيدا في هجوم إدارة ترامب على المهاجرين الفنزويليين، وتترك مئات الآلاف عرضة للاعتقال وربما الترحيل إلى كراكاس، حيث يواجه كثير منهم السجن حال عودتهم لبلادهم.

وسيقضي هذا القرار على مزايا هذا البرنامج التي تمثل أساسا الحماية من الترحيل والأهلية للحصول على تصريح عمل لنحو 350 ألف فنزويلي يعيشون في الولايات المتحدة وينتظرون الحصول عليها، إضافة إلى 250 ألفا آخرين يتمتعون بها بالفعل.

تأثير سياسي

أصبح الفنزويليون في الولايات المتحدة أكثر تأثيرا سياسيا، خاصة خلال العقدين الماضيين، مع تزايد أعدادهم وتعمق تفاعلهم مع السياسة الأميركية. ودفع تقاربهم مع الكوبيين الأميركيين في مناطق جنوب ولاية فلوريدا إلى تبنيهم مواقف عدائية من النظام الاشتراكي الحاكم في كراكاس، ويساهم عديد من رموز هذه الجالية في زيادة مطالبة إدارة ترامب بضرورة تغيير النظام في فنزويلا.

ويُعد أحد مصادر تأثير الفنزويليين الأميركيين تركزهم الجغرافي الكبير في ضواحي مدينة ميامي، وبما أن فلوريدا ولاية متأرجحة حاسمة في الانتخابات الرئاسية، يكون للصوت الفنزويلي، وإن كان يمثل نسبة محدودة من إجمالي الناخبين، أثر كبير في تحديد هوية المرشح الفائز بفلوريدا.

ويتبنى كثير منهم ممن يحملون الجنسية الأميركية مواقف متشددة من نظام مادورو، ومن هنا يصوت أغلب الفنزويليين، مثل نظرائهم الكوبيين، في فلوريدا لصالح المرشحين الجمهوريين.

إعلان

يُذكر أن الهجرات القديمة منذ ثمانينيات القرن الماضي كانت بسب القمع السياسي والحكم الاستبدادي والانهيار الاقتصادي في فنزويلا. ونتيجة لذلك، تؤثر قضايا مثل الديمقراطية والاشتراكية وحقوق الإنسان والسياسة الخارجية الأميركية تجاه بلدهم الأم تأثيرا كبيرا على آرائهم السياسية. وقد دفع ذلك عديدا من الأميركيين الفنزويليين إلى دعم مرشحين جمهوريين لاعتقادهم أنهم أكثر حزما من الديمقراطيين ضد الحكومات الاستبدادية.

وتبقى حدود قدرة الوزن السياسي لفنزويلي أميركا محدودة، إذ إن أغلبهم هاجروا للولايات المتحدة خلال السنوات العشر الأخيرة، ولم يحصل أغلبهم بعد على الجنسية الأميركية التي تتيح لهم المشاركة السياسية، والتصويت في الانتخابات الوطنية.

ومن الصعوبة الرد على سؤال " هل يشكل الفنزويليون في الولايات المتحدة خطرا أمنيا على البلاد إذا اندلعت حرب؟"، غير أنه بصفة عامة لا يبدو أن هناك قلقا أمنيا أميركيا من موقفهم حال نشوب صراع مسلح بين الدولتين. ويرجع ذلك بالأساس إلى أن سبب قدوم معظمهم إلى الولايات المتحدة هو الهروب من القمع السياسي والانهيار الاقتصادي والعنف والصعوبات المعيشية في فنزويلا.

وغادر كثيرون، تحديدا لأنهم يعارضون الحكومة الفنزويلية الحالية والسابقة ذات النهج الاشتراكي. ونتيجة لذلك، فإن الفنزويليين في الولايات المتحدة ينتقدون نظام كراكاس الحالي انتقادا شديدا ويدعمون تغييره بنظام آخر أكثر ديمقراطية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا