آخر الأخبار

كيف يرى التونسيون بلادهم بعد 15 عاما من الثورة؟

شارك

تونس- يحيي التونسيون، اليوم الأربعاء 17 ديسمبر/كانون الأول، الذكرى الـ15 ل لثورة في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، ومناخ حقوقي وسياسي مضطرب منذ إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021 وما تلاها من قرارات مثل حل البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء واعتماد دستور جديد وحكم البلاد بالمراسيم الرئاسية.

كما تعيش البلاد منذ 10 فبراير/شباط 2023 على وقع ما يعرف ب قضية التآمر على أمن الدولة التي يحاكم فيها عشرات المعارضين السياسيين الذين صدرت بحقهم أحكام عالية بالسجن، اعتبرها مراقبون كيدية وتستهدف القضاء على خصوم النظام الذي يتهمونه بالانقلاب على الديمقراطية في تونس .

في هذا الإطار، حاور الصحفي سايمون سبيكمان-كوردال عددا من التونسيين، من بينهم يسرى الغنوشي ابنة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي المعتقل بتهمة التآمر، للتعليق على ولاية سعيد وما شابها من اعتقالات للمعارضين والنشطاء والصحفيين، وحول واقع الحقوق والحريات في البلاد.

هدف للقمع

وقالت يسرى إنه منذ انتخابه رئيسا لتونس سنة 2019، بدأ سعيد بعد وقت قصير يعرقل عمل الحكومة والبرلمان مما فاقم المشاكل الاقتصادية التي كانت البلاد تعاني منها أصلا، وإنه كان يمهد بذلك الطريق لانقلابه بإعلانه بمفرده حالة الطوارئ وفق الفصل 80 من الدستور.

وأوضحت أن والدها راشد الغنوشي (84 سنة) كان حينها رئيس مجلس النواب، ورفض تدابير سعيد الاستثنائية ووصفها بأنها غير دستورية وترقى إلى انقلاب على الديمقراطية التونسية، ولذلك أصبح "هدفا للقمع خاصة باستخدام القضاء الذي لم يعد مستقلا، ووجد نفسه مرة ثانية سجينا سياسيا بسبب قضايا طويلة ذات دوافع سياسية وصدرت بحقه أحكام بالسجن 42 عاما".

وتحدثت الغنوشي عن الوضع داخل السجون التونسية ووصفته بالمزري، وذكرت أن والدها يعاني من مشاكل صحية تستدعي رعاية طبية مستمرة، "لذا نحن قلقون عليه كثيرا، لكنه دائما يؤكد أن هذا هو ثمن الدفاع عن الديمقراطية في تونس وهو مستعد لذلك".

استهداف المعارضين

بدورها، تحدثت رملة الدهماني عن ملابسات قضية شقيقتها المحامية سنية الدهماني، التي صدر قرار الإفراج المشروط عنها في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 بعد قضائها عاما ونصف العام في السجن بعدة تهم أبرزها التهكم على الرئيس قيس سعيد.

إعلان

وأوضحت للصحفي سبيكمان-كوردال أن شقيقتها حوكمت تحت طائلة المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس في سبتمبر/أيلول 2022 ويتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، بعد تصريحها التلفزي بأن "تونس لم تعد مكانا جيدا للعيش، وهذه كانت جريمتها".

وأكدت أن سعيد يستخدم هذا المرسوم، الذي كان من المفترض أن يهدف إلى مواجهة انتشار الأخبار المزيفة، لإسكات أي صوت معارض وناقد وأنه طال حتى المواطنين العاديين و"وصل الأمر إلى حد النطق بعقوبة الإعدام على أحدهم لأنهم اعتبروا أن ما كتبه على فيسبوك مسيء لسعيد"، واعتبرت أن "القضاة اليوم هم تحت تأثير رئيس الجمهورية".

وأوضحت رملة المقيمة في الخارج أنها لا تستطيع العودة لأنها ستسجن بسبب آرائها، وعبّرت عن أملها في أن "تتحرر تونس ومعها آلاف السجناء"، لأن البلاد حاليا "سجن كبير تحت سماء مفتوحة والنظام يحكم بالخوف والرعب وهذا غير مقبول".

ملفات فارغة

ومن بين المعتقلين السياسيين أيضا السيد الفرجاني عضو حركة النهضة، وأوضحت ابنته كوثر الفرجاني أنه اعتُقل في فبراير/شباط 2023 باعتباره من بين الذين كانوا "يتحدثون عن توحيد المعارضة ضد نظام الانقلاب"، وأضافت أنه منذ عودته من المنفى بعد سنة 2011 كان يؤكد دائما أنه "لا يريد مغادرة تونس مرة أخرى رغم علمه بكل ما ينتظره".

وشددت كوثر على أن ملفات والدها القضائية كغيره من المعتقلين السياسيين "فارغة مما دفع المحامين إلى مقاطعة جلسات المحاكمة". وتحدثت عن ظروف سجنه وقالت إنها كانت سيئة في سجنه الأول، حيث وُضع في زنزانة مع نحو 120 آخرين، بينما تتراوح طاقتها الاستيعابية بين 50 و60 شخصا.

ولم تكن صحة الفرجاني (71 عاما) بخير منذ اعتقاله -وفق ابنته كوثر- حيث لا يزال يعاني من آثار التعذيب والسجن خلال نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في الثمانينيات. وأضافت أنهم يستقون أخباره من محاميه الذي يراه مرة أو اثنتين فقط في الشهر.

وترى كوثر أن سيادة القانون في تونس "انتهت"، وأوضحت "ليس لدي آمال في أن يتغير أي شيء في القضاء لكن أظن أن نظام قيس سعيد غير قابل للاستمرار لأنه يصنع الكثير من الأعداء في الداخل والخارج".

رواية واحدة

وفي مقابلته مع الصحفي سايمون سبيكمان-كوردال، قال بسام خواجة نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش إنهم سجلوا "حملة قمع واسعة تلت الانقلاب من قبل السلطة تستهدف أي شكل من أشكال المعارضة أو التعبير السياسي، لقد رأينا سعيد يعمد فعليا إلى تركيز السلطة في مختلف القطاعات دون استثناء".

وأضاف أنه ليس لدى المنظمة أي ثقة على الإطلاق بأن أيا من المعتقلين يحصل على محاكمة عادلة وآمنة بعد صدور أحكام بالسجن لعقود طويلة فيما يُعرف بقضية التآمر، وأشار إلى أن بعضهم لم يتمكنوا حتى من دخول قاعة المحكمة ولجأت السلطات إلى تنظيم جلسات المحاكمة عبر الفيديو. وأكد أن النظام قوض القضاء وأزال أي قدرة له على العمل بشكل مستقل.

وأكد خواجة أن تونس كانت لسنوات طويلة مهد الربيع العربي وحصنا لحقوق الإنسان في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، لكن "كل ذلك تم التراجع عنه بعد انقلاب قيس سعيد، وتم بالفعل القضاء على مساحة حرية التعبير في البلاد وإفراغها من مضمونها وكذلك النقاش السياسي الجاد، ولم يعد هناك متسع إلا لرواية واحدة وهي رواية النظام الحاكم".

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا