آخر الأخبار

السودان يودع سفير الأغنية الكردفانية عبد القادر سالم

شارك

ودع السودانيون اليوم الثلاثاء عبد القادر سالم (79 عاما)، أحد أعمدة الغناء السوداني والباحث في التراث والموسيقى، الذي حمل أغاني إقليم كردفان في غرب السودان أكثر من نصف قرن، بعد مسيرة فنية ترك أثناءها بصمة لا تُمحى في الوجدان الفني السوداني.

ونعى مجلس السيادة الانتقالي ورئيس الوزراء كامل إدريس الفنان الراحل، وقال المجلس إن سالم "كان رائدا للأغنية السودانية وعُرف بشغفه بالتراث السوداني، إذ صال وجال في مختلف دول العالم للتعريف به".

ويعد الراحل من أبرز رموز الأغنية السودانية الأصيلة، وأكثر الفنانين عطاء فنيا وأكاديميا في مجالات الغناء والبحث الموسيقي، وأسهم بصوته وألحانه في إثراء المشهد الفني لعقود، نال أثناءها احترام الجماهير والنقاد، وصار سفيرا للنغم السوداني في غرب أفريقيا وأوروبا، التي صدح في مدنها ومسارحها.

وكانت للراحل مساهماته الموسيقية الغنية بالجمال والمعبرة باعتزاز عن الهوية الثقافية لغرب السودان المتعدد في نغماته وإيقاعاته، ومن أبرز الأغاني التي اشتهر بها "مكتول هواك يا كردفان".

لم يقتصر دور الراحل على الغناء والتلحين، بل عُرف أيضا باحثا في مجال الموسيقى التراثية السودانية، وأضاف إلى مسيرته بُعدا أكاديميا جعل منه شخصية فريدة تجمع بين الإبداع الفني والدراسة العلمية المتخصصة.

وساهم سالم في توثيق الأنماط الموسيقية التي تنبع من بيئات متنوعة في السودان وترك إرثا موسيقيا غنيا، جمع بين الطرب الأصيل والابتكار، وهو ما جعله أيقونة فنية خالدة في تاريخ السودان.

مسيرة فنية

بدأ سالم مسيرته الفنية عام 1971، ومنذ ذلك الحين كان اسمه مرتبطا بالأصالة والتراث السوداني، وعُرف بتقديم عشرات الأغاني المسجلة صوتيا، إضافة إلى أكثر من 10 أغنيات مصوّرة بطريقة الفيديو كليب، معظمها مستوحى من بيئة إقليم كردفان.

امتاز سالم بتقديم الموسيقى السودانية التقليدية في قوالب حديثة، وركز على موسيقى كردفان، مما جعله مرآة حقيقية للتراث السوداني الغني.

إعلان

كان الراحل أكثر من مجرد فنان؛ فهو باحث في التراث السوداني، عمل على توثيق الموسيقى السودانية، وخاصة المرتبطة بمنطقة كردفان، ونقلها من نطاقها الإقليمي إلى الخرطوم ووسط البلاد، وطوّرها إلى العالمية.

وكان سالم من أوائل الفنانين السودانيين الذين قدموا عروضا فنية ناجحة على المستوى الدولي، خاصة في أوروبا منذ عام 1984.

مصدر الصورة عبد القادر سالم حظي في مسيرته الفنية بعدد من الأوسمة (حساب قناة النيل الأزرق على فيسبوك)

كما قدم عروضا فنية مميزة في المهرجانات الأفروآسيوية، مما أسهم في نشر الموسيقى السودانية على نطاق عالمي.

ويرى النقاد أن سالم أعطى للأغنية السودانية مكانتها عبر مشاركاته المتعددة باسم بلاده، وجعل لها نكهتها المميزة في المهرجانات الموسيقية العالمية.

وشارك في العديد من المحاضرات والندوات، وقدم أوراقا علمية حول التراث الغنائي السوداني، وله إسهامات بالكتابة في الصحف السودانية، تناول فيها القضايا الموسيقية والتراثية.

وحظي سالم في مسيرته الفنية والأكاديمية بعدد من الأوسمة والجوائز التي جسدت حجم تأثيره في المشهد الثقافي السوداني، من أبرزها الوسام الفضي في العلوم والآداب عام 1976 وجائزة الدولة التشجيعية عام 1983، وهما تكريمان رسخا مكانته باعتباره أحد أعمدة الفن السوداني.

المولد والنشأة

وُلد عبد القادر سالم عام 1946 في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان ، وفيها قضى جزءا كبيرا من حياته.

بدأ حياته المهنية معلما بعد تخرجه من معهد إعداد المعلمين في الدلنج، لكنّ شغفه بالموسيقى دفعه للالتحاق بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح عام 1970، حيث نال البكالوريوس، ثم استكمل دراساته العليا وحصل على الماجستير عام 2002، بأطروحة تناولت الغناء والموسيقى لدى قبيلة الهبانية بجنوب كردفان.

كما حصل على الدكتوراه عام 2005 من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا بأطروحة عن الأنماط الغنائية في إقليم كردفان ودور المؤثرات البيئية في تشكيلها.

كذلك عمل سالم بمعهد إعداد معلمي التربية بولاية الخرطوم، ثم بإدارة المناشط التربوية بوزارة التربية والتعليم، ثم موجها تربويا بريفيّ مدينة أم درمان عام 1990.

وتخللت فترات عمله الانتداب لكلية الموسيقى في الفترة من (1970-1974)، ثم ابتعث للعمل بالعاصمة التشادية إنجامينا في الفترة من (1984-1989) ثم مديرا لمدرسة الصداقة السودانية التشادية. وأثناء فترته هناك ساهم في تكوين اتحاد الفنانين بإنجامينا وتدريبهم وتوفير بعض الآلات الموسيقية.

وانتدب كذلك لمجلس الصداقة الشعبية العالمية في الفترة من (1992-2006)، وعمل فيه مقررا للدائرة الأفريقية، وبعد إحالته للتقاعد عمل أستاذا مساعدا في كلية التربية بجامعة الخرطوم.

المساهمات التي قدمها سالم في حقل التعليم في داخل البلاد وخارجها، وعلى مستوى التجديد الموسيقي والمشاركات الخارجية لنشر اسم السودان فنيا، إلى جانب العمل النقابي، جعلت له حضورا مميزا لأكثر من نصف قرن في المشهد الفني، فحظي بتقدير كبير وسط زملائه ومعجبي فنه، وشكل غيابه صدمة في الأوساط الفنية بعدما بات أحد رموز الفن والموسيقى لعقود، وترك اسمه محفورا في وجدان السودانيين.

إعلان

ويشكل رحيل عبد القادر سالم خسارة كبيرة للسودان، إذ فقدت الساحة الفنية أحد أبرز صانعي هوية الموسيقى السودانية الحديثة، إذ مزج بين الإبداع المعاصر وجذور التراث الأصيل.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا