في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقا روت فيه عدد من النساء السوريات ما مررن به من تجارب قاسية داخل سجون نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ، حيث استُخدم الاعتقال والتعذيب كوسيلة للضغط على المعارضين المسلحين، ليس فقط عبر احتجازهم، بل من خلال استهداف زوجاتهم وأطفالهم أيضا.
وذكرت الصحيفة أن النساء والأطفال تحولوا، خلال سنوات الحرب، إلى أوراق ابتزاز استخدمها النظام لانتزاع المعلومات أو إجبار المطلوبين على الاستسلام.
وتحدثت كوثر تميم (34 عاما)، في منزلها بقرية عفرين النائية شمال غربي سوريا ، إلى مراسلة الصحيفة الأميركية عن ملابسات اعتقالها هي وأطفالها الــ4 في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حين أُودعوا جميعا في سجن تحت الأرض لمجرد الاشتباه بكونها زوجة مقاتل معارض.
كانت كوثر واحدة من عدة نساء معتقلات سابقات تواصلن عبر مجموعة دعم تديرها "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا "، أكثر السجون السورية رُعبا.
وقالت إنها اقتيدت إلى سجن تابع للفرقة الرابعة المدرعة، ثم إلى فرع الخطيب، حيث تعرضت لأشكال متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي، بينها ضرب مبرح أفقدها وعيها وإجبارها على مشاهدة المحققين وهم ينهالون ضربا على أطفالها، الذين تراوحت أعمارهم وقتها بين عامين و14 عاما.
وأضافت أن المحققين طلبوا منها في أول يوم من احتجازها أن تدلهم على مكان وجود زوجها. وعندما امتنعت، ضربوها في جبينها بطاولة حتى سال الدم من فمها.
في اليوم التالي، اتهمها المحققون بتهريب أسلحة، وتعرّضت للضرب حتى فقدت الوعي. تتذكر ابنتها الكبرى شيماء، التي كانت تبلغ 11 عاما، أنها سمعت صراخ أمها ورأت كدماتها.
وبعد أسابيع، نُزع منها أطفالها الثلاثة الأصغر سنا ونُقلوا إلى دار حكومية للأيتام، بينما نُقل ابنها الأكبر إلى سجن آخر.
وقد وثّقت نيويورك تايمز في تحقيق صحفي حديث أيضا كيف أن نظام الأسد كان يفصل قسرا مئات الأطفال عن عائلاتهم ويضعهم في ملاجئ أيتام بهويات مزورة في كثير من الأحيان.
غير أن قصة كوثر لا تبدو استثناءً، فصباح حرموش (37 عاما)، التي اعتُقلت في مارس/آذار 2024 قبل 9 أشهر فقط من سقوط النظام، تحدثت هي الأخرى إلى الصحيفة وروت كيف أنها احتُجزت مع أطفالها وحماتها في سجن المزة بدمشق ، حيث تعرض الجميع للضرب خلال التحقيقات.
وبعد 20 يوما، قالت صباح إن أطفالها كانوا يتضورون جوعا، لأنهم كانوا ينفرون من تناول الطعام الذي كان يقدم لهم في السجن لدرجة أنهم بدؤوا يمضغون أحذيتهم الرياضية فنُقلوا إلى دار للأيتام. وبعد سقوط النظام، تمكنت من الهرب والعودة لأطفالها الذين لم يتعرف أصغرهم عليها.
كما تسرد ميادة الشمالي (51 عاما)، التي اعتُقلت مرتين، تجربتها مع الاعتقال المطوّل وفصلها القسري عن أطفالها، بينهم رضيع لم يتجاوز الشهرين.
وتُضاف إلى ذلك شهادة إيمان الذياب (40 عاما)، الناشطة السياسية، التي أمضت عامين في سجن الخطيب، حيث احتُجزت مع عشرات النساء في زنزانة مكتظة وسط انعدام للنظافة، وإضاءة قاسية لا تُطفأ، وإضرابات عن الطعام احتجاجا على سوء الأوضاع.
وقالت إنها ورفيقاتها في السجن كنّ يتناوبن على الوقوف والاضطجاع ملتصقات ببعضهن بعضا، مضيفة أنها تعرضت للصعق الكهربائي والضرب المبرح، بينما كانت تتشبث بالنوم كملاذ وحيد لرؤية أطفالها في أحلامها.
هذه القصص تكشف فصولا مظلمة من ممارسات التعذيب والانتهاكات بحق المدنيين، لتؤكد أن آثار تلك السياسة لا تزال مستمرة، وأن عديدا من العائلات لم تستطع إلى اليوم تضميد جراحها أو استعادة حياتها الطبيعية بعد سنوات من الرعب والمعاناة
أما كوثر تميم، فقد أُفرج عنها وعن ابنها براء في مايو/أيار 2015 ضمن صفقة تبادل، سلّمت المعارضة المسلحة بموجبها جثامين 4 ضباط كبار في النظام ودفعوا نحو 12 ألف دولار، حسب زوجها الذي قال إنه ساهم في التفاوض على الصفقة.
وهي تعيش الآن في قرية عفرين مع زوجها، المقاتل السابق، ومع أطفالهما الذين أصبحوا 7 الآن.
وتكشف الشهادات -التي جُمعت عبر مجموعات دعم نظّمتها رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا- حجم الانتهاكات المنظمة التي تعرض لها النساء والأطفال.
وتظهر هذه القصص فصولا مظلمة من ممارسات التعذيب والانتهاكات بحق المدنيين، لتؤكد أن آثار تلك السياسة لا تزال مستمرة، وأن عديدا من العائلات لم تستطع إلى اليوم تضميد جراحها أو استعادة حياتها الطبيعية بعد سنوات من الرعب والمعاناة.
المصدر:
الجزيرة