مازال سيل التحليلات والتعليقات، بشأن الفوز التاريخي، الذي حققه زهران ممداني برئاسة بلدينة نيويورك، أأكبر مدينة أمريكية، مازال يتدفق عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
ويعد ممداني، وهو يساري تقدمي وديمقراطي، أول مسلم يتم انتخابه رئيسا لبلدية نيويورك، فيما يمثل بعثا للحياة من جديد، في آمال الحزب الديمقراطي الأمريكي، بعد عام من هزيمة مدوية، تعرض لها الحزب أمام الجمهوريين، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، فيما يعتبره مراقبون، مؤشرا على إمكانية تحقيق فوز مماثل، في الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي بعد حوالي عام من الآن.
وتنبع أهمية فوز ممداني بالمنصب، من أن الرجل أعلن نفسه منذ البداية، كيساري اشتراكي، وأنه ركز طوال حملته الانتخابية، على تحقيق وعود تعتبر بالغة الأهمية، بالنسبة لحياة سكان نيويورك، الذين يعانون من ضيق سبل العيش، والارتفاع الكبير في الأسعار.
وفي جانب آخر، يبدو فوز ممداني ملهما، بصورة كبيرة لجيل الشباب من الأمريكيين، إذ هو أصغر رئيس لبلدية نيويورك، منذ قرابة قرن من الزمن، وهو يبلغ من العمر 34 عاما، بل أن المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي العربية، يلحظ كيف أنها تعج بترحيب كبير، من قبل ناشطين شباب، كانوا ومايزالون من أنصار الربيع العربي.
تحول جيلي وأيديولوجي
تقول صحيفة الجارديان البريطانية إن "ممداني يشكّل تهديداً واضحاً للجمهوريين"، وتعتبر أن "انتخابه يُجسّد تحولاً جيلياً وأيديولوجياً داخل الحزب الديمقراطي، ويجعله أول عمدة مسلم، ومن أصول جنوب آسيوية في تاريخ نيويورك، في لحظة أميركية تتأرجح بين تصاعد القومية البيضاء وحاجةٍ ملحّة إلى التغيير".
من جانبها قالت مجلة "ذا نيويوركر"، تحت عنوان "عهد ممداني بدأ"، إن "خصوم ممداني، حاولوا تشويه سمعته بسبب صِغر سنّه، وقلة خبرته، وانتمائه السياسي اليساري، لكن سكان نيويورك لم يرغبوا في عمدةٍ تقليدي أو سياسيٍّ مخضرم، بل أرادوا زهران ممداني نفسه".
وأضافت المجلة أن "ممداني قدّم نفسه بديلاً نزيهاً لطبقةٍ سياسيةٍ فاسدة"، معتبرةً أن انتخابه شكّل تحولاً في الحياة السياسية للمدينة، إذ وضع فئاتٍ كانت مهمشة سابقاً في قلب المشهد السياسي، وغيّر المفاهيم السائدة حول التحالفات ومشاركة الناخبين.
هل يحقق ممداني وعوده؟
طرح ممداني خلال حملته الانتخابية، الكثير من الوعود الجريئة، من أبرزها تجميد الإيجارات، لنحو مليوني مواطن من ذوي الدخل المحدود، وتوفير خدمات نقل ورعاية أطفال مجانية، إلى جانب مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة في واحدة من أغلى مدن العالم ، لكن السؤال المطروح الآن بعد فوزه، هو هل سيتمكن من تحقيق تلك الوعود؟ وما هي الصعاب التي قد يواجهها؟.
وربما يكون تحقيق تلك الوعود، بالنسبة للمواطنين ذوي الدخل المحدود، أكبر تحد لممداني في الأيام الأولى لتوليه منصبه، مطلع العام المقبل، ولربما تكون طبيعة نيويورك كمدينة، وطبيعة النظام السائد فيها، عاملان معرقلان لجهود ممداني، ذلك لأن المدينة معروفة بأنها لاتعطي محدودي الدخل، مزيدا من الامتيازات، بقدر ماهي توفر الدعم للأثرياء الذين يستغلون نظامها ليصبحوا أكثر ثراء.
ولايمكن إغفال عامل آخر مهم، وهو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومن خلفه الجمهوريين الأمريكيين، سيحاولون عرقلة ممداني في مسيرته لتحقيق وعوده، وقد كان واضحا أن ترامب، يرغب في خسارة ممداني لهذه الجولة، إذ قدم الدعم على مضض لمنافسه أندرو كومو، وهو من الديمقراطيين، والذي ترشح كمستقل في محاولة للفوز دون جدوى.
كيف سيتعامل ترامب
تطرح مجلة "نيوزويك" الأمريكية، خمسة سيناريوهات محتملة، لكيفية تعامل ترامب مع فوز ممداني مستقبلا وهي
أولا : تكثيف تطبيق قوانين الهجرة، وتقول إن إدارة ترامب، قد تسعى إلى تشديد تطبيق قوانين الهجرة في مدينة نيويورك، كما فعلت في لوس أنجلوس، وشيكاغو، وكان ممداني قد قال خلال حملته إنه "سيحصن المدينة ضد ترامب"، وأنه سيعمل مع إدارته على إخراج وكالة الهجرة والجمارك من المدينة، وإنهاء التعاون معها، إلى جانب تقديم الدعم القانوني للمهاجرين، وحماية البيانات الشخصية، وعندما سُئل ترامب، في يوليو، عن خطط ممداني لإغلاق وكالة الهجرة في المدينة رد:"حسنا، عندها سنعتقله".
ثانيا : مقاضاة المدينة، وتقول المجلة إن البيت الأبيض، قد يلجأ إلى الطعن في سياسات إدارة ممداني أمام المحاكم، خاصة المتعلقة منها بملف الهجرة.
ثالثا: حجب التمويل، وتقول المجلة إن ترامب كان قد هدد في يوليو الماضي، بحجب التمويل الفيدرالي عن المدينة، إذا لم "يلتزم" ممداني في حال فوزه بالانتخابات، وقال:"لن نسمح لشخص أن يتولى المنصب ويهدر أموال دافعي الضرائب في هذا البلد".
رابعا: زيادة الرقابة الفيدرالية، ووفقا للمجلة، فإن إدارة ترامب، يمكن أن تسعى إلى ربط الحصول على التمويل الفيدرالي، بالامتثال لأولويات معينة مثل التعاون مع وكالة الهجرة.
خامسا: نشر قوات فيدرالية، وتتحدث المجلة، عن أنه وخلال الأشهر الأخيرة، أمر ترامب بنشر قوة الحرس الوطني، للمساعدة في تنفيذ أجندته المتعلقة بالجريمة والهجرة، في عدد من المدن التي يحكمها ديمقراطيون مثل لوس أنجلوس، وشيكاغو، وواشنطن العاصمة وأن ذلك يمكن أن يتكرر في نيويورك بعد فوز ممداني.
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 05 تشرين الثاني/أكتوبر.
خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة