قالت مجلة لوبس إن مشكلة نيكولا غيو، القاضي الفرنسي في المحكمة الجنائية الدولية ، الذي وجد نفسه تحت عقوبات أميركية فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب تكشف عن مدى تبعية أوروبا للشركات الأميركية وعجزها عن حماية استقلالها التقني والمالي.
وأوضح بيار هاسكي -في زاويته بالمجلة- أن هذا القاضي الفرنسي، المنتدب لدى المحكمة الجنائية الدولية، يعيش تجربة لم يكن أي مواطن فرنسي يتخيلها يوما، إذ وُضع تحت العقوبات الأميركية، ويتحمل تبعاتها في حياته اليومية، ممنوعا من استخدام أي خدمة أميركية، مثل " غوغل " و" أمازون " و"باي بال" و"فيزا" و"ماستركارد".
ولم يرتكب القاضي غيو جرما -كما يقول الكاتب- ولكنه أُدرج ضمن قائمة من 9 قضاة في المحكمة الجنائية الدولية فرضت عليهم واشنطن عقوبات بعد إصدارهم مذكرة توقيف ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من قادة حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ).
وتظهر هذه العقوبات -التي لا نظير لها في أوروبا، حسب الكاتب- الطابع الخارج عن الحدود للقوانين الأميركية، إذ تلزم الشركات في العالم أجمع بالامتثال لقرارات واشنطن، حتى عندما لا تتفق مع سياسات بلدانها.
ويشير المقال إلى المفارقة القانونية والإنسانية في أن زوجة القاضي الفرنسي أميركية الجنسية، وقد تواجه عقوبة تصل إلى 20 عاما في السجن إذا قدمت أي خدمة لزوجها الخاضع للعقوبات الأميركية.
ومن هنا، أطلق غيو تحذيرا شديد اللهجة، أكد فيه أن الإدارة الأميركية قادرة فعليا على استبعاد أي مواطن أوروبي من النظام المصرفي والرقمي العالمي، وهو ما عده دليلا صارخا على فقدان أوروبا لسيادتها الرقمية.
ويعتبر الكاتب أن هذه القضية تحمل بعدين أساسيين: الأول هو النفاق السياسي الأميركي، الذي يجعل واشنطن تدعم المحكمة الجنائية الدولية حين تستهدف خصومها، ولكنها تعاقب القضاة أنفسهم عندما تلاحق المحكمة حلفاءها، مما يعزز اتهامها "بازدواجية المعايير".
السعي إلى السيادة الأوروبية لا يمر فقط عبر الدفاع والسياسة، بل كذلك عبر الاستقلال الرقمي والتكنولوجي عن الولايات المتحدة
أما البعد الثاني، فهو انكشاف الضعف الأوروبي أمام الهيمنة التكنولوجية الأميركية، إذ لو قررت واشنطن يوما الضغط على الاتحاد الأوروبي عبر تعليق الخدمات الرقمية الأميركية، لتأثرت حياة ملايين الأوروبيين جذريا، تماما كما حدث مع القاضي غيو، وفقا للكاتب.
وخلص هاسكي إلى أن السعي إلى السيادة الأوروبية لا يمر فقط عبر الدفاع والسياسة، بل كذلك عبر الاستقلال الرقمي والتكنولوجي عن الولايات المتحدة، ودعا الحكومات الأوروبية، خاصة فرنسا، إلى دعم القاضي غيو الذي وجد نفسه دون قصد في الخط الأمامي لصراع السيادة والاعتماد المتبادل، كرمزٍ لضعف أوروبا البنيوي أمام الهيمنة الأميركية.
    
    
        المصدر:
        
             الجزيرة
        
    
 
   مصدر الصورة