آخر الأخبار

نيويورك تايمز: هكذا انهار نظام الأسد وفرّ رجاله تحت جنح الظلام

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية -في تحقيق استقصائي مطول- تفاصيل عن اللحظات الأخيرة لهروب الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وبعض أفراد حاشيته من البلاد أواخر 2024.

واستهلت الصحيفة بسرد تفاصيل ما جرى بعد منتصف ليلة الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 بقليل. في تلك الليلة الباردة، اجتمع عشرات من كبار المسؤولين السوريين في مدخل المطار العسكري المظلم بدمشق، يحملون ما استطاعوا جمعه من حقائب مليئة بالنقود والمجوهرات، ووجوههم شاحبة تترقب مصيرا مجهولا.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 إندبندنت: غزة على حافة انهيار بيئي شامل
* list 2 of 2 مسيّرات أميركية جديدة يمكن طباعتها محليا وتجميعها بساحة المعركة end of list

وللمفارقة، فقد كانوا قبل ساعات فقط يمثلون العمود الفقري لأحد أكثر الأنظمة وحشية في العالم، وفق الصحيفة.

وكان من بين المسافرين قحطان خليل، مدير المخابرات الجوية والمتهم بارتكاب مجازر دموية، ووزيرا الدفاع السابقان علي عباس وعلي أيوب، ورئيس هيئة الأركان عبد الكريم إبراهيم، المتهم بتسهيل التعذيب والاغتصاب ضد المدنيين، حسب التقرير.

الليلة التي اختفى فيها الأسد

وتقول الصحيفة إنها استقت تفاصيل الهروب التالية من مصدرٍ كان ضمن المسافرين واثنين من مسؤولي النظام السابق كانا على اطلاع على ما جرى.

ففي تلك الليلة، كان كبار مساعدي الرئيس ينتظرون في القصر الجمهوري، مطمئنين إلى أنه يضع خطة دفاع مع الروس والإيرانيين لصدّ تقدم المقاتلين المعارضين نحو العاصمة، حسب الصحيفة الأميركية.

لكن الأسد لم يظهر، والخطة لم تُكتب. وعند منتصف الليل، اكتشف المقرّبون أن الرئيس قد نُقل سرا في موكب روسي إلى قاعدة حميميم الساحلية، برفقة ابنه واثنين من مستشاريه الماليين.

وما إن شاع الخبر حتى دبّ الذعر في أروقة الحكم. أحد كبار المسؤولين اتصل بعائلته قائلا: "لقد رحل، احزموا حقائبكم فورا"، حسب رواية الصحيفة.

وخلال ساعات، كانت قوافل من السيارات الفارهة تشق طريقها نحو الساحل، في حين تولّت السفارة الروسية إيواء آخرين وتأمين ممرّاتهم الآمنة، واستقل بعضهم طائرات، وهُرع البعض الآخر إلى فيلاتهم الساحلية وانطلقوا بزوارق فاخرة.

مصدر الصورة صور سوريين مفقودين علقها ذووهم في ساحة المرجة بدمشق وقد فر المسؤولون عن هذه المعاناة وفق الصحيفة (رويترز)

أما بالنسبة لآلاف السوريين الذين فقدوا أحباءهم، أو تعرّضوا للتعذيب أو السجن أو التهجير على يد نظام الأسد، فقد تحوّلت بلادهم إلى مسرح جريمة فرّ منه الجناة الرئيسيون جماعيا، كما تروي الصحيفة.

الدور الروسي في عملية الإنقاذ

وأكدت صور الأقمار الصناعية أن طائرة "ياك–40" روسية أقلعت من دمشق في الواحدة والنصف فجرا، وهبطت في قاعدة حميميم بعد دقائق، وفق التقرير.

إعلان

ووصف شهود عيان -للصحيفة- فوضى غير مسبوقة داخل القاعدة الجوية، من ضباط يرمون بزّاتهم، ومسؤولين يحملون حقائب مليئة بالذهب، ومستشارين روس ينظمون رحلات الإجلاء إلى موسكو .

ووصلت 5 شخصيات بارزة على الأقل إلى موسكو في تلك الليلة، بينما لجأ آخرون إلى الفيلات الساحلية المجاورة، وهكذا انتقلت رعاية موسكو للأسد من إنقاذ نظامه في أثناء الحرب، إلى إنقاذ رموزه من السقوط والمحاسبة، وفقا للتقرير.

عديد من المسؤولين الهاربين حصلوا قبل سقوط النظام على جوازات سفر سورية حقيقية بأسماء مزوّرة، استخدموها لاحقا لاكتساب جنسيات في جزر الكاريبي عبر الاستثمارات العقارية.

ولكن بينما كان كبار القادة يفرون، بقي الآلاف من عناصر المخابرات العامة داخل مقارهم، غير مدركين أن رؤساءهم قد فرّوا، حسب نيويورك تايمز.

مصدر الصورة رجل سوري يحمل جثة طفل من ضحايا الهجوم الكيميائي على الغوطة بدمشق، 21 أغسطس/آب 2013 (رويترز)

وذكرت الصحيفة أن مديرهم حسام لوقا -المعروف بولائه للأسد وإشرافه على التعذيب والاعتقال الجماعي- كان يطمئن رجاله حتى آخر لحظة، قبل أن يفرّ هو نفسه بعد أن استولى على 1.36 مليون دولار من خزينة الجهاز. ويُعتقد أنه وصل لاحقا إلى روسيا.

أما كمال الحسن -يتابع التقرير- رئيس شعبة المخابرات العسكرية والمتهم بعمليات الإعدام والتعذيب، فقد أُصيب في أثناء محاولته الهرب، قبل أن يلوذ بالسفارة الروسية التي سهّلت نقله إلى الخارج، حيث انضم إلى علي مملوك، رئيس الأمن القومي الملقب بـ"الصندوق الأسود" للنظام وأحد أخطر رجالاته.

المتوارون عن الأنظار

منذ سقوط النظام، انخرط فريق من مراسلي نيويورك تايمز على مدى الأشهر القليلة الماضية في تتبع مصير 55 من كبار المسؤولين السابقين في الحكومة والجيش، الذين وردت أسماؤهم في قوائم العقوبات الدولية ويرتبطون بأكثر الفصول دموية في التاريخ الحديث لسوريا .

ووفق الصحيفة، فإن بشار الأسد نفسه يقيم اليوم في روسيا، مقطوع الصلة بمعظم رجاله. وشقيقه ماهر ، قائد الفرقة الرابعة "سيئة السمعة"، يعيش حياة بذخ في موسكو مع قادة سابقين أمثال جمال يونس، وفق الصحيفة الأميركية.

يجمع ناشطون سوريون ومنظمات حقوقية وأمم المتحدة الشهادات والأدلة، أملا في محاسبة طال انتظارها

وقد ظهر الضابط السابق في الفرقة الرابعة، العميد ركن غياث دلا، في لبنان وهو ينسق مع ضباط من النظام المخلوع لتنفيذ عمليات تخريبية، حسب التقرير.

أما العالم عمر الأرمنازي، المسؤول عن برنامج الأسلحة الكيماوية، فأكدت الصحيفة أنه ما زال في دمشق يعيش حياة هادئة دون أن يُمسّ.

وسائل الاختفاء

وكشفت مصادر للصحيفة أن عديدا من هؤلاء المسؤولين الهاربين حصلوا قبل سقوط النظام على جوازات سفر سورية حقيقية بأسماء مزوّرة، استخدموها لاحقا لاكتساب جنسيات في جزر الكاريبي عبر الاستثمارات العقارية.

ونقلت الصحيفة عن مازن درويش، مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في باريس القول: "هؤلاء اشتروا هويات جديدة. وهكذا تمكنوا من الاختفاء بفضل ما يملكونه من أموال وعلاقات وقدرة على التنقل والنجاة".

وساعد هذا التمويه المستمر كثيرين على الإفلات من العقوبات والعدالة -وفق التقرير- رغم الجهود الأوروبية والأميركية لبناء ملفات جنائية ضدهم. وفي المقابل، يجمع ناشطون سوريون ومنظمات حقوقية وأمم المتحدة الشهادات والأدلة، أملا في محاسبة طال انتظارها.

هروب بالصدفة

لم تكن كل عمليات الفرار سلسة، وفقا للصحيفة، فاللواء السابق بسام حسن -أحد أبرز رجال الأسد والمتهم بالهجمات الكيميائية وخطف الصحفي الأميركي أوستن تايس – نجا من الاعتقال بمحض الصدفة.

إعلان

فبينما كان النظام يتداعى، كان حسن نائما في دمشق -وفق ما نقله التقرير- وعند فجر اليوم التالي، فرّ هو وعائلته بـ3 سيارات محملة بالأموال. وبالقرب من حمص ، أوقف مسلحون إحدى السيارات وأخذوا محتوياتها، دون أن يدركوا أن اللواء كان في السيارة التالية.

ووصل لاحقا إلى لبنان ثم إيران بمساعدة مسؤولين إيرانيين، قبل أن يعود إلى بيروت ويتعاون سرا مع الاستخبارات الأميركية ، وفقا لمصادر مطلعة وثقتها الصحيفة، بينما يعيش حياة مرفّهة متنقلا بين مقاهي ومطاعم العاصمة اللبنانية بهوية جديدة.

الواقع المرير

أما بالنسبة لعشرات الآلاف من السوريين الذين كانوا ضحايا لنظام الأسد، فيبدو أن مسار العدالة يسير بلا هدف، حسب التقرير.

ولا يزال السؤال مفتوحا عمّا إذا كانت الحكومة الحالية، برئاسة أحمد الشرع ، تمتلك القدرة على ملاحقة مسؤولي نظام الأسد المتهمين بارتكاب جرائم حرب بشكل جاد، وفق نيويورك تايمز.

ووفقا للتحقيق الاستقصائي، فإن الآمال في قيام محكمة دولية تحقق العدالة تتضاءل في ظل استمرار انقسام القوى الأجنبية منذ سنوات حول الحرب في سوريا والانتفاضة ضد النظام السابق.

وبالنسبة لأولئك الذين يواصلون الكفاح من أجل عدم السماح بطمس جرائم النظام من ذاكرة التاريخ، تبقى الحقيقة المرة -برأي الصحيفة- على حالها، حيث لا يزال كبار رجال الأسد يعيشون حياة الترف، ويسبقون ملاحقيهم بخطوة، "والعدالة تظل بعيدة المنال".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل أمريكا حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا