آخر الأخبار

هنيبعل القذافي: لماذا أفرج القضاء اللبناني عنه بعد عشر سنوات؟

شارك
مصدر الصورة

قرر المحقق العدلي في قضية خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر إخلاء سبيل هنيبعل القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، مقابل كفالة مالية بلغت 11 مليون دولار، مع منعه من السفر.

وقال محامي القذافي شربل الخوري في حديث مع بي بي سي إن فريق الدفاع سيرفع طلباً لإلغاء الكفالة التي وصفها بأنها شرط تعجيزي ومستحيل التنفيذ.

ويأتي القرار بعد نحو عشر سنوات من توقيف هنيبعل، الابن الرابع للقذافي (1942–2011) الذي قتل إثر انتفاضة شعبية عام 2011.

وكان هنبيعل قد اعتقل في لبنان عام 2015 ولم يخضع لأي محاكمة فعلية أو تحقيق لسنوات طويلة، وهو موقوف بتهمة إخفاء معلومات عن اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا عام 1978، رغم أنه كان في الثالثة من عمره آنذاك.

وقد طالبت منظمات حقوقية عدة في السنوات الماضية بإطلاق سراحه فوراً، معتبرةً أن استمرار احتجازه يحمل أبعاداً سياسية.

مصدر الصورة

وصدر القرار بعد جلسة استجواب مطولة في بيروت صباح اليوم، وهي الأولى من نوعها منذ عام 2017.

عقدت الجلسة أمام المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة في قصر العدل، بحضور فريق الدفاع عن القذافي ومن بينهم المحامي الفرنسي لوران بايون واللبناني شربل خوري، ووكلاء الادعاء عن عائلات الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين، ومن بينهم رئيس المحامين الدوليين أنطوان عقل. كما حضر الجلسة ابن وابنة محمد يعقوب.

نفى القذافي خلال الجلسة امتلاكه أي معلومات تتعلق بمصير الصدر أو رفيقيه، مؤكداً أنه لم يكن سوى في الثالثة من عمره عند وقوع الحادثة. وبعد مداولات مطولة قرر القاضي إخلاء سبيله مع منعه من مغادرة لبنان، على أن يبقى خاضعاً للتحقيق القضائي حتى البت النهائي في القضية.

ورغم أن عائلة الصحافي عباس بدرالدين وافقت على طلب الإفراج، إلا أنها أبقت على ادعائها ضد القذافي، بينما لم تصدر مواقف علنية مماثلة من عائلتي الصدر ويعقوب.

سجال قضائي وسياسي

هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها ملف هنيبعل القذافي تفاعلاً قضائياً وسياسياً في لبنان، ففي عام 2019، وجّه وزير العدل اللبناني آنذاك سليم جريصاتي كتاباً إلى رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، طالب فيه بالتحقق من ظروف توقيف هنيبعل القذافي والتأكد من خلوّه من أي مخالفات قانونية.

استند جريصاتي في كتابه إلى مراسلات من اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في جنيف، من بينها رسالة بتاريخ 18 أيار/مايو 2018 من نائب رئيس الفريق العامل المعني بالاعتقالات التعسفية والمقرر الخاص المعني بالتعذيب.

أحال الوزير المراسلات إلى هيئة التفتيش القضائي لمراجعة الملف، مؤكداً ضرورة متابعة التحقيق وفق الأصول القانونية وضمان حقوق الموقوف.

بعد نشر الكتاب، أصدر النائب علي بزي، عضو المكتب السياسي في حركة أمل، بياناً رد فيه على الوزير، منتقداً الخطوة ومشككاً بوجود أي مراسلات جديدة من جنيف.

وتزامن ذلك مع استمرار مطالبة الدولة الليبية وسوريا باستعادة هنيبعل القذافي، ومع اتصالات دولية لمتابعة ظروف توقيفه من قبل اللجنة الدولية لحقوق الإنسان.

خلفيات التوقيف الطويل

مصدر الصورة

هنيبعل القذافي، المولود عام 1975، هو الابن الرابع لمعمر القذافي من زوجته صفية فركاش. بعد سقوط نظام والده عام 2011، لجأ إلى الجزائر ثم إلى سلطنة عمان حيث عاش تحت الإقامة الجبرية مع والدته وشقيقته عائشة.

في ديسمبر/كانون الأول 2015، دخل إلى لبنان بظروف غامضة، ليختطف لاحقاً في منطقة بعلبك من قبل مجموعة مسلحة. وبعد ساعات، سلّم الخاطفون القذافي إلى قوى الأمن الداخلي، حيث جرى توقيفه للتحقيق في قضية الإمام موسى الصدر.

منذ ذلك الحين، بقي القذافي موقوفاً في سجن رومية المركزي، من دون صدور حكم نهائي بحقه. واعتبر فريق دفاعه أن احتجازه لمدة تقارب عشر سنوات من دون محاكمة فعلية يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون اللبناني والمعاهدات الدولية.

وفي السنوات الأخيرة، رفع فريق الدفاع شكوى أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف، معتبراً أن توقيفه "تعسفي وغير قانوني". كما أكد محاموه أن حالته الصحية تدهورت خلال فترة سجنه.

قضية مفتوحة

مصدر الصورة

قضية اختفاء الإمام موسى الصدر لا تزال من أكثر الملفات حساسية في لبنان والعالم العربي. فالصدر، الذي وُلد في مدينة قم الإيرانية لعائلة لبنانية من الجنوب، كان قد برز في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كزعيم ديني وسياسي للطائفة الشيعية، ودعا إلى المساواة الاجتماعية والعدالة ورفض الطائفية. أسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ثم أطلق عام 1974 "حركة المحرومين" التي أصبحت لاحقاً نواة حركة أمل، برئاسة نبيه بري.

في 25 أغسطس/آب 1978، سافر الصدر إلى ليبيا بدعوة رسمية من معمر القذافي سعياً للتوسط بين الفصائل اللبنانية المتنازعة أثناء الحرب الأهلية، لكن بعد ستة أيام، اختفى أثره ورفيقيه بعد لقائهم مسؤولين ليبيين. السلطات الليبية زعمت أنه غادر إلى روما، لكن التحقيقات الإيطالية نفت ذلك، لتتحول القضية إلى لغز سياسي وإنساني دام أكثر من أربعة عقود.

بعد سقوط نظام القذافي عام 2011، ظهرت معلومات متضاربة حول مصير الصدر. إذ قال صحافي لبناني إنه شاهد جثة يعتقد أنها تعود له في مشرحة سرّية في طرابلس الليبية، والتقط صورة لها.

لاحقاً، استعانت شبكة بي بي سي بجامعة برادفورد البريطانية لتحليل الصورة عبر خوارزمية متقدمة للتعرف على الوجوه، وأظهرت النتائج احتمالاً مرتفعاً أن تكون الجثة للصدر، لكن السلطات اللبنانية لم تؤكد أو تنفِ هذه المعلومات.

القرار القضائي اللبناني أثار ردود فعل متباينة. فبينما اعتبر فريق الدفاع أنه انتصار للعدالة بعد سنوات من الاحتجاز غير المبرر، رأى آخرون أن الخطوة تحمل أبعاداً سياسية، وربما تمهّد لإغلاق ملف القضية تدريجياً.

أما في ليبيا، فلم تصدر السلطات أي بيان رسمي تعليقاً على التطورات الأخيرة، في وقت تشهد البلاد انقساماً بين حكومتين متنافستين في الشرق والغرب، ما يجعل التعاون القضائي مع لبنان محدوداً. ورغم تشكيل لجان تحقيق مشتركة بين بيروت وطرابلس منذ عام 2012، لم يسجّل أي تقدم فعلي في تحديد مصير الإمام ورفيقيه.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل أمريكا حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا