كشف موقع بروليتارين الإلكتروني السويدي عن أن منظمة كيرن هايسود (Keren Hayesod) تنشط في المجتمع السويدي من أجل جمع أموال وتبرعات لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلي ، وذلك بالتعاون مع منظمات محلية تصف نفسها بأنها "الهيئة الخيرية لجيش الدفاع الإسرائيلي".
وفي تصريحات للجزيرة نت، قال إرلينغ برونسبرغ الصحفي في موقع بروليتارين "لقد اكتشفنا أن فرعا سويديا تابعا للمنظمة الصهيونية كيرن هايسود يقوم بالتبرع بالأموال والمعدات إلى منظمات في إسرائيل".
كما أكدت المستشارة السياسية في جمعية السلام والتحكيم السويدية ريبيكا ليندهولم شولز أن السويد تاريخيا لم يكن لديها تبادل تجاري عسكري مع إسرائيل إلا بقدر ضئيل، لكن ذلك تغير منذ عام 2022.
وأضاف موقع بروليتارين أن المنظمة السويدية "إسرائيل إنساملينغن" (Israelinsamlingen)، وهي جزء من منظمة "كيرين هايسود"، تعمل على تجنيد جنود للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، كما تقوم هذه المنظمة بتمويل ما تسمى "مراكز العلاج النفسي" والمخصصة لجنود جيش الاحتلال الذين يحتاجون إلى "التعافي النفسي" بعد خدمتهم في الجيش.
ووفقا لما نقلته قناة "إس في تي" (SVT) السويدية، فإن الشرطة كانت فتحت تحقيقا أوليا يتعلق بقضية احتيال وتمويل لجريمة خطيرة. وذلك بناء على بلاغ رسمي تقدم به الناشط الفلسطيني طه خطاب الطالب في جامعة يوتيبوري إلى الشرطة السويدية، وأعرب فيه عن أن محتوى بعض الندوات التي أقيمت ضمن فعاليات معرض يوتيبوري للكتاب الذي أقيم الشهر الماضي، كانت تحمل طابعا تحريضيا.
يذكر أن غايل غوزيفسون الأمينة العامة لمنظمة كيرين هايسود شاركت في ندوة نظمتها جمعية الصداقة السويدية الإسرائيلية بمعرض يوتيبوري للكتاب، وتعلقت الندوة بالمساعدات الإنسانية لإسرائيل من وجهة نظر مؤسسة "هايسود"، التي تعرّف عن نفسها بأنها "الذراع العالمية الأبرز لجمع التبرعات لشعب إسرائيل"، وفقا لما ورد في الموقع الإلكتروني للمؤسسة ذاتها.
وفي تفاصيل ما نشره الموقع السويدي، قال برونسبرغ "لقد اكتشفنا أن فرعا في السويد تابعًا لمنظمة كيرن هايسود يقوم بالتبرع بالأموال والمعدات إلى منظمات في إسرائيل لجنود الجيش الإسرائيلي"، وتعمل من أجل "رفاهية جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف الصحفي السويدي للجزيرة نت أن هذا الفرع يقوم أيضا بالتبرع بمعدات مثل حقائب الإسعافات الأولية والأربطة الضاغطة وأجهزة حماية الأذن، وهي كلها موجهة بشكل مباشر إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويستدرك الصحفي في موقع بروليتارين بأن هذا الفرع "للمنظمة الصهيونية" يروّج لأنشطته في السويد على أنها مساعدات مدنية، مضيفا أنه "قد يكون جزء منها كذلك بالفعل، لكن جزءا كبيرا من هذه التبرعات يذهب في الواقع إلى الجيش الإسرائيلي".
وفي ما يتعلق بحجم الدعم المقدم من السويد لجيش الاحتلال، فأشار إلى أنه "حتى لو كان دعم السويد لإسرائيل محدودا مقارنة بدول أخرى مثل الولايات المتحدة، فإن استمرار هذا الدعم ورفض السويد اتخاذ أي موقف ضاغط ضد إسرائيل يجعلها شريكة بشكل غير مباشر في الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني".
وعندما سألنا المختصين عن حجم التبادل التجاري المتعلق بالمعدات العسكرية بين السويد وإسرائيل، تبين أنه تاريخيا لم يكن لدى السويد سوى قدر ضئيل جدا من صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.
لكن المستشارة السياسية في جمعية السلام والتحكيم السويدية ريبيكا ليندهولم شولز قالت إنه منذ عام 2022 تغير هذا الوضع، حيث سُمح بتصدير أسلحة إلى إسرائيل بقيمة تُقدَّر بنحو 4.7 ملايين كرونة سويدية (نصف مليون دولار). واستمرت هذه الصادرات في عام 2023 لتصل إلى 17.6 مليون كرونة سويدية (1.9 مليون دولار)، ثم ارتفعت في عام 2024 إلى 21.4 مليون كرونة سويدية (أكثر من مليوني دولار).
وأضافت شولز -في تصريحات للجزيرة نت- أن شركات سويدية قامت أيضا بتصدير مواد إلى إسرائيل وإلى شركات أسلحة إسرائيلية، وهذه المواد لا تخضع لتنظيم القانون السويدي الخاص بتصدير المعدات العسكرية. مؤكدة أن هذه المنتجات يمكن استخدامها في أغراض عسكرية أيضا.
وتوضح المستشارة السياسية في جمعية السلام والتحكيم (وهي من أكبر منظمات السلام في السويد) أن مكونات هذه الصادرات غير معروفة على وجه الدقة، لكنها تندرج تحت الفئة "إم إل 5" (ML5)، التي يمكن أن تشمل معدات التحكم في النيران، وأجهزة المراقبة والإنذار، أو المكوّنات والأجزاء التابعة لها.
وأعلنت الشرطة السويدية أنها فتحت تحقيقا في أنشطة منظمات وجمعيات تقوم بجمع تبرعات لصالح جيوش أجنبية، فهل يمثل ذلك خرقا للقوانين السويدية، أو مخالفة صريحة لقوانين الاتحاد الأوروبي ؟
هذا التساؤل أجاب عنه الصحفي برونسبرغ بأنه لا توجد قوانين في السويد تنظم مسألة التبرع لجيش أجنبي، مضيفا أن المواطنين السويديين أنفسهم لديهم الحرية في الانضمام إلى أي جيش أجنبي، بغض النظر عمّا يقوم به هذا الجيش في الوقت الراهن.
وفي ما يتعلق بالشركات السويدية وتعاملاتها مع الجيش الإسرائيلي، أضاف المتحدث نفسه أن هذه الشركات لا تحتاج إلى تقديم أي مبررات فيما يخص صادراتها إلى إسرائيل، وذلك لأن الحكومة السويدية لم تفرض أي قوانين تنظم حركة التجارة إلى إسرائيل ومنها، مما يعني أن الشركات السويدية حرة في القيام بما تشاء في هذا السياق.
ويخالف الرأي السابق ما صرحت به شولز للجزيرة نت، إذ إنها ترى أن تجارة الأسلحة السويدية مع إسرائيل لا تتوافق مع التزامات السويد بموجب القانون الدولي، خاصة في ما يتعلق باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وأضافت أن قرار محكمة العدل الدولية أوضح في بداية عام 2024 أن على إسرائيل اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث إبادة جماعية . كما أن جميع الدول -بما فيها السويد- ملزَمة قانونيا بضمان عدم مساهمتها في أي إبادة جماعية، وباتخاذ الإجراءات اللازمة لمنعها.
وتشير المستشارة السياسية كذلك إلى أن استمرار السويد في تصدير الأسلحة إلى إسرائيل يسهم في تعزيز القدرات العسكرية لجيشها، ويؤثر بشكل غير مباشر في الوقائع على الأرض وفي حياة الناس بفلسطين، حتى لو لم تُستخدم المواد التي تصدّرها السويد لإسرائيل مباشرة في غزة أو الضفة الغربية ، وبذلك فإن السويد لا تفي بالتزاماتها وفقًا للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، حسب قولها.
وتخلص شولز إلى أن وقف أي تجارة أسلحة مع دولة تُمارس احتلالا عسكريا يكون بديهيا غير قانوني منذ عقود، ويواجه من يقوم به اتهامات بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي ونظام فصل عنصري، إلا أن غياب الحظر المطلق في القانون السويدي يُبقي الباب مفتوحا أمام استمرار هذه الصادرات.
وفي محاولة للوقوف على رأي الحكومة السويدية من هذه الاتهامات، وقانونية الدعم المادي والعسكري داخل السويد، حاولنا التواصل مع وزير الدفاع السويدي بال جونسون، لكننا لم نتلق ردا حتى كتابة هذا التقرير.
لكن الوزير نفسه، سبق أن أجاب عن سؤال تقدم به عضو البرلمان السويدي جاكوب ريسبيرغ عن تجارة السويد في الأسلحة الإسرائيلية، وقال الوزير في 17 سبتمبر/أيلول الماضي إن بلاده تدعم بشكل كامل الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 19 يوليو/تموز 2024، والذي يتوافق في أجزاء حاسمة منه مع سياسة السويد والاتحاد الأوروبي.
وأضاف وزير الدفاع أن السويد والاتحاد الأوروبي لم يعترفا بشرعية الاحتلال الإسرائيلي أو بضم القدس الشرقية ، مبينا أن السياسة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي تميّز بوضوح بين التجارة مع إسرائيل والتجارة مع البضائع التي منشؤها الأراضي المحتلة.
كما أشار جونسون -في إجابته التي نشرها موقع البرلمان السويدي- إلى أنه يتم شراء المعدات العسكرية السويدية وفقا للقانون السويدي والالتزامات الدولية التي تعهدت بها السويد. مؤكدا أن القانون السويدي الخاص بالمشتريات في مجال الدفاع والأمن لا يضم أحكاما تقضي باستبعاد موردين فقط لكونهم من دول خارج الاتحاد الأوروبي، مثل إسرائيل التي لا توجد عقوبات تجارية مفروضة عليها.
واليوم الأربعاء، يدخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عامه الثالث، بعد شن جيش الاحتلال حربا مستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما خلف عشرات مئات الشهداء والمصابين، وأغلبهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى تحويل حياة نحو 2.3 مليون فلسطيني إلى حالة مجاعة، حسب تقارير الأمم المتحدة، نتيجة الحصار الخانق والدمار الكبير الذي أتى على 90% من أبنية القطاع، فضلا عن نزوح أغلب سكان غزة عشرات المرات.