آخر الأخبار

حرب غزة: رهينة سابق لدى حماس يتحدث لبي بي سي بعد أن فقد أسرته وألف كتاباً

شارك
مصدر الصورة

قال رهينة إسرائيلي سابق، فقد زوجته وأطفاله في هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول التي نفذتها حركة حماس، إنه "يحاول التمسك بالإيجابية" منذ إطلاق سراحه في وقت سابق من هذا العام.

وخلال مقابلة نادرة، تحدث إيلي شرابي، الذي أصبح من أبرز الوجوه بين من اختطفتهم حماس عندما اقتحم مسلحون إسرائيل قبل عامين، عن اللحظة التي اكتشف فيها بعد إطلاق سراحه أن عائلته قد قُتلت.

كما أعرب عن قلقه من أن خطة السلام الأخيرة لإنهاء القتال بين إسرائيل وحماس قد تنهار، محذراً من أن استمرار الحرب في غزة يُعرض حياة الرهائن العشرين المتبقين للخطر.

ووجه شرابي رسالة إلى حركة حماس، التي كان محتجزاً لديها في السابق، مطالبا إياها بالتوقيع على الصفقة من أجل "شعبهم... والشرق الأوسط... الحرب خاطئة وفظيعة لكلا الجانبين".

وأضاف: "علينا أن نتمسك بالأمل" في التوصل إلى اتفاق.

وتنص خطة السلام المكونة من 20 بنداً، تم التوافق عليها بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على وقف فوري للقتال، وإطلاق سراح جميع الرهائن خلال 72 ساعة، مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بمن فيهم رهائن من قطاع غزة. وقد أشار مسؤولون في حركة حماس إلى أنهم سيرفضون الخطة.

ولا تزال حركة حماس تحتفظ بجثمان شقيق إيلي شرابي، يوسي، الذي يتوق لإعادته إلى الوطن لدفنه إلى جانب صديقه ألون أوهل البالغ من العمر 24 سنة، والذي كان مُحتجزاً معه في أنفاق عميقة بقطاع غزة.

وبعد أن أمضى 491 يوماً محتجزاً، لم يعلم شرابي إلا يوم إطلاق سراحه في فبراير/ شباط 2025 أن زوجته ليان وابنتيه نويا (16 سنة) وياهيل (13 سنة) قُتلن بالرصاص بعد اختطافه.

وعندما اكتشف أنهن لسن في استقباله عند عودته إلى إسرائيل، انهار شرابي مدركاً أن "أسوأ سيناريو قد تحقق".

وقُتل نحو 1200 شخص في إسرائيل يوم 7 أكتوبر، تشرين الأول 2023 عندما اقتحم مسلحون من حماس الحدود، فيما اختطفت الحركة 251 شخصاً آخرين رهائن.

ومع اقتراب الذكرى الثانية، تحدث شرابي لبي بي سي عن محنته وما يدفعه اليوم لإعادة بناء حياته.

في وسط إسرائيل، ومع غروب الشمس، يقف إيلي شرابي، 53 سنة، يتأمل هدوء البحر المتوسط. وبينما يستنشق نسيم البحر، يسترجع شعور الحرية الذي بدا بعيداً في وقت سابق من هذا العام، حين كان يصارع الجوع وسوء المعاملة والعنف.

وفي صباح يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، اختبأت عائلة شرابي لساعات داخل غرفة الأمان في منزلهم بكيبوتس بئيري، وهو مجتمع إسرائيلي يضم نحو ألف نسمة ويقع قرب الحدود مع غزة.

في ذلك اليوم، قُتل أو اختطف نحو واحد من كل عشرة أشخاص في الكيبوتس.

وعندما اقتحم مسلحو حماس المكان وبدأ إطلاق النار، اندفع إيلي وزوجته ليان، المولودة في مدينة بريستول البريطانية، لحماية ابنتيهما، وألقيا نفسيهما فوقهما.

مصدر الصورة

ويقول شرابي إنهم أخبروا المسلحين أن ليان ونويا وياهيل يحملن جوازات سفر بريطانية، لكنهم اقتادوه بالقوة من منزله.

ويضيف: "أدركت حينها أنني على الأرجح أُختطف. فاستدرت نحو بناتي وصرخت: 'سأعود' — وكانت تلك آخر مرة رأيتهن فيها."

كان شرابي يشغل منصب المدير التجاري للكيبوتس، وقد وصف كيف نُقل أولاً إلى مسجد في غزة حيث تعرض للاعتداء من قبل مدنيين فلسطينيين.

وقال إيلي شرابي إن عينيه كانتا معصوبتين، لكنه كان يسمع أصوات رجال وأطفال، ثم بدأوا بضربه بأيديهم، فيما كانت أحذية الأطفال تنهال عليه وهو ملقى على الأرض.

وأكد أنه كان مقيداً أغلب الوقت أثناء فترة أسره، التي امتدت 16 شهراً، — في البداية كان مقيداً بالحبال على معصميه وكاحليه، ثم بالسلاسل الحديدية. وكان الألم شديداً لدرجة أنه فقد وعيه أكثر من مرة.

ومع ذلك، كان لديه إصرار على البقاء، حتى عندما عانى من صعوبة في التنفس لأكثر من شهر، بعد أن تعرض للضرب وكُسرت أضلاعه على يد خاطفيه، بحسب روايته.

وتذكر أيضاً، أثناء حديثه لبي بي سي إن الوضع كان "مخيفاً ومُهيناً حين تُسلب منك الحرية. عليك أن تطلب الإذن لتتنفس، لتتحدث، لتذهب إلى الحمام. عليك أن تتوسل من أجل الطعام والماء وكل شيء. لكنني وعدت ابنتيَّ بأنني سأعود إليهما، فهما تحبان الحياة."

وأضاف: "قلت لنفسي، لا يهم ما سيحدث. سأعود إلى أسرتي سواء كانت لدي يدان أو لا، ساقان أو لا. كنت مؤمناً تماماً منذ اللحظة الأولى بأنني سأنجو."

ويقول شرابي إنه نُقل إلى شبكة أنفاق تابعة لحماس حيث قضى عدة أشهر مع ثلاثة رهائن آخرين في ظروف عصيبة وغير إنسانية، مع انعدام النظافة وندرة الطعام.

وخلال الأشهر الستة الأخيرة، يقول إنهم كانوا يحصلون على وجبة واحدة يومياً، غالباً ما كانت عبارة عن قطعة ونصف من خبز البيتا. وقال أيضاً: "الجوع كان أسوأ شيء… كنت تأكل الفتات عن الأرض."

وبعد أن فقد أكثر من 25 كيلوغراماً من وزنه، صُدم العالم من الصور التي أظهرت حالة الضعف والهزال التي كان عليها عند إطلاق سراحه.

وأُبلغ شرابي من قبل خاطفيه بقرب إطلاق سراحه قبل أسبوع من حدوثه، كما أُخبر أن شقيقه كان من بين المختطفين وأنه قضى في غزة، على الأرجح في هجوم إسرائيلي. ومع اقتراب لحظة الحرية، كان يحلم بالانتقال مع ليان ونويا وياهيل إلى إنجلترا، قرب عائلة زوجته.

وعندما جاء يوم إطلاق سراحه، عُرض إيلي شرابي على المسرح في مراسم سُجلت تلفزيونياً نظمتها حركة حماس وهو محاط بعشرات المسلحين. ويقول إنه أُجبر خلال تلك اللحظة على التصريح أمام الكاميرات بأنه يتوق لرؤية أسرته — لكن من كانوا يشاهدون البث كانوا يعلمون شيئاً لم يكن هو يعرفه.

ضغط ترامب

سرعان ما تحوّلت فرحة هذه اللحظة إلى واقع مؤلم حين عاد إلى إسرائيل.

يقول شرابي: "اقتربت مني مسؤولة الرعاية الاجتماعية وقالت: 'والدتك وشقيقتك بانتظارك'. فقلت لها: 'من فضلك، أحضري لي ليان وابنتي'. فردّت: 'والدتك وشقيقتك سيخبرانك'. وبالطبع، لم يكن هناك حاجة لقول أي شيء. كان واضحًا ما حدث — أسوأ سيناريو تحقق."

وتابع: "بكيت لبضع دقائق، ثم قلت لنفسي: 'يمكنني أن أبكي طوال اليوم، لكن ذلك لن يعيد ليان ونويا وياهيل. وأنا بحاجة إلى أسرتي الآن'. فقلت للأخصائية: 'هيا، دعينا نذهب ونعانق والدتي وشقيقتي."

لكن رباطة جأشه تراجعت وهو يتذكر أول مكالمة هاتفية أجراها بعد تحرره، وكانت إلى والديَّ زوجته في ويلز ليُشاركهما حزنه. كانت مكالمة "عاطفية جداً" لكنها كانت "ضرورية" أيضاً. وأُقيمت جنازات أفراد عائلته في إسرائيل بينما كان لا يزال في الأسر، دون أن يعرف مصيرهم.

ومنذ إطلاق سراحه، أظهر شرابي قدرة لافتة على الصمود. فقد قاد حملات دولية من أجل الرهائن، ووصل به الأمر إلى لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المكتب البيضاوي. وقال له: "أطلب منك أن تُكمل المهمة وتساعد الآخرين على العودة أيضاً."

ويعتقد شرابي أن ترامب لعب دوراَ حاسماً في تأمين الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل رهائن في فبراير/ شباط الماضي، مشيرًا إلى الضغط العلني الذي مارسه الرئيس الأمريكي في الأشهر الأخيرة على إسرائيل وحماس من أجل التوصل إلى اتفاق سلام كان وراء إطلاق سراحه.

وعندما سألته بي بي سي عمَّا إذا كان قلقاً من فشل خطة السلام الجديدة، أجاب شرابي يوم الأربعاء: "بالطبع — قلق جداً. قبل يومين كنا نظن أن الاتفاق بات قريباً جدًا، لكنه للأسف لا يبدو كذلك الآن. ربما هناك أمور لا أعرفها، لكنني سأكون سعيداً إن حدثت مفاجأة وتم الاتفاق".

"رفاهية البكاء"

مصدر الصورة

قال إن المقترح "خبر سار جداً"، مؤكداً أن الناس يجب "ألا يفقدوا إيمانهم بأن الاتفاق سيأتي يوماً ما".

وأضاف أنه يعرف تماماً ما يعانيه الرهائن الذين لا تزال حماس تحتجزهم، في وقت وسعت فيه إسرائيل حملتها العسكرية. وبحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة، قُتل حتى الآن أكثر من 66,000 شخص في الهجمات الإسرائيلية.

وتابع: "الجميع يعلم أن استمرار الحرب يُعرض حياة الرهائن للخطر. هذا ليس سراً. بالنسبة لي، عندما أتمنى عودة جميع الرهائن الـثمانية والأربعين اليوم أو غداً، فإنني فقط أريد أن تتوقف الحرب… الحرب مروعة، والناس يتألمون بسببها، لكن لا يمكننا أن ننسى من بدأها، ومن هو الطرف الذي يمثل الشر ومن يمثل الخير".

وألف الرهينة السابق لدى حماس كتاباً بعنوان "رهينة" ليُطلع الناس على ما مر به. كانت ليان، زوجته، قارئة نهمة، وكانت دائماً تقول له إنه لا يقرأ بما يكفي — ويعتقد أنها ستكون فخورة به الآن.

ورغم صعوبة الاستمرار بدون أسرته، يقول إنه لا يحتاج إلى تواريخ بعينها ليُحيي ذكراهم.

وقال: "يوسي، وليان، ونويا، وياهيل معي كل يوم في حياتي، في كل لحظة. لكنني متأكد أنهم سيكونون إلى جانب حياتي، لا بدلاً منها."

ويتابع: "ليس لدي رفاهية البقاء في السرير والبكاء طوال اليوم، بعد أن قاتلت عائلتي وأصدقائي من أجلي لمدة 500 يوماً. هذا أمر غير مقبول بالنسبة لي."

وفي إسرائيل، يقترب منه غرباء ويقولون له إنه بطل. ويؤكد أن فترة أسره زادت من عزيمته على الحياة، رغم فقدانه لعائلته.

ويختم شرابي حديثه بالقول: "لقد كان الأمر صعباً للغاية، لكنني حقاً أحب الحياة... أحاول أن أكون إيجابياً. وأنا أعمل على ذلك."

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا