آخر الأخبار

دعوات وسط تحديات.. هل ينجح مشروع "تغيير البارادايم" في إيران؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

على وقع التحديات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها إيران ، وضمن حملة داخلية يقودها بعض السياسيين، وعشرات المؤثرين من النخب المثقفة، برز خطاب "تغيير بارادايم " الذي يعني الانتقال من نموذج التفكير والممارسة السياسية القائمة إلى منهج جديد مختلف في الأسس والمرجعيات وآليات العمل.

حملة "تغيير بارادايم" في إيران تجلّت على الصعيد الخارجي في مقال نشر مؤخرا في "فورين بوليسي" لوزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف قال فيه إن المستقبل الأفضل يقوم على شراكات إقليمية ودولية، وليس على منطق التهديدات.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 دراسة: 6 سيناريوهات لوقف حرب غزة
* list 2 of 2 المعركة على "السلاح"… جبهات ثلاث في بيئات مختلفة end of list

وتزامن مقال ظريف مع نقد لاذع وجّهه الرئيس الأسبق حسن روحاني للحرس الثوري الإيراني الذي يعتبر الجناح العسكري الأهم في القوة الدفاعية للجمهورية الإسلامية والمقرب من المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي .

هذه السياقات وتداعياتها، كانت محورا ورقة تحليلية نشرها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان: " ما الذي تحمله حملة "تغيير بارادايم" التي تتصاعد في إيران؟ "، للباحثة المختصة في الشأن الإيراني فاطمة الصمادي.

وأشارت الباحثة إلى أن الإصرار على الحاجة لتغيير بارادايم هو بمنزلة إعلان لفشل النهج القائم، مع الدعوة لإبداله بفهم حديث وأدوات جديدة، ضاربة الأمثلة بما حدث في أوروبا بعد حرب الـ30 عاما التي كان من نتائجها ولادة الدولة القومية، وتراجع دور الدين في السياسية.

إستراتيجية وطنية جديدة

بعد المواجهة العسكرية الأخيرة بين طهران وتل أبيب، بدأت شخصيات وسياسية محسوبة على التيار الإصلاحي، وأخرى من الطرف المعتدل، في الحديث عن الحاجة إلى إحداث نقلة نوعية في الهياكل التنفيذية للنظام الحاكم في الجمهورية الإسلامية.

وأشار التحليل إلى إن هذا التوجه يمثل إستراتيجية وطنية جديدة تهدف إلى إصلاحات في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تحظى بدعم وتأييد مناصرين، فيما يعارضها آخرون.

إعلان

وضمن هذا التوجه الذي يسعى إلى تغيير باراديم في إيران، وجّه نحو 180 خبيرا اقتصاديا وأستاذا جامعيا رسالة مفتوحة إلى الرئيس مسعود بزشكيان ، تضمنت عريضة بمطالب متعددة، أهمها الدعوة إلى حوار ينهي المشاكل والنزاعات العالقة.

ولم تقف الرسالة الموقعة من طرف الخبراء والأساتذة الجامعيين عند مناقشة المشاكل والنزاعات، وإنما كان من عناوينها تقديم آراء وأطروحات تتعلق بالدبلوماسية حيث جاء فيها "وفي مجال العلاقات الدولية، نفهم أن الشعب الإيراني، وإن كان يقاوم العدوان الخارجي ويرفض الهيمنة الأجنبية، إلا أنه محب للسلام ويدعو إلى التعاون مع مختلف دول العالم، ونوصي بشدة بضرورة تفعيل مسار الدبلوماسية والمفاوضات البنّاءة مع الولايات المتحدة وأوروبا، ومنع عودة الحرب واستمرار الضغوط الاقتصادية للخروج من الوضع الراهن".

وبرّر موقعو هذه الرسالة التي تعدّ بمثابة إستراتيجية وطنية مطالبهم وآراءهم بأن الهدف هو الحفاظ على وحدة أراضي إيران ووجودها الإقليمي محذرين من الأفكار المتطرفة التي تشعل فتيل الأزمات، وخاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد.

من جانبه، يدعو الرئيس السابق حسن روحاني إلى تفعيل هذه الإستراتيجية، لكن كثيرين يرون أنها تتطلب الكثير من الأمور التي لا يمكن تحقيقها في الوقت الحالي.

ومن ضمن المقترحات التي تقدم بها روحاني، وضع حد للهجرة الجماعية للطلاب والنخب التي تسارعت وتيرتها في السنوات الماضية، معتبرا أن وقفها يتطلب تحسنا جذريا في نظام استقطاب العقول، كزيادة الرواتب وتقديم ضمانات ضد الملاحقات الأمنية.

ولا تقف هذه الطروحات عند "الإستراتيجية الوطنية الجديدة" بل تصل إلى تشكيل سلطة قضائية مستقلة وقناة تليفزيونية خاصة وتعزيز العلاقات مع العالم.

من النقاط المهمة الأخرى الدعوة إلى أن يركز الجيش على واجباته الأساسية، وقال إنه في السنوات الأخيرة، شكّلت مراكز قيادة القوات العسكرية الهيكل الرئيسي لمشاريع التنمية والبنية التحتية في البلاد، واحتكرت تنمية البلاد.

وفي ذات الاتجاه، لا يبتعد جواد ظريف في طرحه عن الرؤية التي يتبناها روحاني، وإن كان يركز على الأبعاد الدبلوماسية والعلاقات الخارجية، ويمكن اعتبارهما منظِّرَيْ وحاملَيْ هذه الإستيراتيجة.

وفي مقاله المنشور في فوين بوليسي، دعا ظريف إلى تغيير بارادايم السياسي في إيران والمنطقة، من خلال الانتقال من عقلية تقوم على التهديدات والصراعات، إلى عقلية جديدة تركز على الفرص والتعاون الإقليمي والدولي.

مصدر الصورة ظريف اعتبر أن انعدام الثقة الدبلوماسية من أسباب المواحهة والحرب (الجزيرة)

تحديات وإمكانات الدبلوماسية العالمية

وأشارت الباحثة فاطمة الصمادي إلى أن الجوار الإقليمي لإيران عبارة عن فرص مهدورة، إذ يمكن لها أن تخلق من خلالها الكثير من التعاون حيث ترتبط بحدود مع 15 دولة، بالإضافة إلى الروابط الثقافية والتاريخية العميقة.

ولفتت إلى أن منهج التهديدات، أحبط مبادرة هرمز للسلام والاتفاقيات الأمنية والحوار الإقليمي، وأوقف مبادرات سابقة للتعاون.

وقد خلق التصعيد الأخير مع إسرائيل وعيا جديدا بالهشاشة الأمنية للبلد، وفتح نافذة لتعاون إقليمي واسع يشمل الاقتصاد والطاقة والأمن النووي السلمي.

إعلان

وفي طرحه، تحدث ظريف عن إسهامات إيران في مبادرات كبرى، مثل حوار الحضارات 1997، و الاتفاق النووي عام 2015، معتبرا أن انعدام الثقة الدبلوماسية يمثل عقبة أمام التعاون، كما أنه من أسباب المواجهة والحرب

ويقوم التغيير الذي يدعو إليه ظريف على مرتكزات رئيسية من أهمها الدبلوماسية العالمية، والتعاون الإقليمي الذي يمكن أن يحول المنطقة إلى فضاء مشترك للتنمية والأمن.

وفي ذات السياق، انطلق وزير الخارجية الأسبق في رؤيته الجديدة من محورية الشعب الإيراني في شأن أي تغيير لقدرته وصلابته على التكيف.

مصدر الصورة خامنئي لا يمانع من إجراء إصلاحات لكنه لا يقبل "المساس بقيم الثورة" (موقع خامنئ)

خامنئي بين الترحيب والتحفظ

من جانب آخر، يرى منتقدو هذا التوجه الجديد، أن التغيير مطلوب، ولكنه ينبغي أن يكون في اتجاهات مختلفة، ويرون أنه من الضروري تجاوز النموذج الذي كان مصدر الأخطاء الإستيراتيجية التي وصفوها بالفادحة.

ويشدد هؤلاء على ضرورة عمل جردة حساب للحكومات، وإن كان لابد من سرد "سياسات الماضي الخاطئة"، فهي تقصير الحكومات في دعم جبهة المقاومة، وتقصير الحكومات في تطوير صناعة الصواريخ، وإغلاق برنامج الفضاء وتشريد العلماء وتهجيرهم، والتواطؤ في تقديم معلومات نووية ومعلومات خاصة بالعلماء إلى وكالة الطاقة الذرية.

وعبر رسائل تعتبر غير مباشرة، رد المرشد الأعلى علي خامئني على دعاة حملة التغيير، حيث قال إن طرح وجهات نظر مخالفة أمر مرحب به لكنه ينبغي أن يكون غير مخالف لأصول الثورة وقيم الجمهورية الإسلامية.

خامئني الذي لم يقبل المساس بقيم الثورة، حرص في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى شهادة الإمام الرضا على شكر الشعب الإيراني الذي اعتبر أن صموده أدهش العالم، مما زاد من مكانته في أنظار الشعوب من مختلف بقاع الأرض.

وحول دعوات التفاوض والانفتاح على واشنطن ، رد المرشد الأعلى على ذلك بأن العداء الأميركي لإيران ليس جديدا بل هو مستمر منذ 45 عاما وبأشكال مختلفة.

وقال خامنئي إن إثارة الخلافات الداخلية في إيران أصبح الخيار المطروح بعد فشل الحرب العسكرية في إسقاط البلاد، وحذر المثقفين من الانجرار وراء هذه الأهداف.

وأشارت الباحثة الصمادي في خلاصة تحليلها إلى أن خامئني يتعامل بحذر شديد مع أفكار تغيير بارادايم، لكن عمليات القتل التي نفذتها إسرائيل في نخبة الجيش و الحرس الثوري لإبقائه وحيدا، جعلته لا يمانع من إجراء إصلاحات رغم أنه يبدي ممانعة واضحة للحملة القائمة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا