خطة سرية في #لبنان لحصر السلاح بيد الدولة، وسط اعتراض وزراء شيعة | تقرير: إيهاب العقدي #الأخبار pic.twitter.com/eWzEIYljpS
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 6, 2025
بيروت – عقدت الحكومة اللبنانية أمس الجمعة جلسة "حرجة" ناقشت خمسة بنود، أبرزها خطة الجيش اللبناني لتنفيذ قرارها القاضي ب حصر السلاح بيد الدولة، بما في ذلك ترسانة حزب الله ، في خطوة وصفت بأنها اختبار حقيقي لتماسك الحكومة في ظل تصعيد سياسي يقوده الحزب.
وبينما ناقش الوزراء 4 بنود بحضور ممثلي "الثنائي الشيعي"، انسحب وزراء حزب الله و حركة أمل فور دخول قائد الجيش العماد رودولف هيكل قاعة الجلسة لعرض خطته، في خطوة متوقعة سبقتها مواقف رافضة اعتبرت القرار "غير ميثاقي"، مشددين على أن "ما بُني على باطل هو باطل".
وقال وزير الإعلام بول مرقص إن المجلس استمع، برئاسة الرئيس جوزيف عون في القصر الجمهوري، إلى عرض قائد الجيش بشأن خطة حصر السلاح في مختلف المناطق اللبنانية، موضحا أن الوزراء رحبوا بالخطة ومراحلها التدريجية باعتبارها مدخلا لتكريس مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة.
وأضاف مرقص أن مداولات الخطة ستبقى سرية، على أن ترفع قيادة الجيش تقارير شهرية لمجلس الوزراء حول مراحل التنفيذ، مؤكدا التزام الحكومة بإعداد إستراتيجية للأمن الوطني تعزز سلطة الدولة على أراضيها كافة، كما شدد على أن الجيش سيبدأ بتنفيذ الخطة وفق الإمكانات المتاحة رغم محدوديتها.
وكان مجلس الوزراء قد أقر مطلع أغسطس/آب الماضي خطة تكليف الجيش بوضع آلية تنفيذية لحصر السلاح تنجز قبل نهاية 2025، إلا أن وزراء حزب الله وأمل انسحبوا من الجلسة احتجاجا.
في المقابل، يُكرر حزب الله عبر أمينه العام نعيم قاسم أنه "لن يتخلى عن سلاحه إلا بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها والإفراج عن الأسرى والشروع في إعادة الإعمار"، مؤكدا تمسكه بالسلاح كجزء من معادلة الردع مع تل أبيب .
وشهدت الضاحية الجنوبية ل بيروت ليلة أمس مسيرات بالدراجات النارية لمناصري الحزب، حملت رسائل دعم لموقفه ورفضا لقرار الحكومة وسط تحذيرات من تداعيات أي مواجهة بين الجيش والحزب على الاستقرار الداخلي.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب، في حديث للجزيرة نت، أن نتائج جلسة المجلس الوزاري لم تحمل مفاجآت وكانت متوقعة، بعدما أُقرت خطة الجيش كما عُرضت من دون أي تعديلات.
ويشير إلى أن ما أعلنه وزير الإعلام بشأن بدء الجيش بتنفيذ الخطة يؤكد دخول القرار حيّز التنفيذ الفعلي، لا سيما مع التزام قائد الجيش برفع تقرير شهري لمجلس الوزراء حول الخطوات التي تحققت في مسار حصر السلاح.
ويعتبر أن الدولة حققت مكسبا إضافيا في معركة بسط سلطتها وحصرية قرار الحرب والسلم بيدها، رغم الانسحاب السياسي لوزراء "الثنائي الشيعي" من الجلسة، وهو انسحاب لم يوقف انعقادها ولا حال دون إقرار الخطة بما يعكس دلالات سياسية بارزة.
ويضيف دياب أن لبنان دخل عمليا مرحلة التنفيذ التدريجي للخطة، التي يُرجح أن تبدأ من بيروت الإدارية قبل أن تمتد إلى العاصمة الكبرى فجبل لبنان وصولا إلى الجنوب و البقاع والشمال.
ويرى أن محاولات الضغط عبر الانسحاب أو التلويح بالشارع لم تُفضِ إلى نتائج، في وقت تسعى فيه الأوساط القريبة من "الثنائي الشيعي" للتخفيف من وقع القرار بالحديث عن تراجع عن مقررات 5 و7 أغسطس/آب الماضي، غير أن ما جرى هو تأكيد لهذه المقررات وترجمة عملية لاتفاق الطائف والبيان الوزاري و قرار وقف إطلاق النار ، وفق دياب.
ويخلص المحلل إلى القول إن لبنان انتقل اليوم إلى مرحلة جديدة، عنوانها "استعادة الدولة قرارها وسيادتها على كامل أراضيها".
بدوره، يعتبر الباحث والكاتب السياسي الدكتور علي مطر، في حديثه للجزيرة نت، أن ما جرى داخل مجلس الوزراء يشكل محاولة لإعادة ترتيب تداعيات جلسة 5 و7 أغسطس/آب الماضي.
وبحسب المعلومات، فإن ما دار في الجلسة جاء في إطار مساعٍ لرأب الصدع، وهو ما تم التوافق عليه عبر التنسيق الثلاثي بين الرؤساء بهدف تجنّب انفجار أزمة كبيرة في البلاد.
ويشير إلى أنه عندما دخل قائد الجيش إلى الجلسة، كان قد تم التوافق مسبقا على عدم إقرار خطته بصيغتها الكاملة أو إلزام المؤسسة العسكرية بمهلة زمنية محددة لحصر السلاح، في محاولة لتفادي أي تصعيد سياسي أو خلاف داخل الحكومة.
ويضيف مطر أن انسحاب الوزراء الشيعة الخمسة -في خطوة يُفترض أنها أفقدت الجلسة ميثاقيتها- لم يمنع المجلس من الاستمرار في مناقشاته رغم الجدل الدستوري حول شرعية انعقاده بعد غياب مكوّن أساسي، فوفق الصيغة اللبنانية يُعتبر انسحاب طائفة بكاملها مسألة تمسّ الميثاق الوطني والدستور، ومع ذلك استكملت الحكومة أعمالها وأقرَّت صيغة ترحيب بخطة الجيش.
ويرى أن خطة الجيش، وفق ما تسرّب، تهدف للحفاظ على عمل المؤسسة العسكرية ضمن هامش من السرية، ومنحها الوقت الكافي للتعامل مع ملف السلاح بعيدا عن أي خطوات متسرعة أو مجتزأة قد تترتب عليها عواقب وخيمة.
ويشير الباحث مطر إلى صعوبات أو تحدّيات تواجه الخطة كان قد أشار لها قائد الجيش، أبرزها:
ويؤكد مطر أن أية مقاربة للملف يجب أن تراعي استمرار الاحتلال الإسرائيلي، لأن الدولة اللبنانية لا يمكنها تطبيق ما تعرف بـ"الورقة الأميركية" (تتعلق بالقرارات الدولية بتثبيت وقف إطلاق النار وسحب السلاح والانسحاب الإسرائيلي من لبنان)، في ظل تعنّت تل أبيب وامتناعها عن القيام بأي خطوات مقابلة.
مجلس الشيوخ الأمريكي: عدم تنفيذ قرار نزع السلاح سيؤدي إلى إعادة #لبنان للفوضى pic.twitter.com/99MjoUYbHa
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 5, 2025
ويرى مطر أن ما حصل في الجلسة أمس يعكس محاولة لاحتواء التداعيات التي أعقبت جلسة 5 و7 أغسطس/آب الماضي، والسعي إلى تهدئة الأجواء وترتيب الوضع الداخلي لتفادي أزمة جديدة؛ فالجميع -برأيه- يدرك أن ملف سلاح المقاومة لا يمكن حسمه بقرار وزاري أو ضمن مهلة زمنية قصيرة، بل يحتاج إلى حوار وطني شامل يفضي إلى صياغة إستراتيجية دفاعية متوافق عليها.