آخر الأخبار

مشاركة بزشكيان بقمة شنغهاي.. ماذا حققت طهران جراء سياسة الاتجاه شرقا؟

شارك

طهران- أنهى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان زيارته التي استمرت 4 أيام للصين، حيث شارك في اجتماعين لقادة منظمة شنغهاي للتعاون و"شنغهاي بلس" وكذلك حضوره مراسم استعراض القوات المسلحة الصينية، ما أثار تساؤلات عما حققته الرحلة لتعزيز موقع إيران في المعادلات الإقليمية.

وبينما سيطر عزم الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) تفعيل " آلية الزناد " على مباحثاته مع قادة القوى الشرقية، قال بزشكيان فور عودته إلى العاصمة طهران ، أمس الأربعاء، إن ثمرة الزيارة كانت "اتفاقات إستراتيجية وحاسمة مهمة للغاية".

ومن مطار مهر آباد الدولي، أوضح بزشكيان أن المحصلة الأساسية لهذه الزيارة تمثلت في إبرام اتفاقيات إستراتيجية وحيوية مع كل من الصين وروسيا وعدد آخر من الدول المشاركة، وأن متابعة تنفيذها ستتم عبر لجنتين وزاريتين مختصتين في وزارة الخارجية ووزارة الاقتصاد.

مواقف سياسية

وإلى جانب لقاءات ثنائية وحوارات مطوّلة مع العديد من القادة المشاركين في قمة شنغهاي، امتد لقاء بزشكيان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين نحو 4 ساعات، ناقشا خلالها قضايا اقتصادية وعلمية وإقليمية، إضافة إلى الملف النووي وسبل مواجهة "آلية الزناد"، كما تمخضت مباحثاته مع نظيره الصيني عن قرارات مصيرية لتعزيز العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

وبنهاية اجتماعات قمة شنغهاي للتعاون، ظهرت مشاركة دولية واسعة في القرار الختامي الذي أدان بشدّة الاعتداءات الإسرائيلية على إيران بالتعاون مع الولايات المتحدة ، واعتبرها "انتهاكا للقانون الدولي وحقوق الشعوب".

وعلى هامش اجتماعات القمة نفسها، وقّع وزراء خارجية كل من إيران والصين وروسيا على رسالة تم الاعتراض فيها على عدم قانونية سلوك الدول الأوروبية الثلاث في تنفيذ "آلية الزناد" القاضية بإعادة العقوبات الدولية على إيران، وقد تم تسليم هذه الرسالة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

مصدر الصورة بزشكيان (يسار) ناقش قضايا ذات اهتمام مشترك مع نظيره الروسي بوتين (يمين) في اجتماع استمر 4 ساعات (الصحافة الإيرانية)

تسلّح إستراتيجي

ولدى إشارته إلى توقيع الوفد المرافق له -المكون من وزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد وآخرين- 24 وثيقة ومذكرة تفاهم للتعاون في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات ومجالات تعاون متنوعة أخرى لم يحددها طبيعتها، قال بزشكيان إن "محادثات مثمرة أُجريت من قِبل وزير الدفاع في مجال المعدات الأمنية والدفاعية، وستتم متابعة اللازم في هذا الصدد".

إعلان

وإثر تضرر جزء كبير من الدفاعات الجوية الإيرانية خلال حرب يونيو/حزيران الماضية، يأتي الحديث عن مباحثات إيرانية رفيعة المستوى في مجال المعدات الأمنية والدفاعية بعد مرور يوم واحد على اجتماع لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني مع كبار مسؤولي هيئة الأركان العامة.

وفي هذا السياق، كشف النائب فدا حسين مالكي، العضو البارز في اللجنة، أن "الحكومة خصصت اعتمادات مالية بالعملة الصعبة لإصلاح الأضرار التي لحقت بأنظمة الدفاع الجوي خلال الحرب التي استمرت 12 يوما".

وفي تصريح صحفي، أوضح مالكي أن "هيئة الأركان تعمل على شراء أنظمة دفاع جوي من دول مثل الصين وروسيا، حيث تم التوصل إلى اتفاقات جيدة مع بعض البلدان ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ قريبا"، حسب قوله.

كما تجري مناقشات حول شراء طهران طائرات مقاتلة من دول أجنبية -وفق مالكي- الذي يؤكد أن هيئة الأركان العامة قد اتخذت إجراءات في هذا الشأن وسيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب.

توقيع المذكرات

أما عن طبيعة الاتفاقيات التي وقّعها الوفد الإيراني على هامش قمة شنغهاي، كشف كاظم غريب آبادي، نائب الوزير الإيراني للشؤون القانونية والدولية، أنها شملت مجالات تعاون متنوعة؛ بما في ذلك "اتفاقية إنشاء المركز الشامل لمواجهة التحديات والتهديدات الأمنية، واتفاقية إنشاء مركز مكافحة المخدرات، والإستراتيجية العشرية للمنظمة".

وفي منشور على منصة إكس، كتب غريب آبادي، أن المذكرات الموقعة شملت كذلك "التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي ، ومكافحة المخدرات، والصناعة الخضراء، والتعاون العلمي والتقني، والتجارة متعددة الأطراف، وتطوير الطاقة المستدامة، وغيرها".

وفي حين تسعى الجمهورية الإسلامية إلى استغلال عضويتها الدائمة في منظمة شنغهاي للخروج من العزلة الدولية وتخفيف الضغوط الاقتصادية الغربية عليها، يرى مراقبون في طهران أن مباحثات بزشكيان قد ركزت بشكل أساسي على جذب دعم اقتصادي يُعزز قدرة طهران على مواجهة التحديات والضغوط من جهة، وإقامة تحالفات إستراتيجية تُمكّنها من إبطال مفعول العقوبات الغربية المزمع إعادتها من جهة أخرى.

الاتجاه شرقا

من ناحيته، يسلط مدير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الإستراتيجية محمد علي صنوبري، الضوء على جدول لقاءات بزشكيان مع رؤساء الدول المشاركة في قمة شنغهاي، ويقرؤها في سياق سياسة الاتجاه شرقا التي تنتهجها طهران منذ أعوام.

وبرأي صنوبري، جاءت مواقف الرئيس الإيراني خطوة لتعزيز الشراكة مع القوى الشرقية كجزء من سياسة بلاده الخارجية، الرامية إلى تعزيز التكامل الإقليمي مع القوى الآسيوية الصاعدة.

و"انطلاقا من سياسة طهران المناهضة للغطرسة الغربية"، يعتقد الباحث في حديثه للجزيرة نت، أن زيارة بزشكيان تأتي ترجمة لسياسة بلاده الخارجية، والتي تؤمن بضرورة التكاتف الدولي والاصطفاف إلى جانب الدول الشرقية الصاعدة لمواجهة "الغطرسة الغربية"، مشيرا إلى كل من الصين وروسيا اللتين سبق ووقّعتا اتفاقيات شراكة إستراتيجية طويلة المدى مع طهران.

ويشير صنوبري إلى أن بكين وموسكو سبق وحافظتا فعليا على علاقاتها مع طهران، حتى في ذروة العقوبات الدولية، مما يعزز آمال إيران في تحويل منظمة شنغهاي إلى جسر للتعامل مع التحولات الجيوسياسية في آسيا، والتحديات الماثلة أمامها خلال الفترة المقبلة جراء تفعيل "آلية الزناد" الأوروبية.

تعاون منخفض

في المقابل، يعتقد الباحث السياسي صالح القزويني، أنه لا يمكن لطهران إنجاز ما عجزت عن تحقيقه جراء تحالفاتها مع كل من الصين وروسيا خلال السنوات والعقود الماضية، موضحا أن الحرب الإسرائيلية على إيران كشفت عن التعاون الدفاعي المنخفض جدا بينهما.

إعلان

وفي حديث للجزيرة نت، يتساءل الباحث عما حال دون استلام طهران مقاتلات "سوخوي 35" ومنظومات "إس-400" للدفاع الجوي، رغم التقارير المنشورة عن إبرام عقود بين طهران وموسكو.

وأضاف أن اكتفاء حلفاء طهران الشرقيين بإصدار بيانات إدانة ومواقف سياسية أخرى بشأن عزم الجانب الغربي إعادة العقوبات الدولية على الجمهورية الإسلامية أو التنديد بالعدوان الإسرائيلي الأميركي عليها، لن يستطيع منع تكرارها مستقبلا.

ونوه القزويني إلى أن الصين التزمت عمليا خلال الفترة الماضية بالعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على الأطراف التي تتعاون مع طهران، لا سيما حول شراء نفطها الخام، وتوقع أن تلتزم بكين بالعقوبات الأممية في حال عودتها على طهران وعدم التفريط بمصالحها من أجل إيران.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا