آخر الأخبار

100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية الثالثة

شارك





منذ بداياتها، طمحت الفنون جميعها إلى الخلود. ولأن السينما، كما وصفها المخرج الروسي أيزنشتين، فن مركب يجمع بين شتى الفنون، فقد ظلّ هاجس الخلود حاضرا بإلحاح لدى كثير من صناعها. لكن يبقى السؤال: أي من هذه الأفلام يستحق حقا أن يخلد؟ سؤال قديم يتجدد مع كل قائمة سينمائية كبرى. وليس مستغربا أن يعاود الظهور مع إعلان صحيفة نيويورك تايمز الأميركية مؤخرا عن قائمتها لأفضل 100 فيلم في القرن الـ21.

وعلى الرغم من إعلانها عن رغبة في "توسيع الدائرة" لتشمل تجارب أكثر تنوعا تعكس روح العصر، إلا أن نتائجها أثارت موجة من الجدل والتساؤلات، كما جرت العادة؛ خصوصا في ظل الغياب الملحوظ لبعض السينمات، أو هيمنة أسماء بعينها، ناهيك عن أحقية بعض الأفلام من الأساس.

وربما تكمن الأهمية الكبرى لهذه القائمة في محاولتها رسم ملامح الفن السينمائي خلال ربع قرن مضى، في ظل تغيرات جوهرية شهدتها صناعة الأفلام، طالت أساليب الإنتاج ووسائط العرض وانتقالها من الشاشات التقليدية إلى المنصات الرقمية وشبكات البث الحديثة، الأمر الذي قد يعيد تشكيل علاقة الفرجة مستقبلا. على أن أبرز ما يميز القائمة، رغم أي تفاوت، هو تنوع الذائقة في اختيار الأفلام، إذ جمعت بين أعمال تجارية ضخمة مثل "سيد الخواتم" (The Lord of the Rings) للمخرج بيتر جاكسون وأفلام لصنّاع ذوي طابع خاص مثل المخرج المكسيكي ألفونسو كوارون والذي يشارك بـ4 أفلام من ضمنها "روما"، كواحد من أكثر المخرجين حضورا في القائمة.

كما أن اختيار فيلم مثل "طفيلي" (Parasite) للمخرج الكوري بونغ جون هو، ليحتل المركز الأول، كان معبرا عن روح العصر الحديث، بما يقدمه من نقد طبقي حاد مشيرا إلى الهوة التي تتسع طوال الوقت بين الفقراء والمعدومين من عموم الناس وبين الأثرياء، الفئة الأقل في المجتمعات.

إعلان

ولتحديد هذه القائمة، شاركت مجموعة تضم أكثر من 500 اسم من صنّاع السينما يمثلون غالبية القطاعات المختلفة، من بينهم: "بيدرو ألمودوفار، باميلا أندرسون، بونغ جون هو، وجوليان مور"، طُلب من كل منهم اختيار أفضل 10 أفلام عرضت منذ الأول من يناير/كانون الثاني عام 2000، بعد ذلك جُمعت ترشيحاتهم لتكوين قائمة نهائية تضم 100 فيلم مرتبة بحسب عدد الأصوات. وهي الطريقة المتبعة لوضع غالبية القوائم المشابهة، إذ تخضع الأفلام لعدد من المراحل والتصويتات متبوعة بالتصفيات النهائية، ولن تكون المحطة الأخيرة لرحلة القائمة؛ فسرعان ما تبدأ مرحلة أكثر حساسية وأهمية عقب نشرها أو الإعلان عنها، تفتح باب النقاش والجدل حول اختياراتها ومدى تمثيلها للذائقة العامة. ومن المعروف أن القوائم كما تكتسب أهميتها من الجهات التي تصدرها؛ تستمد قيمتها أيضا من مدى التزامها بتحقيق مبادئ العدالة والتنوع، وغير ذلك، وهو ما يعزز احترامها ومصداقيتها في أوساط النقاد والجمهور على حد سواء.

جمهور ونقاد

في مقابل التمثيل المحدود لبعض الفئات والتيارات داخل القائمة، تبرز بوضوح هيمنة عدد من المخرجين الذين تكررت أسماؤهم بأكثر من فيلم، وربما لا يعكس هذا التكرار ذائقة النقاد أو المتخصصين فحسب؛ بل يكشف أيضا عن تقاطع لافت مع اختيارات الجمهور ومحبي السينما؛ فجميع الأسماء التي تندرج ضمن فئة "الأكثر حضورا" تحظى بجماهيرية عالمية واسعة سواء في شباك التذاكر أو عند عشاق الفن السابع. والمفارقة أن هذه الأسماء المتكررة وحدها تكاد تشكل ما يزيد على 30% من إجمالي القائمة، بما يوازي ثلثها تقريبا.

البداية مع المخرج المخضرم مارتن سكورسيزي، الذي يسجل حضورا بفيلمين فقط، لكنهما يحتلان مواقع متقدمة ضمن القائمة، وهما "ذئب وول ستريت" (The Wolf of Wall Street) و"الراحلون" (The Departed) وكلاهما من بطولة نجمه المفضل ليوناردو دي كابريو. يليه كوينتين تارانتينو الذي يشارك بـ3 أفلام احتلت مراتب مختلفة من القائمة، من بينها " حدث ذات مرة في هوليود " (Once Upon a Time.. in Hollywood) (2019)؛ وإن كان أقل أفلامه طموحا مقارنة بأعماله السابقة.

ومن أميركا أيضا، يشارك المخرج ديفيد لينش بـ4 أفلام ضمن القائمة احتل أحدها المركز الثاني وهو "طريق مولهولاند" (Mulholland Dr) (2001)، والذي يعد واحدا من أشهر وأميز أفلام لينش الذي رحل عن عالمنا مطلع هذا العام في نفس الشهر الذي ولد فيه.

بنفس عدد المشاركات (4 أفلام) يرد اسم بول توماس أندرسون أحد أبرز صانعي السينما في أميركا، من بينها فيلمه الأشهر "سيكون هناك دم" (There Will Be Blood) (2007) الذي يحتل المركز الثالث في القائمة. كذلك يشترك الأخوان جويل وإيثان كوين بـ4 أفلام متنوعة، يتقدمها تحفتهما الفائزة بالأوسكار "لا بلد للعجائز" (No Country for Old Men) سادس الأفلام في القائمة.

مصدر الصورة الملصق الدعائي لفيلم "حدث ذات مرة في هوليود" (Once Upon a Time in… Hollywood poster) (الجزيرة)

وفي الصدارة من حيث عدد الأفلام المشاركة، يأتي المخرج الأميركي كريستوفر نولان ، الذي أصبح خلال العقدين الأخيرين من أبرز الأسماء التي أعادت تشكيل الخيال السينمائي المعاصر. إذ يحتل نولان بـ5 مشاركات ضمن القائمة موقعا استثنائيا، بأفلام مثل "فارس الظلام" (The Dark Knight) "تذكار" (Momento)، "بين النجوم" (Interstellar)، وصولا إلى أحدث أعماله "أوبنهايمر" (2023)، الذي حظي بزخم جماهيري ونقدي واسع عند عرضه، وفجر جدلا حول مدى استحقاقه لهذا الاحتفاء، خاصة في ظل غياب الإثارة البصرية من مشاهد كان متوقعا أن ترافق فيلما يتمحور حول القنبلة الذرية.

مصدر الصورة الملصق الدعائي لفيلم أوبنهايمر (الجزيرة)

عن الهامش والأقليات

مثلما غابت السينما العربية عن قائمة نيويورك تايمز، كذلك لم يظهر أي تمثيل واضح لأسماء عربية بين المصوتين، وفق ما أُعلن حتى الآن أو تم تداوله. على أن هذا الغياب لم يقتصر على السينما العربية وحدها؛ بل طال أيضا السينما التسجيلية وأفلام التحريك، التي لم تتجاوز مجتمعة ما يقل عن 10% من القائمة. وفي فئة الوثائقي، كان من أبرز الحضور فيلم "أنا والملتقطات" (The Gleaners and I) (2000) ويحتل المرتبة الـ88 للمخرجة الفرنسية أنييس فاردا، وهي واحدة من أهم وأميز الأصوات النسائية؛ سواء في تاريخ السينما أو ضمن الموجة الفرنسية الجديدة. في حين استحوذت شركة ديزني على النصيب الأكبر في فئة التحريك من خلال أفلام مثل "وول-إي" (WALL-E)، كذلك الفيلم الشهير "الفأر الطباخ" (Ratatouille) (2007)، في حين احتل المركز التاسع في القائمة فيلم "المخطوفة" للمخرج وصانع الرسوم المتحركة هاياو ميازاكي، إنتاج أستوديو جيبلي، وفيه يتتبع ميازاكي رحلة غرائبية للصغيرة "تشيهيرو" تدور في عالم يمزج السحر بالخيال، وقد جلب لصاحبه جائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة عام (2002).

إعلان

وبنسبة لا تختلف كثيرا عما سبق، يأتي التمثيل النسائي في القائمة كاشفا عن واقع لا يزال يميل لصالح المخرجين الرجال، فبرغم الحديث المتكرر عن تصاعد حضور النساء في صناعة السينما خلال العقود الأخيرة؛ نجد أن جائزة الأوسكار في الإخراج مثلا لم تذهب إلى امرأة عبر تاريخها إلا في عام 2010، حين فازت بها الأميركية كاثرين بيغلو عن فيلمها "خزانة الألم" (The Hurt Locker) في الدورة الـ82، لتكون بذلك أول مخرجة تحصل على الجائزة منذ انطلاقها. الطريف أن كاثرين انتزعت الجائزة من كل المخرجين المرشحين حينها ومن بينهم المخرج جيمس كاميرون زوجها الأسبق. ويحتل فيلم كاثرين المرتبة الـ68 في القائمة، ويتناول فترة الغزو الأميركي للعراق على خلفية أحداث مستلهمة من يوميات فرق تفكيك القنابل والألغام، كما تم استلهام عنوان الفيلم من تعبير عسكري مندثر عن الذين يتم إرسالهم إلى خزانات الألم.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل سوريا دمشق

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا