في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
دمشق- في خطوة تعكس تحولًا إستراتيجيًا، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الاثنين، إزالة " هيئة تحرير الشام " ( جبهة النصرة سابقًا) من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بالتنسيق مع وزارتي العدل والخزانة، حيث سيدخل القرار حيّز التنفيذ بعد نشره في السجل الفدرالي اليوم الثلاثاء.
وعلى مستوى الداخل السوري، تُعد هذه الخطوة تمهيدًا لرفع القيود القانونية عن شخصيات حكومية كانت تعمل سابقا ضمن "تحرير الشام"، وهو ما سيمنحها خيار مشاركة الرئيس أحمد الشرع في زياراته الرسمية الخارجية.
أكد مصدر مقرب من الرئاسة السورية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن رفع الهيئة من القوائم السوداء من شأنه أن يفتح المجال أمام هؤلاء المسؤولين للحركة والتنقل بشكل أكثر حرية على مستوى العالم، من دون التعرض لأي إشكاليات قانونية.
ويضيف أن وزير الخارجية أسعد الشيباني عمل خلال الأشهر الماضية بشكل مكثف إلى جانب الرئيس الشرع من أجل إزالة القيود والتصنيفات الدولية المفروضة، وذلك كجزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى دعم عملية التنمية المرتقبة في البلاد، والاستفادة من تدفقات الاستثمارات بعد رفع العقوبات.
كما اعتبر مسؤول بوزارة الخارجية السورية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، القرار محاولة لحل إشكاليات قانونية تواجه رموز الحكم، بمن فيهم الرئيس الشرع، مؤسس الهيئة.
وأوضح أن الشرع، بصفته رئيسًا، بات جزءًا من النظام السياسي الدولي، مما يجعل التصنيفات السابقة غير متسقة مع الواقع، وأضاف أن الولايات المتحدة تتعامل بواقعية مع التحولات السورية، متجاوزةً القضايا القانونية العالقة التي قد تستغلها أطراف إقليمية.
وأضاف أن الحكومة السورية ترى في القرار فرصة لرفع العقوبات الأممية، مع انفتاح أميركي تجاه البعثة السورية في نيويورك واستقبال مسؤولين سوريين.
يرى الباحث في مركز جسور وائل علوان أن القرار الأميركي سيمنح قيادات الهيئة حرية الحركة والتواصل مع جهات إقليمية ودولية، ويمهد لإزالة تصنيفات أممية، مما يدعم دمج الهيئة في العملية السياسية السورية الجديدة.
ويؤكد أن القرار يعزز العلاقات بين قيادات الهيئة والجهات الدولية، خاصة مع اندماج شخصياتها في الحكومة الانتقالية، لكنه يشدد على ضرورة توسيع المشاركة السياسية لتشمل قوى وطنية أخرى، لتلبية حاجة الدولة لطاقات متنوعة.
ويعتبر علوان أن رفع التصنيف يخفف المخاطر القانونية والمالية، مشجعًا المستثمرين الدوليين على التعامل مع الحكومة الجديدة، على اعتبار أن "رأس المال جبان، ويحتاج إلى مؤشرات استقرار وشرعية" حسب وصفه.
ويضيف أن الهيئة عملت على تحسين صورتها، عبر تحولات فكرية وسلوكية، وذلك بابتعادها عن الجهادية وتوجهها نحو إدارة مدنية في إدلب، مما عزز شرعيتها ومكّنها من التواصل مع جهات دولية، وأسهم في وصولها إلى السلطة بعد انهيار النظام السابق.
كما يشير إلى تفاعل الهيئة الإيجابي في ملفات حساسة، مقدمة تطمينات حول التزامها بسلوك مسؤول، على عكس توقعات بعض الجهات السورية.
يرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عرابي عرابي أن القرار إشارة سياسية مركّبة تتجاوز الجانب القانوني، ومرتبط بتغير العلاقات السورية الأميركية، ويمثل توجهًا أميركيًا جديدًا بالتعاطي مع قوى شرق أوسطية خرجت من صراعات مزمنة.
ويؤكد أن القرار يخفف الحصار القانوني والدبلوماسي على شخصيات الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، ويوسع هامش تحركاتها الدولية عبر فتح قنوات تعاون خارجية على أسس شراكة.
ويعتبر أن القرار يعكس إدراك واشنطن لضرورة سد الفراغ الذي استغلته إيران وروسيا في سوريا، ويمثل بداية تحول في المقاربة الأميركية، بعد أن كانت سوريا تعتبر تهديدًا أمنيًا على مدى سنوات.
ويضيف أن القرار يحمل رسالة مزدوجة تتمثل بإعادة تأهيل مكونات الداخل السوري، وإعادة تموضع جيوسياسي لمواجهة نفوذ الخصوم.
ويرى أن القرار يعيد تشكيل قواعد الاشتباك السياسي في المنطقة، ويدعم حكومة تتبنى خطابًا وطنيًا ومقاربة غير أيديولوجية، مما يشجع قوى إقليمية وأوروبية على إعادة تقييم موقفها من الحكومة السورية الجديدة، خاصة مع التزامها بمحاربة الإرهاب وتحقيق الاستقرار.
من جهته، وضّح الباحث في مركز "حرمون" محمد السكري للجزيرة نت أن "الهيئة نجحت في سَورنة وجودها، عبر تحول وطني، مع الحفاظ على طابعها الإسلامي، مما جعلها لاعبًا أساسيًا في مكافحة الإرهاب"، معتبرا القرار الأميركي اعترافًا بهذا التحول، ومؤكدًا أن الهيئة تخلت عن الجهادية العالمية لصالح نظام سياسي يتماشى مع المعادلات الدولية، كما أشار إلى دعم تركيا للقرار لدورها الأمني والعسكري في سوريا .