في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في خطوة وُصفت بأنها "الأكثر حسماً" منذ سنوات، أعلن مجلس الدفاع والأمن القومي الفرنسي، برئاسة إيمانويل ماكرون، عن حزمة جديدة من الإجراءات الهادفة إلى تشديد القيود على جماعة الإخوان في فرنسا.
وتُعد هذه الخطوة، بحسب الخبراء، بمثابة المرحلة الثالثة من سياسة الدولة الفرنسية لمواجهة ما تسميه "الانعزالية الإسلامية".
وفي حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أكد أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة باريس رامي خليفة العلي، أن المرحلة الجديدة تتجاوز المعالجة الأمنية إلى مواجهة الإيديولوجيا التي تقوم عليها الجماعات المتطرفة.
وقال العلي: "نحن نشهد اليوم انتقالاً من المواجهة الأمنية والتنظيمية إلى البعد الأيديولوجي، وهو الأكثر تعقيداً، لأنه لا يرتبط بضرورة وجود علاقة مباشرة بين هذه الجمعيات وتنظيمات إرهابية، بل يكفي أن تنشر أفكاراً متطرفة لتصبح تحت رقابة الدولة".
وأضاف أن مواجهة الدولة الفرنسية مع "الإخوان" بدأت بعد هجمات باريس عام 2015، ومرت بثلاث مراحل:
وأشار العلي إلى أن هناك اختراقاً إخوانياً للمجتمع الفرنسي عبر واجهات جمعوية واجتماعية، واصفاً التقرير الحكومي الأخير الذي صدر قبل نحو شهر بـ"الخطير"، حيث أكد على تغلغل الجماعة في مفاصل الدولة الفرنسية.
وأوضح العلي أن هذا التحرك جاء رغم تردد السلطات الفرنسية في السابق بسبب مخاوف من المساس بالحريات أو اتهام الحكومة بالتحامل على المسلمين.
لكن مع تزايد التهديد الإيديولوجي، دعا الرئيس ماكرون إلى حوار وطني مع الجالية المسلمة في الخريف القادم، لتأكيد أن الإجراءات لا تستهدف الإسلام بل الجماعات الراديكالية.
وأكد العلي أن الحكومة الفرنسية تسعى اليوم لـ"المشاركة في صياغة الإيديولوجيا الجمهورية" من خلال برامج لإعداد الأئمة، ومواجهة التمويل المشبوه، والخطاب الديني المتشدد، والكتب التي تحض على الكراهية.
"نحن أمام تحول جذري"، يقول العلي، مضيفاً: "حتى لو لم تكن هناك صلة تنظيمية، فإن مجرد نشر قيم تتعارض مع قيم الجمهورية كالمساواة بين الجنسين أو العلمانية، سيضع الجمعيات تحت مجهر السلطات".
وعن موقف الجالية المسلمة، يرى العلي أن الموقف ليس موحداً، فـ"لا يوجد طابع عام للجالية الإسلامية، بل تيارات فكرية متعددة"، لكنه أشار إلى أن أغلبية الجالية ملتزمة بالقانون وتشعر بالارتياح لإجراءات تفصل بين الإسلام و التطرف، رغم مخاوف من استغلال القوانين من قبل اليمين المتطرف.
ويحذر العلي من أن هذه الإجراءات قد تُستخدم سياسياً في الحملات الانتخابية المقبلة، مشيراً إلى أن "اليمين الشعبوي في فرنسا ينمو بشكل مطرد"، ما قد يزيد الضغط على المسلمين الفرنسيين.
ومن بين الإجراءات المتوقعة في المرحلة المقبلة:
ويُتوقع أن يُطرح قانون جديد بهذا الخصوص قبل نهاية الصيف، على أن يُقر مع نهاية العام الحالي، وسط جدل واسع متوقع بشأن تعريف "القيم الجمهورية" ومن يملك حق الحكم على مخالفتها.
واختتم العلي حديثه قائلاً: "المعركة الفكرية مع جماعة الإخوان لن تكون سهلة، فهي لا تهيمن عبر السلاح، بل عبر قوة ناعمة أيديولوجية. وهذا ما يجعلها أكثر خطراً من التنظيمات التقليدية، لأنها تتسلل بهدوء إلى بنية الدولة والمجتمع".
وبهذا التحول، تضع الحكومة الفرنسية ملف الإخوان على طاولة المعالجة الفكرية والقانونية، وسط سعي دقيق للتوازن بين أمن الدولة وحماية الحريات، وبين الحفاظ على السلم الاجتماعي ومواجهة التطرف الأيديولوجي.