آخر الأخبار

بين الإنكار الأميركي والانفتاح الإيراني.. ماذا بعد الضربات؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

هل تٌستأنف المحادثات النووية بين واشنطن وطهران؟

وسط تصاعد التوترات النووية والعسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، جاء نفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأي تواصل مباشر مع طهران أو تقديم عروض للتفاوض، بعد سلسلة من الضربات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية حساسة.

في المقابل، فتحت إيران باب العودة إلى طاولة المفاوضات ولكن بشروط صارمة، على رأسها وقف أي ضربات عسكرية مستقبلية. وفي ظل هذا المشهد المشحون، تبرز تساؤلات مصيرية: هل تقترب واشنطن وطهران من مفاوضات حقيقية؟ أم أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدًا جديدًا تحت غطاء هدنة تكتيكية؟

الضربات الأمريكية... نفي العروض وتصعيد في النبرة

في تصريح واضح، نفى الرئيس ترامب وجود أي اتصالات مباشرة أو عروض تفاوضية مقدّمة لإيران بعد الضربات الأخيرة. وأكد أن الولايات المتحدة "حيّدت تمامًا" منشآت نووية رئيسية في إيران، وهو ما فجر جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والاستخباراتية الأمريكية، بعد تقارير متضاربة تحدثت عن محدودية تأثير تلك الضربات.

ومع ذلك، كشف مسؤول أمريكي بارز أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف أبلغ أعضاء الكونغرس بأن الضربات دمرت منشأة تحويل المعادن الوحيدة في إيران، مشيرًا إلى أن البرنامج النووي الإيراني تلقى "انتكاسة هائلة ستستغرق سنوات للتعافي منها".

وأضاف أن غالبية اليورانيوم المخصب ربما لا تزال مدفونة تحت أنقاض منشآت أصفهان وفوردو.

لكن في تناقض لافت، أظهرت صور أقمار صناعية حديثة من شركة "ماكسار تكنولوجيز" أنشطة إصلاح مستمرة داخل مجمع فوردو النووي، ما يعكس قدرة إيران على امتصاص الصدمة وإعادة تأهيل منشآتها بسرعة.

طهران تردّ بالشروط لا بالصواريخ

وعلى الضفة المقابلة، حاولت طهران قلب الطاولة سياسيًا لا عسكريًا، إذ أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني أن بلاده مستعدة للعودة إلى المفاوضات، بشرط واضح يتمثل في "استبعاد فكرة أي ضربات أمريكية جديدة".

وأوضح أن وسطاء نقلوا لإيران رغبة واشنطن في استئناف المحادثات، ما يعكس وجود تحرك دبلوماسي خفي رغم التصريحات المتشددة.

إيران، التي كانت قد روّجت داخليًا للنصر بعد استهداف قاعدة أمريكية في العديد، وجدت نفسها بين خيارين: الاستمرار في الخطاب التعبوي، أو استثمار الضربات في سياق تفاوضي يعيدها إلى المشهد الدولي بقوة.

بين الردع والتغيير من الداخل

في مقابلة مع برنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية"، قدّم توم حرب، مدير التحالف الأمريكي الشرق الأوسطي للديمقراطية، تحليلاً حادًّا لما يراه تحولاً استراتيجيًا في التعاطي الأمريكي مع إيران.

قال حرب إن الرسالة الأمريكية "مباشرة إلى المرشد الأعلى"، وإن ترامب يتعمد التصعيد لإجبار طهران على التفاوض من موقع الهزيمة، وليس الندية.

وأكد حرب أن المرشد الإيراني لا يزال يستخدم خطاب "الموت لأمريكا وإسرائيل"، ما يضع حواجز أمام أي مسار تفاوضي جدي. وتابع: "ترامب وضع الأمور في نصابها، وألغى فكرة أي مبادرة حوار، ما لم يعترف المرشد بخسارته ويبدأ من موقع الانكسار".

احتمالات الانقلاب ومخاوف الداخل الإيراني

واحدة من النقاط المثيرة في تحليل حرب، كانت إشارته إلى "احتمالات تحركات داخلية" في إيران، في ظل ما وصفه بـ"خسارة منظومة الدفاع الجوي" وانكشاف الداخل أمام الضربات. وتحدث عن وجود تواصل بين شخصيات معارضة مثل رضا بهلوي وقيادات عسكرية داخل الجيش الإيراني، مما قد يؤسس لانشقاقات محتملة أو حتى محاولة انقلاب.

وربط حرب بين هشاشة الرد الإيراني على الضربات الجوية المتكررة و"الخوف من ضرب الباسيج"، الجهاز الأمني المرتبط بقمع الداخل. فبحسبه، تردد النظام في استخدام الباسيج ضد الشعب خوفًا من أن تتحول الضربات الخارجية إلى شرارة ثورة داخلية.

تقاطع استخباراتي... ومهام متعددة الجنسيات

يرى حرب أن الضربات التي اخترقت العمق الإيراني على مدى 12 يومًا لم تكن فقط نجاحًا عسكريًا، بل أيضًا استخباراتيًا متعدد الجنسيات. وأشار إلى أن دولًا عدة - لم يسمّها - شاركت في جهود التنسيق والتخطيط، مما يعكس إجماعًا دوليًا متزايدًا على منع إيران من استعادة قدراتها النووية.
كما شدد على أن الخيارات المطروحة أمام إيران اليوم محصورة: إما القبول بتغيير سلوكها النووي والسياسي، أو مواجهة سيناريو "تغيير النظام من الداخل"، وهو ما قد يكون مدعومًا بشكل غير مباشر من قوى غربية.

موقف الدول العربية: بين الرهان والتوجّس

في قراءته لمواقف الدول العربية، لفت توم حرب إلى أن غالبية الدول في المنطقة لم تعد تحتمل "سياسات التشدد" الإيرانية، وبدأت تتجه بوضوح نحو مشروع النهضة الاقتصادية والتكنولوجية، ما يجعلها على استعداد لدعم أي تحرك يردع إيران عن تخصيب اليورانيوم أو زعزعة الاستقرار الإقليمي.
وحذّر حرب من فقدان الثقة العربية بالولايات المتحدة في حال لم يكن هنالك التزام أمريكي طويل الأمد، داعيًا إلى نموذج استقرار شبيه بما جرى في اليابان وكوريا الجنوبية بعد الحرب العالمية الثانية.

سيناريوهات مقبلة: التفاوض أم تغيير النظام؟

يرى حرب أن الأشهر الستة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار العلاقة بين طهران وواشنطن. فإن قبلت إيران بالتفاوض بشروط جديدة، قد يُعاد فتح القنوات الدبلوماسية، لكن في حال استمرت بالمراوغة، فإن السيناريو المرجّح هو "التحول نحو إسقاط النظام من الداخل"، بدعم شعبي واسع يقدره حرب بأكثر من 70% من الإيرانيين.

ويشير إلى أن "المسألة لم تعد مسألة تخصيب فقط، بل تتعلق أيضًا بتصدير الثورة الإيرانية، وتوسيع نفوذ طهران عبر أذرعها المسلحة، وهو ما ترفضه واشنطن والعواصم العربية والإقليمية".

مفترق حاسم ومشهد مفخخ

في ظل التصريحات المتضاربة، والمواقف المتباينة بين واشنطن وطهران، يظل مسار التفاوض محفوفًا بالمخاطر، لا سيما أن كل طرف يسعى إلى فرض شروطه من موقع القوة. وبينما تلوّح إيران بشروط التفاوض، ترفع واشنطن سقف المطالب والردع، ما يجعل طاولة المفاوضات المقبلة - إن عُقدت - ساحةً مفخخة بألغام الماضي والحاضر.

وفي انتظار ما ستسفر عنه الأشهر المقبلة، تبقى الحقيقة الأهم أن الشرق الأوسط قد دخل مرحلة جديدة من الصراع، يتداخل فيها العسكري بالدبلوماسي، وتُرسم معادلاتها بأدق الحسابات السياسية والاستخباراتية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا