في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
الدوحة- استعرض وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي جهود دولة قطر في الوساطة ونجاحها في العديد من الملفات التي انخرطت بها إقليميا أو عالميا، مؤكدا أن خبراتها في الوساطة تمتد إلى 25 عاما وأنها تُعد أحد الركائز أو العمود الفقري لسياستها الخارجية.
وأضاف، خلال جلسة حول جهود الوساطة القطرية في منتدى الأمن العالمي الذي يعقد بالدوحة حاليا، أنه خلال السنوات الأولى من هذه الجهود كان الإطار الغالب ينحصر على قضايا الشرق الأوسط، ولكن خلال السنوات الـ10 الأخيرة توسعت للعديد من مناطق العالم من الولايات المتحدة إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية وأوروبا، و أوكرانيا وروسيا وآسيا.
وقال "قمنا بتوسيع نطاق وصولنا إلى دول حول العالم والتي قد تحتاج إلى وسطاء وشركاء دوليين موثوق بهم يمكنهم تقديم المساعدة والدعم اللازمين لسد الفجوة بين الجانبين". وأكد أن قطر استطاعت أن تبني لنفسها سمعة طيبة في جهود الوساطة عالميا ولم تعد تحتاج إلى الذهاب بعيدا، بل إن الأصدقاء يأتونها ويطلبون الوساطة لأنها وسيط نزيه ومعروف.
وبشأن المفاوضات الأميركية الإيرانية الأخيرة، قال الخليفي إنه متفائل بإمكانية حدوث تقدم ملموس فيها بوساطة سلطنة عُمان ، موضحا أن إيران دولة مجاورة وقطر تتعامل معها بشفافية واحترام متبادل منذ سنوات وعندما يتعلق الأمر بالحوار أو التفاوض فإن الدوحة دائما داعمة لكافة أشكال الحوار وعلى استعداد لتقديم أي نوع من المساعدة المطلوبة.
وأكد أن قطر تؤيد دائما المفاوضات المباشرة كوسيلة أو أداة لحل النزاعات "كما أننا نشيد بالجهود التي تبذلها السلطنة في هذا الإطار".
وحول ما إذا كانت المفاوضات مجرد استعراض لا أكثر، أكد الخليفي أنه لا يعتقد ذلك وأنها بالغة الأهمية لأنها لا تتناول مخاوف الطرفين فحسب، بل المنطقة بأسرها، و"لا يجب أن يصل الأمر إلى سباق للإنتاج النووي في المنطقة التي لا نرغب إلا أن تكون في سلام".
وأضاف "أعتقد أن قاعدة العمل إيجابية جدا ونحن نشجع أن يكون هناك المزيد من اللقاءات بين الطرفين وسد الفجوات وبناء الجسور بينهما، ولذلك فإن قطر لن تتردد أبدا في تقديم المساعدة للأطراف والوسطاء في هذه العملية".
وبخصوص الوضع في سوريا ، أكد الخليفي أن قطر كانت مؤمنة بشدة بالقضية السورية لأكثر من 14 عاما في ظل نظام الأسد و"نحن من الدول التي التزمت بموقفها السياسي، ووقفت إلى جانب الشعب السوري ضد هذا النظام الوحشي، والآن، ومع نجاح الثورة، نؤمن بأن مستقبلا مشرقا ينتظر الشعب السوري".
وأوضح أن الدوحة على تواصل مباشر مع الحكومة السورية وتحرص على مواصلة تشجيعها على السير في الاتجاه الصحيح نحو الازدهار والتنمية.
وأضاف أن قطر كانت منخرطة بشكل كبير حتى في بعض المشاريع داخل سوريا نفسها، "حيث بدأنا بالإعلان عن دعمنا لخط إمداد الكهرباء إليها عبر الأردن، ومنذ يومين فقط، أعلنا مع السعودية عن مساهمتنا في تسوية ديون دمشق لدى البنك الدولي لتمكين المزيد من المشاريع التي يمولها البنك من مساعدة الشعب السوري".
وعن الوضع في اليمن ، قال الخليفي إنها "قضية معقدة للغاية للأسف، وقد كنا دائما نشجع على الحوار والنقاش المباشر بين الأطراف المتنازعة كوسيلة لإيجاد حل سلمي، وكنا منخرطين بشكل كبير مع شركائنا الإقليميين، خصوصا في إطار مجلس التعاون الخليجي ، من أجل إيجاد الإطار المناسب الذي يمكننا من المضي قدما مع الشعب اليمني".
ويرى أن التطورات الأخيرة ستؤدي إلى المزيد من التصعيد في المنطقة ككل، ولذلك ستواصل قطر التشجيع على إيجاد حلول سلمية بين اليمنيين والأطراف المختلفة.
وفيما يتعلق بلبنان، قال الخليفي إنه شهد بداية جيدة بانتخاب رئيس الجمهورية وتعيين الحكومة الجديدة، و"هو ما افتقدناه لفترة طويلة جدا، حيث شهدنا الفراغ فيما يتعلق بالحكومات الإدارية اللبنانية منذ أشهر"، عادا ذلك خطوات إيجابية للغاية وتؤدي للتفاؤل.
وأكد أن قطر تدين الهجمات المتواصلة التي تشنها القوات الإسرائيلية جنوب لبنان وأن هذه الأعمال لا تجلب الاستقرار أو الأمن للمنطقة، و"لذلك ندعوهم باستمرار إلى الوفاء بالتزاماتهم، والسماح للحكومة اللبنانية بالتطور والانتقال إلى وضع أفضل".
وعن غزة ، أكد الخليفي أنها "شغلت معظم اهتمامنا في الأشهر الماضية، وكنا منخرطين بشكل كبير منذ اليوم الأول للصراع، وساهمت جهود قطر في تحقيق بعض التقدم الإيجابي سواء في اتفاق نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أو اتفاق يناير/كانون الثاني 2025 ، ومع ذلك، كانت مشاعرنا متقلبة، في بعض الأيام نشعر بالتفاؤل بأننا قادرون على دفع الأطراف نحو الحل".
واستدرك قائلا إنه "في أيام أخرى نشعر بالإحباط حيال العملية التي لم تعد تحظى بالاهتمام كما كانت في السابق، وإذ كانت قصة الأخبار الأهم والآن أصبحت واحدة من تلك الصراعات المستمرة التي توضع على الهامش، وقد تستمر لفترة طويلة، لكن الزخم لا يزال إيجابيا فيما يتعلق بانخراطنا المستمر والعميق في الوساطة والمفاوضات، إما في الدوحة أو في القاهرة مع شركائنا الوسطاء".
وشدد على أن الوسيط يجب أن يكون آخر شخص يفقد الأمل لأنه إذا فعل ذلك "فالموضوع منتهٍ، لذلك، يجب أن نظل متفائلين بأن هناك مسارا للحل"، لافتا إلى أن قطر تعاملت مع حالات معقدة جدا خلال 25 سنة من الخبرة، ومع سيناريوهات صعبة للغاية، مؤكدا أنه "من خلال استمرار التواصل والإرادة التي نسعى للحصول عليها من الأطراف المتنازعة، يمكننا تحقيق اختراق".
وبشأن كيفية التعامل مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، والفرق بينها والإدارة السابقة، قال الخليفي إنه كمؤسسة، لم يتغير الكثير لأن قطر دائما ثابتة في علاقاتها مع الولايات المتحدة وتعاملت مع عدة إدارات، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية وكان لديها تواصل إيجابي مع إدارة ترامب في بداياتها.
وأضاف "تواصل معنا ستيفن ويتكوف المبعوث الخاص للشرق الأوسط في ملف غزة في وقت مبكر، حتى قبل توليه منصبه رسميا أو تشكيل الحكومة، وهذا منحنا تواصلا إيجابيا، ما يدفعنا للاعتقاد بأن الإدارة تؤمن بالعملية التي نساهم فيها، ونأمل أن نواصل تشجيعهم لإيجاد حلول".
وأوضح أن قطر تتسم بالمرونة في التعامل مع الأمور وقد اكتسبت خبرة في كيفية إدارة شراكاتها في القضايا المهمة.
وبخصوص جهود السلام في أفغانستان ، قال الخليفي إن الدوحة تؤمن بالانخراط المباشر في التفاوض، وفي هذا الإطار فإن وزير خارجية أفغانستان موجود الآن فيها، و"نحن نسعى لفهم الثقافة المحيطة بجميع القضايا، مع الضغط قدر الإمكان نحو التغيير".
واستدرك بأن هذا لا يعني أنه لا توجد مخاوف، لكن قطر اختارت أسلوب الحوار المباشر، و"أطلقنا عدة مبادرات منها ما يتعلق بتعليم النساء، على سبيل المثال، ودعمنا مشاريع تعليمية بالتعاون مع إندونيسيا التي استضافت العديد من الطلاب الأفغان، والدوحة تسعى لإيجاد حلول خلاقة دائما وإيجابية قد تفتح الباب للتغيير".