قال الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا إيلون ماسك إنه سيتنحى عن دوره في فريق خفض التكاليف التابع لإدارة ترامب والمعروف باسم وزارة الكفاءة الحكومية أو "دوج".
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومسؤولون في البيت الأبيض، إن الخطة كانت منذ فترة طويلة أن يتنحى ماسك في وقتٍ قريبٍ، لكن الأخبار عن استقالته جاءت تزامناً مع تراجع أرباح شركة السيارات الكهربائية العملاقة المملوكة له.
وقال الرئيس ترامب يوم الأربعاء 23 أبريل/نيسان 2025، إن الإدارة تستعد لرحيل ماسك. وأضاف "علينا، في وقت ما، أن نسمح له بالرحيل. وكنا نتوقع أن يحدث ذلك في هذا التوقيت. وسأتحدث مع إيلون في هذا الشأن".
وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن تيسلا "سوف تحظى بقدر أكبر من الرعاية" بمجرد عودة ماسك، زاعماً أن ماسك "تعرض لمعاملة غير عادلة من قبل البعض".
وأضاف أن ماسك "شخص يتحلى بروح وطنية رائعة، وما كان ينبغي أن يتعرض لذلك أبداً".
ومع ذلك، قد يكون قضاء عدد أقل من الأيام في الوزارة الجديدة سبباً في إطالة الفترة التي يقضيها ماسك كموظف في الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة، وفقاً للقواعد الحكومية.
وأثار إعلان الملياردير الأمريكي العديد من الأسئلة التي لا تزال دون إجابات، من بينها: متى سيغادر الإدارة فعلياً؟ وماذا سيحل بالوزارة المستحدثة بعد رحيله؟
عُين ماسك تحت مسمى "موظف حكومي خاص" (SGE) - وهو مسمى وظيفي يسمح له بالعمل في وظيفة حكومية مدفوعة الأجر أو غير مدفوعة الأجر لمدة 130 يوماً كل سنة.
ووفقًا لمذكرة صادرة عن وزارة العدل الأمريكية في 2007، والتي تم الاستشهاد بها في وثيقة إرشادية صادرة عن مكتب أخلاقيات الحكومة في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أي عمل يقوم به الموظف الحكومي الخاص لصالح أي جهة حكومية في يوم ما يُحتسب يوم كامل من الحد السنوي للعمل تحت هذا المسمى.
وإذا قِيس الحد الأقصى البالغ 130 يوماً اعتباراً من تنصيب ترامب في 20 يناير/ كانون الثاني، وافترضنا أن ماسك، الذي يتفاخر بعمله في عطلات نهاية الأسبوع، يعمل نحو خمسة أيام في الأسبوع في وزارة الكفاءة الحكومية، فإن الفترة ستنتهي قرابة نهاية مايو/ أيار.
لكن وفقاً للقواعد الحكومية، فإن عمل ماسك أيام أقل في وزارة الكفاءة الحكومية قد يؤدي فعلياً إلى إطالة فترة بقائه في الحكومة.
ولم يعلن ماسك جدولاً زمنياً لما يعتزم القيام به في الفترة المقبلة. وجاء القرار الثلاثاء الماضي بعد أن أعلنت شركة تيسلا عن مواجهتها صعوبات مالية، من بينها تراجع أرباحها بنسبة 71 في المئة في الربع الأول من هذا العام.
وقد جاء هذا الانخفاض بعد احتجاجات متكررة حول العالم استهدفت شركة تيسلا، ودعوات لمقاطعتها في ظل الدور الحكومي الذي يؤديه ماسك. ورغم تأكيد منظمي هذه الاحتجاجات أنها كانت سلمية، إلا أن بعضها شهد أعمال عنف، إذ أُضرمت النيران في صالات عرض ومحطات شحن تابعة للشركة.
وحذرت الشركة المستثمرين في أسهمها من استمرار التحديات المالية، ورفضت إصدار توقعات النمو في حين أكدت أن "تغير الميول السياسية" قد يضر بشكل كبير بالطلب على المركبات التي تصنعها.
وقال ماسك لأصحاب الأسهم، أثناء إعلان أرباح الشركة، إن الوقت الذي يخصصه للعمل في وزارة الكفاءة الحكومية "سوف يتقلص إلى حدٍ كبيرٍ" وأنه سوف يخصص المزيد من وقته لتيسلا.
وبعد هذه التصريحات، بدأت أسهم تيسلا - التي كانت تتداعى – في التعافي من جديد.
وتعرضت إدارة ترامب لانتقادات كونها قد تكون انتهكت القواعد الحكومية عندما استحدثت منصباً حكومياً غير مسبوق ليتولاه ماسك، وكانت ظهرت على السطح مخاوف حيال عدم التزامه بالحد الزمني الذي تنص عليه اللوائح.
وبموجب هذه القواعد التي تحكم تعيين "الموظف الحكومي الخاص"، يتعين على ماسك الخضوع لتدريب على أخلاقيات الوظيفة، وتقديم إقرار ذمة مالية، والتوقيع على إقرار بعدم تعارض المصالح.
وتشمل إمبراطورية ماسك المالية، شركات كبرى تتعامل مع الحكومة الأمريكية وحكومات أجنبية، بما في ذلك شركة "سبيس إكس" التي تصل قيمة تعاقداتها مع الحكومة الأمريكية إلى 22 مليار دولار، وفقاً لما صرّح به الرئيس التنفيذي للشركة.
كما تحظر هذه القواعد أيضاً على موظفي الحكومة ممارسة أنشطة حزبية، بما في ذلك ارتداء ملابس تحمل شعارات سياسية، أثناء وجودهم في المكاتب الحكومية أو أثناء أداء مهامهم الرسمية. والتقطت صور لماسك وهو يرتدي قبعة "لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً" أثناء وجوده في المكتب البيضاوي.
مؤخراً، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت: "إيلون ماسك يخدم إدارة الرئيس ترامب بتفانٍ كموظف حكومي خاص، وقد التزم بجميع القوانين الفيدرالية المعمول بها".
ويبدو أن ماسك يعمل في وظيفته الحكومية بناء على أوامر ترامب دون أي إشراف واضح من قبل أي مسؤول أمريكي سوى الرئيس نفسه.
وفي تقرير صدر الأسبوع الماضي، انتقدت مؤسسة "ببلك سيتيزن" البحثية التقدمية إدارة ترامب، وقالت إن البيت الأبيض "يُسيء استخدام" قواعد تعيين "الموظف الحكومي الخاص" بشكل صارخ.
وقال جون غولينغر، معدّ التقرير:"حتى الآن، لا توجد وسيلة تتيح للجمهور التأكد مما إذا كان من يشغلون مناصب مثل الموظف الحكومي الخاص – كإيلون ماسك، الذين لا يُلزمون بتقديم إقرارات الذمة المالية أو يخضعون لرقابة خارجية – يضعون المصلحة العامة فوق مصالحهم الشخصية".
وقد تواصلت بي بي سي مع ماسك ومع مكتب إدارة الموظفين – وهي الجهة المسؤولة عن الإشراف على الموظفين الحكوميين الخاصين، والتي ورد أن العديد من موظفي وزارة الكفاءة الحكومية عملوا فيها – للتعليق على هذه الانتقادات.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن حوالي مئة موظف من هذه الوزارة المستحدثة سوف يستمرون في ممارسة مهام عملهم في مختلف الإدارات الحكومية بعد رحيل ماسك هذا العام.
وحدد ماسك وترامب موعداً نهائياً لمشروع وزارة الكفاءة الحكومية لإنجاز الأعمال المنوطة بها، وهو الموعد الذي يصادف الذكرى 250 لتوقيع إعلان الاستقلال الأمريكي.
وورد في الأمر التنفيذي الذي تأسست بموجبه هذه الوزارة الجديدة، والذي وقعه ترامب يوم تنصيبه في يناير/ كانون الثاني، أن الرابع من يوليو/ تموز 2026 هو التاريخ النهائي لعمل الوزارة.
وفي وقت سابق، في شهر ديسمبر/ كانون الأول، رد ماسك على تغريدة قالت إن مشروع "وزارة الكفاءة الحكومية" سينتهي بالكامل في هذا التاريخ.
وقال ماسك في هذا الرد: "الخطوة النهائية لدوج سوف تكون حذف نفسها بنفسها".