ربما مثل اتفاق إدماج قوات سوريا الديمقراطية، في مؤسسات الدولة السورية، والذي وقعه كل من الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، يوم الإثنين 10 آذار/مارس، ربما مثل مفاجأة قوية للبعض، إذ أنه أُعلن دون مقدمات سبقته.
غير أن المفاجأة تبددت بعد حديث مصادر، عن أن الاتفاق جاء ثمرة تواصل وحوار بدأ منذ فترة ليست بالقصيرة ، إذ أشارت عدة تقارير، إلى أن كلا من السلطة السورية الجديدة، وقوات سوريا الديمقراطية، كانتا قد فتحتا قنوات للتواصل بينهما في شباط/ فبراير الماضي، بعد رسالة تهنئة من عبدي لأحمد الشرع جاءت بعد أيام من توليه منصبه.
وفي تلك الرسالة، أكد عبدي "استمرار الجهود المشتركة لإيجاد حلول تحقق المصلحة الوطنية"، مؤكداً "دعم قواته لأي خطوات تعزز الاستقرار والوحدة الوطنية".
ثمانية بنود
يتضمن اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية في المؤسسات السورية، ثمانية بنود، أولها "ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولية بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية"، كما ينص على دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة المرحلة الانتقالية، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.
وبموجب الاتفاق، تدعم "قسد" إدارة المرحلة الانتقالية في مواجهتها لما سمتها "فلول الأسد" و"كافة التهديدات التي تهدد أمنها (الدولة) ووحدتها"، كما ينص الاتفاق على "رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري"، بينما يحدد البند الأخير من الاتفاق موعد تطبيقه في أجل لا يتجاوز نهاية العام الحالي.
تأثيرات داخلية وخارجية
يمثل توقيت توقيع هذا الاتفاق، علامة بارزة في تاريخ الدولة السورية الجديدة، كما يحمل تأثيرات وتداعيات، سواء على الداخل السوري، أو على الواقع الإقليمي.
فعلى المستوى الداخلي جاء الاتفاق، ليرفع من معنويات السوريين، في لحظة عصيبة، واجهت فيها سوريا الجديدة، أحداث تمرد دموية في منطقة الساحل السوري، وألقت السلطة السورية الجديدة بالمسؤولية عنها، على فلول نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، ويمثل التوقيع على الاتفاق دفعة لسلطة الحكم الانتقالي، التي يتولاها أحمد الشرع، ويعزز من فرصها في العبور بسلام من المرحلة الانتقالية.
وكان مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، قد قال في تدوينة له على منصة "إكس"، بعد التوقيع على الاتفاق "في هذه الفترة الحساسة، نعمل سويا لضمان مرحلة انتقالية تعكس تطلعات شعبنا إلى العدالة والاستقرار. نحن ملتزمون ببناء مستقبل أفضل، يضمن حقوق جميع السوريين، ويحقق تطلعاتهم في السلام والكرامة. ونعتبر هذا الاتفاق فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة تحتضن جميع مكوناتها، وتضمن حسن الجوار".
وعلى مستوى الشارع في سوريا، بدا واضحا ابتهاج السوريين من الأكراد، وغير الأكراد بالاتفاق، فيما يعكس رغبة في حياة مستقرة، وبينما عمت الاحتفالات مدن المنطقة الشرقية، مثل دير الزور والحسكة والرقة، شهدت دمشق وحماة وحمص واللاذقية أيضا مزيدا من الاحتفالات .
على مستوى التأثير الإقليمي للاتفاق، فإنه يقطع الطريق أمام محاولات قوى إقليمية، على رأسها إسرائيل، لإثارة القلاقل في سوريا، بهدف عرقلة مسيرة الدولة الجديدة، ولم تخف إسرائيل أبدا، رغبتها في استخدام ورقة الأقليات في سوريا، من أجل تقسيم البلاد، وعرقلة مسيرة الدولة الجديدة وإضعافها، فمنذ اليوم الأول للإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد، لم تتوقف إسرائيل عن هجماتها على الاراضي السورية.
عوامل أنضجت الاتفاق
يعتبر مراقبون أن هناك العديد من العوامل، التي أنضجت هذا الاتفاق في هذا التوقيت، وعززت حاجة الطرفين لتوقيعه، ويمثل الواقع العسكري الجديد، في مناطق سيطرة الأكراد شرق سوريا، أهم العوامل ففي ظل تأكد خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسحب كل القوات الأمريكية من سوريا، وهي التي تمثل الداعم الأكبر لقوات سوريا الديمقراطية، وجدت تلك القوات نفسها تحت قلق وضغوط كبيرة، بين مخاوف الانسحاب الأمريكي من جانب وتعزيز تركيا لضغوطها العسكرية عليها من جانب آخر.
ويبدو أن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الرامية إلى الانسحاب من المنطقة، باتجاه تعزيز الجهود الأمريكية، لجبهة أخرى هي الجبهة الصينية، قد أتت أكلها، في ظل حديث عن وافق أمريكي - تركي في عهد ترامب يستهدف تسوية القضية الكردية.
غير أنه ورغم التفاؤل الكبير، تجاه الاتفاق داخل سوريا، وماقيل عن إسهامه في تحسين علاقات الدولة السورية الجديدة، بالقوى الغربية، فإن بعضا من المراقبين للشأن السوري، يرون أن هناك نقاطا خلافية، ماتزال قائمة، وأن بنود الاتفاق، ربما ضمت فقط خطوطا عريضة، للحيلولة دون تقويضه، ويضع المراقبون علامات استفهام، أمام قبول كل قيادات سوريا الديمقراطية، بالاتفاق كما يضعون علامات استفهام، أمام قبول تلك القيادات، بإعادة انتشار قواتها ضمن جغرافيا الدولة السورية وعدم اصرارها على التمسك بالمناطق التي سيطرت عليها لفترة طويلة، وكذلك قضية وجود عناصر غير سورية بين صفوفها.
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 12 آذار/ مارس.
خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب