آخر الأخبار

كيف يعيش السوريون المتضررون بعد عامين على الزلزال المدمر؟

شارك

دمشق- "تغلغل الخوف إلى داخلي ولم أستطع النوم وكأن هذه الليلة هي نفسها التي مرت علينا منذ عامين، وكأن التفاصيل نفسها، كانت السماء ماطرة وشعرت أن ساقي التي بترت ما زالت موجودة ولكن لا أستطيع الوقوف عليها"، بهذه الكلمات وصفت السيدة عزيزة اليسوف الذكرى الثانية للزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 فبراير/شباط 2023.

تنحدر اليسوف من مدينة القريتين في حمص، وهُجّرت قبل الزلزال بـ5 سنوات بسبب نظام الأسد المخلوع إلى ريف إدلب، وتنقلت إلى عدد من المناطق حتى استقرت في قبو تعلوه 4 طوابق من الشقق السكنية بمدينة حارم غربي إدلب.

وفي حديث للجزيرة نت، قالت اليسوف إنها فقدت أولادها الأربعة أحمد (17 عاما)، وأمامة (14 عاما)، وملك (12 عاما)، وإسراء (9 أعوام)، وإن ساقها اليسرى بترت بعد ساعات قضتها تحت الأنقاض مع أبنائها حتى وصل الدفاع المدني إليها وأنقذها مع ابنتها الصغرى أسيل (5 سنوات) الوحيدة التي نجت من الموت.

مأساة عالقة

أصبحت أسيل سند والدتها عزيزة ومساعدتها في حركتها بعد أن بُترت ساقها، ولا تزال تستخدم المسند الحديدي حتى تستطيع التنقل للقيام بأعمال المنزل الذي حصلت عليه من "فريق ملهم التطوعي" ضمن مشروع الهلال السكني في غرب إدلب.

إعلان

ولفتت عزيزة إلى أنه رغم مرور عامين على الزلزال فإنها ما زالت تتذكر اللحظات التي مرت بها، وأن تلك المأساة لا تزال عالقة في ذاكرتها، والصوت الذي خرج من الأرض محفور في ذاكرتها بقوة "فعندما أسمع صوت سيارة أو دراجة نارية أرتعب".

ولا تزال عزيزة تشعر أن ساقها التي بُترت تهتز وما زالت موجودة، وفي بعض الأحيان يغيب عن ذاكرتها أنها بدون رجل فتريد الوقوف، ولكن سرعان ما تسقط ولا تستطيع ذلك إلا بعد وضع الطرف الصناعي الذي تجد صعوبة في استعماله حتى اليوم، كما تضيف.

مصدر الصورة عزيزة مهجرة من حمص إلى إدلب فقدت ساقها و4 أبناء في الزلزال المدمر (الجزيرة)

وما زال متضررو الزلزال في سوريا يعيشون المعاناة في ظل نقص الاستجابة في تأمين السكن والحاجات الإغاثية إلا عبر بعض المبادرات من قبل بعض الفرق والمنظمات والجمعيات، خاصة مع تخفيف الدعم الذي مر به الشمال السوري قبل سيطرة إدارة العمليات العسكرية على دمشق.

وطالبت عزيزة بتأمين الخدمات الضرورية في قرية الهلال التي بناها "فريق ملهم التطوعي" في أطراف مدينة حارم -والتي حصلت على شقة سكنية فيها- و"التي ما زالت غير متوفرة فيها، وعلى رأسها الكهرباء ومدرسة ونقطة طبية".

ووفقا لها، يحتاج الأطفال في القرية إلى قطع مسافة قرابة 3 كيلومترات للوصول إلى أقرب مدرسة، كما أنه في أي حالة مرضية أو إسعافية يجب قطع مسافة نحو 4 كيلومترات للوصول إلى النقطة الطبية، علما أن معظم سكان القرية من المصابين في الزلزال.

نقص الخدمات

بدوره، قال بدر اليوسف -الذي يسكن في القرية ذاتها وهو من متضرري الزلزال- للجزيرة نت إن الكهرباء عصب الحياة، وإنهم يعانون بشكل كبير لفقدانها، كما يحتاجون إلى مسجد، خاصة مع اقتراب شهر رمضان لأداء الصلوات، وإلى الدعم الإغاثي لأن معظم السكان يعانون من إصابات بتر أو كسور.

وسعت العديد من منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية إلى بناء عدد من القرى السكنية لنقل متضرري الزلزال إليها، وكان من بينها "فريق ملهم التطوعي" الذي بنى نحو ألف شقة سكنية في مناطق حارم وأرمناز وباريشا وإعزاز في شمال غربي سوريا.

إعلان

وفي حديث للجزيرة نت، قال مدير مكتب الفريق في إدلب عبد الله السويد إنه تم إطلاق حملة "قادرون" بعد أسابيع من الزلزال المدمر في تركيا وسوريا لجمع مبالغ مالية من أجل بناء شقق سكنية للمتضررين، خاصة في المناطق الأكثر تضررا، مثل حارم، وأرمناز شمال غربي إدلب، وإعزاز شمالي حلب.

مصدر الصورة قرية الهلال السكنية غربي إدلب تؤوي متضررين من زلزال تركيا وسوريا المدمر (الجزيرة)

وحسب السويد، توزعت المشاريع السكنية كالآتي:


* قرية الهلال تضمنت 340 شقة سكنية بنظام طابقي مؤلف من 3 و4 طوابق.
* مشروع أرمناز السكني ضم أيضا 340 شقة سكنية طابقية.
* مشروع باريشا السكني يحتوي على نحو 100 شقة سكنية.
* مشروع إعزاز السكني يضم أكثر من 100 شقة سكنية.

وأشار السويد إلى أن هذه المشاريع السكنية مجهزة بخدمات الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب والكهرباء والمدارس والمساجد والحدائق والملاعب، وأنه يتم بالدرجة الأولى تجهيز الشقق لتسريع نقل العوائل إليها، وبالتالي تكملة تجهيز البنى التحتية فيها تباعا، مثل المدارس والنقاط الطبية والمساجد.

مصدر الصورة السويد أعلن الاستعداد لتسليم مشروعي أرمناز وإعزاز السكنيين قريبا (الجزيرة)

مشاريع مقبلة

ووفق مدير مكتب "فريق ملهم التطوعي"، فإنه بعد تسليم الشقق لمتضرري الزلزال في مشروعي حارم وباريشا يستعدون الآن لتسليم المشروعين الثالث والرابع أرمناز وإعزاز خلال فترة قريبة جدا، لتخفيف الأعباء على المتضررين من الزلزال الذين فقدوا منازلهم وكل ما يملكون تحت الأنقاض.

وأوضح أن كل المناطق التي تم فيها بناء قرى سكنية كانت بالتنسيق مع الحكومة في إدلب حينها من أجل اختيار المكان الأنسب لإنشاء هذه الضواحي الجديدة، وكيفية تنسيق الخدمات الأساسية فيها بالتوازي مع الأحياء القريبة منها، مثل المدارس والنقاط الطبية والمساجد.

أما عن مشكلة الكهرباء التي كانت المطلب الأساسي لسكان قرية الهلال فقال السويد إن إيصالها إلى القرية يتم بالتنسيق مع شركة الكهرباء، ولكن بسبب الضغط عليها يتم التأجيل حتى الآن، وهناك خطة لإتمام هذه الخدمة فيما يتوافق مع الظروف الحالية التي تمر بها سوريا.

إعلان

وتسبب الزلزال المدمر -الذي ضرب فجر 6 فبراير/شباط 2023 جنوبي تركيا وشمالي سوريا- في مقتل 5914 سوريا، إضافة إلى مقتل 53 ألفا و537 تركيا.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار