في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
عقب 3 أيام فقط من الإعلان عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، أدى عدد من الحاخامات من حركة يهودية تطلق على نفسها اسم حباد صلوات وطقوسا تلمودية في قرية حضر الواقعة في المنطقة العازلة بمرتفعات الجولان بين إسرائيل وسوريا.
وأكد الموقع الرسمي لهذه الحركة اليهودية المتطرفة، في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن مجموعة من أتباعها أدوا صلواتهم مع أطفالهم في الأراضي السورية التي سيطرت عليها القوات الإسرائيلية مؤخرا.
تعتبر "حباد" واحدة من أكبر الحركات الحسيدية (اليهودية الأرثوذكسية) المعروفة حول العالم، بل أكبر وأقدم منظمة يهودية، فقد تم تأسيسها على يد الحاخام شنيؤر زلمان ملادي عام 1788.
ونشأت في بيلاروسيا في قرية لوبافيتش، ثم انتقلت إلى لاتفيا، ومنها إلى بولندا، ثم إلى مدينة بروكلين بنيويورك الأميركية، عام 1940، حيث يقع مقرها الرئيسي.
و"حباد" اختصار عبري لما يسمونه القدرات الفكرية الثلاث "الحكمة، الفهم، المعرفة" تزعم الحركة اهتمامها بالحاجات الروحية والمادية لجميع اليهود حول العالم، وتعمل على تعزيز ارتباطهم بطقوس اليهودية وعقيدتها، بحسب موقعها الإلكتروني.
ويؤكد الموقع نفسه أن حباد تعد "القوة الأكثر ديناميكية في الحياة اليهودية اليوم" وهي عبارة عن "فلسفة وحركة وتنظيم" في آن واحد.
وتداولت وسائل الإعلام الإسرائيلية فيديو يظهر فيه مجموعة من أتباع حباد يتلون سفر "هتانيا" وهو النص الديني الذي أسسه مؤسس الحركة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أكد موقعهم الإلكتروني أن هذه الواقعة عدت سابقة تاريخية، خاصة مع إعلان اليهود إقامة أول بيت لـ"حباد" داخل الأراضي السورية، وتحديدا قرية حضر الواقعة بريف القنيطرة الشمالي.
وأكد اليهود -الذين تلوا سفر "هتانيا" داخل الأراضي السورية- أنهم جاؤوا ليحتلوا الأرض ويستقروا فيها بزعم أن أنها كلها لهم.
واستغلت إسرائيل إسقاط نظام الأسد وأعلنت انهيار اتفاقية فصل القوات لعام 1974، ووسَّعت هيمنتها على هضبة الجولان باحتلال المنطقة العازلة.
ويعيش بالجولان حوالي 50 ألف نسمة، نصفهم من المستوطنين اليهود ونصفهم من الدروز والعلويين وغيرهم، وفق صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
ويضم الجولان المحتل مجلسا محليا يهوديا يسمى كتسرين والمعروف باسم "عاصمة الجولان" ويضم 7700 مستوطن، كما توجد 33 مستوطنة أخرى مدمجة فيما يسمى بالمجلس الإقليمي للجولان.
من هنا، فقد أعرب اليهود عن سعادتهم الغامرة بإعلان إقامة بيت حباد في سوريا، حيث يظهر الحاخام شالوم بير هرتزل أحد سكان هضبة الجولان في شريط الفيديو يتحدث عن ذلك، واصفا المشهد بالتاريخي.
ويتبنى المستوطنون بالضفة والقدس المحتلتين أفكار الحركات اليهودية والصهيونية وينفذونها على الفلسطينيين بزعم أنهم "مجرد خدم لليهود" وهذا أحد أهم أسس حباد.
ويؤكد المفكر وعالم الاجتماع المصري الراحل عبد الوهاب المسيري بموسوعته " اليهود واليهودية والصهيونية" أن أعضاء حباد يعتبرون أن الحاخام مناحيم مندل سكهنيرسن (1902-1994) أحد أبرز الشخصيات اليهودية بالقرن العشرين.
ويعتقد الكثيرون من أتباع حباد أن سكهنيرسن هو "المسيح المنتظر" وبعضهم لا يعترف بموته الجسدي.
وتنتشر حباد حاليا في أكثر من 110 دول إلى جانب الولايات المتحدة، حيث أشارت القناة 10 الإسرائيلية، في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2024، أن المئات من اليهود من أنحاء العالم انضموا إليها خلال العام الماضي فقط إضافة إلى 100 يهودي داخل إسرائيل وحدها.
ويبلغ عدد فروع الحركة أو ما تطلق عليه "البيوت الدينية" حوالي 3500 فرع حول العالم، تقدم ورش عمل خاصة بالديانة اليهودية، وتقيم الدروس والمحاضرات، وتدعي أن اهتمامها ينصب على الحاجات الروحية والمادية لجميع اليهود.
أعلن جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تبرعه وشقيقه بمليوني دولار للحركة عقب قتل العضو الحاخام تسيفي كوغان في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في دبي، وهذا الإعلان أعاد تسليط الضوء على حباد المتشددة.
وبحسب القناة السابعة الإسرائيلية، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فإن إعلان كوشنر ربما يعيد التأكيد على مدى العلاقة القوية بين عائلة كوشنر المتشددة دينيا وبين حباد.
وفي هذا السياق، لا يمكن نسيان أن كوشنر شارك في صياغة "صفقة القرن" مع صهره عام 2020، ليتبين مدى تأثر أو ارتباطه بـ"حباد" وعلاقة الأخيرة بخروج تلك الصفقة.
وأكد مركز الدراسات الأمنية التابع لجامعة تل أبيب، بدراسة نشرت في يناير/كانون الثاني 2020، أن كوشنر "التقى قادة الأحزاب الصهيونية، قبيل صياغته لصفقة القرن".
وتقضي الصفقة باستمرار السيطرة الإسرائيلية على معظم الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وضم الكتل الاستيطانية الضخمة إلى إسرائيل وبقاء مدينة القدس موحدة تحت السيادة الإسرائيلية.
ويشير الموقع الرسمي لـ"حباد" إلى رفضها فكرة التنازل عن الأرض مقابل السلام، بل هي تشكك في إمكانية التوصل إلى سلام بين إسرائيل والعرب.
وتدعى هذه الجماعة المتطرفة أن الحفاظ على حيازة الأراضي التي احتلت في حرب عام 1967 ضروري ليس فقط لمنع الهجوم، ولكن للحماية من "الإرهاب".
لذلك فأعضاء الحركة يدعون إلى البقاء في البلدات التي دخلها الجيش الإسرائيلي وسيطر عليها بالجولان والمنطقة العازلة.
وفي السياق ذاته، احتلت إسرائيل في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي قرية جملة بمحافظة درعا وقريتي مزرعة بيت جن ومغر المير التابعتين لمحافظة ريف دمشق.
كما أعلن أعضاء من حباد إعلان إقامة أول بيت في سوريا لهذه الحركة المتطرفة، وقد رفع أحد جنود الجيش الإسرائيلي لافتة حباد على منزل فلسطيني في بلدة بيت حانون شمال القطاع معلنا إقامة أول "بيت" لها في غزة.
وأشارت القناة 14 الإسرائيلية، في 6 ديسمبر/كانون الثاني 2023، إلى أن بعض جنود الجيش رفعوا لافتة مكتوبة بالعبرية والإنجليزية تقضي بإقامة هذا البيت.
ولفتت القناة نفسها إلى أن الجنود التابعين لـ"حباد" رفعوا راياتها هناك وقاموا بأنشطة مختلفة في غزة، مثل أداء صلوات تلمودية وتوزيع الكعك وحمل الشمعدان اليهودي، مضيفة أن الحركة نادت باستيطان القطاع الفلسطيني.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل -منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 156 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.