في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي، تُعقد اليوم الجلسة البرلمانية 13 التي قد تضع حدًا لحالة الجمود السياسي في لبنان. جلسة ليست مجرد محطة دستورية، بل اختبار حقيقي لقدرة النظام السياسي على مواجهة التحديات وإعادة ترميم الثقة الداخلية والخارجية، وسط أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة.
في ظل انسحاب الثنائي الشيعي من دعم سليمان فرنجية، برز قائد الجيش العماد جوزيف عون كمرشح توافقي، مع تزايد الإجماع حوله.
يُعتبر العماد عون شخصية تحظى باحترام واسع داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، وقد وصفه النائب فراس حمدان خلال حديثه لسكاي نيوز عربية بأنه "رجل المرحلة" الذي يتحمل مسؤوليات جسيمة في إعادة بناء الدولة وتنفيذ الإصلاحات.
الانتخابات الرئاسية.. إرث من الاستثنائية
يشير الصحفي والكاتب نقولا ناصيف إلى أن تاريخ الانتخابات الرئاسية في لبنان، منذ استقلاله عام 1943، كان استثنائيا في معظم الأحيان. من أصل 13 انتخابا، لم يُجرَ سوى انتخابين عاديين دون تدخلات خارجية أو أزمات داخلية.
ويرى ناصيف أن التحولات التي فرضها اتفاق الطائف جعلت الاستثنائية هي القاعدة، حيث بات انتخاب الرئيس محكومًا بالتوازنات الإقليمية والدولية.
ويضيف ناصيف أن الرئيس الجديد يجب أن يكون رمزًا جامعًا لكل اللبنانيين، مع التأكيد على دوره كحَكم بين القوى السياسية لا كطرف في النزاعات.
تحديات ما بعد الانتخابات
النائب فراس حمدان يرى أن الأزمة اللبنانية الراهنة ليست مجرد أزمة سياسية، بل أزمة نظام بأكمله. ويؤكد أن انتخاب رئيس الجمهورية يمثل "مدخلًا للحل"، لكنه ليس الحل النهائي.
ويشدد حمدان على أهمية تشكيل حكومة جديدة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والإدارية، ومعالجة التداعيات الكارثية للأزمة المالية التي تسببت في انهيار قيمة الليرة اللبنانية، وارتفاع نسب البطالة والفقر.
الدور الإقليمي والدولي
تلعب المتغيرات الإقليمية دورا حاسما في مسار الانتخابات الرئاسية. فالتحولات في سوريا، وتأثير الحرب الإسرائيلية الأخيرة، ومواقف الدول المؤثرة مثل فرنسا والولايات المتحدة وإيران، كلها عوامل تضغط باتجاه تسوية سياسية تفضي إلى انتخاب رئيس جديد.
ويرى ناصيف أن التوافق الدولي حول دعم العماد جوزيف عون يعكس رغبة في استقرار لبنان كجزء من التوازنات الإقليمية الجديدة.
انهيار التحالفات التقليدية
شهدت الأشهر الأخيرة تغيرات جذرية في الخارطة السياسية اللبنانية. انسحب الثنائي الشيعي من دعم سليمان فرنجية بعد فشل رهاناته، وبدأت قوى المعارضة في البحث عن مرشح توافقي. وهنا يقول حمدان إن الاصطفافات السياسية التقليدية تعرضت لتصدعات كبيرة، مما يفتح الباب أمام تغيير تدريجي في الطبقة السياسية.
الانتخابات كاختبار للنظام السياسي
رغم أهمية انتخاب رئيس جديد، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع النظام السياسي الحالي تجاوز أزماته البنيوية؟.. يشير حمدان إلى أن الأنظمة السياسية التقليدية التي قامت على المحاصصة والفساد انتهكت الدستور وأغرقت البلاد في التبعية الخارجية.
ويؤكد أن لبنان بحاجة إلى نظام جديد يُبنى على أسس الشفافية والكفاءة، مع تجاوز الصراعات الطائفية.
اللبنانيون يترقبون جلسة 9 يناير بآمال ممزوجة بالحذر، فهل يكون العماد جوزيف عون نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة تعيد للدولة هيبتها وتضع حدًا للتدهور الاقتصادي؟ أم أن الصراعات السياسية ستُعيد المشهد إلى المربع الأول؟.
ما هو مؤكد أن لبنان يقف اليوم أمام فرصة تاريخية، لكن النجاح يعتمد على قدرة القوى السياسية على التخلي عن مصالحها الضيقة والعمل على إنقاذ البلاد من أزمتها الوجودية.